متي يكون التعلق مرضا يؤذيك؟

التعلق المرضي
تفتح عيناك كل يوم على هاتفك… تضعه جانبًا فهو لا يحمل لك ما تريده. يمر اليوم بتفاصيله المعتادة لكن ينقصه شيء! تمسك كتابا ولكن لا تستوعب كلماته التي تمر عليها. فعقلك قد وجه تركيزه في تلك الحرب “يعني أنا مش مهمة؟ مجتش على باله النهاردة”. ومن ثم تبدو الحياة دون معنى حتى ولو لبضعة ساعات. الأمر بسيط، تكفيك رسالة أو مكالمة واحدة فقط. إنه مرض أصابك وجعلك عاجزًا عن ممارسة روتين حياتك بشكل طبيعي دون وجود أشخاص محددة:إنه “التعلق”.
“التعلق المرضي”، عرفه الخبراء النفسيون أنه نمط من السلوك تجد نفسك فيه معتمدًا على استحسان شخص آخر لتقديرك ولهويتك، ويصبح هدف الحياة الأساسي هو تقديم تضحيات شديدة لتلبية احتياجات شريك حياتك.
قال سكوت ويتزلر، أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية ألبرت أينشتاين للطب، إن العلاقات المعتمدة على درجة من التشبث غير الصحي، لا يتمتع فيها أي الطرفين بالاكتفاء الذاتي أو الاستقلال الذاتي.
يمكن لأي شخص أن يعاني من “التعلق المرضي”، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين لديهم آباء أساءوا معاملتهم عاطفيًا أو أهملوهم في سن المراهقة هم أكثر عرضة لدخول تلك العلاقات السامة.
كيف تعرف أنك تعاني من “التعلق المرضي”؟
وفقا لموقع “Psychology Today”، يمكن لإجابة هذه الأسئلة أن تكون دليلا لتحديد ما إذا كنت متعلق بشريكك بشكل مرضي أم لا:
1- هل تقوم بتقديم تضحيات شديدة لتلبية احتياجات شريك حياتك؟
2- هل من الصعب أن تقول لا عندما يطلب شريكك مطالب من وقتك وطاقتك؟
3- هل تتغاضى عن مشاكل شريك حياتك الأخلاقية؟
4- هل تنسحب من الحياة العملية للتفكير بشريكك؟
5- هل تلتزم الصمت لتجنب الحجج؟
6- هل تلجأ إلى شريكك على أنه الوحيد الذي يهتم بك؟
7- هل تشعر بالخوف عندما يتركك شريكك؟
أشار خبراء العلاقات لـ8 علامات مهمة نشرها موقع “بيزنيس إنسايدر”، تشير إلى أنك تعاني من التعلق المرضي بشريكك وهي:
1. تبدأ في سد نقاط الضعف في العلاقة
2. تريد إصلاح شريك حياتك
3. تفقد كل ما تبذلونه من الحدود
4. لا تشعر بأن لديك حياة مستقلة خاصة بك
5. تحتاج إلى طلب الموافقة أو الإذن
6. تبحث دائما عن الاطمئنان
لقد صنف التعلق المرضي من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي على أنه إدمان، فقد يصيبك هذا التعلق بأضرار نفسية مثل زيادة التوتر والقلق والاكتئاب، كما يؤثر على الصحة البدنية، والحياة العملية والاجتماعية بشكل سلبي. وتعد النساء هن الأكثر عرضة للإصابة بالتعلق العاطفي المرضي عن الرجال وفقا لمراكز “Love Addiction Treatment”
حقائق أخرى عن التعلق العاطفي المرضي
1- يمكننا أن نجد التعلق المرضي بين الأصدقاء والوالدين وأطفالهم.
2- في كثير من الأحيان، تتضمن العلاقة الإساءة العاطفية أو الجسدية.
3- مثل أي مشكلة صحية أو عقلية أو عاطفية، يتطلب العلاج وقتًا، ذلك بالإضافة إلى مساعدة الطبيب.
كثيرًا ما نرى علاقات بين الوالدين وأطفالهم، خاصة بين الأم وطفلها، بها تعلق وتشبث غير طبيعي. فلا يترك الطفل أمه بعيدة لدقائق حتى يبدأ وصلة بكاء هيستيري. تبدأ علاقة الأم وطفلها منذ اللحظة الأولى التي تعرف أنه يتكون في أحشائها. يكبر بداخلها هذا التعلق مع الولادة ثم وهي تراه يكبر كل يوم عن الذي سبقه.
ومع دخول الطفل في مرحلة الانفصال عن أمه (بين 9-18 شهراً)، قد يواجه مشكلة التعلق المرضي، خاصة إذا أساءت الأم التعامل معه هذه الفترة. ثم يبدأ في الشعور بالخوف والقلق، عند حدوث تغيير في النمط الذي تعود عليه.
وهنا يجب على الأم أن:
1- تترك الطفل يتعرف على الأشخاص الأخرين كجدته أو أقاربه، أو صديقاتها.
2- تحاول اصطحاب الطفل معها عند الخروج قدر الإمكان.
3- تعزز استقلالية الطفل
4- تشجع الطفل على تكوين العلاقات الاجتماعية وكسب الأصدقاء الجدد.
غالبًا، ترجع مشكلة التعلق عند بعض الأشخاص لما عانوه من مشاكل مع الوالدين في مرحلة الطفولة أو المراهقة. وربما تمت تربيتهم على أن احتياجاتهم الخاصة كانت أقل أهمية من احتياجات آبائهم، أو أنها ليست مهمة على الإطلاق. وبالتالي يتعلم الطفل تجاهل احتياجاته الخاصة ويفكر فقط فيما يمكن أن يفعله للآخرين في جميع الأوقات.
التعلق حاجز نفسي وهمي
إذا كنت تعاني من هذه الدلائل التي ذكرناها، وتعيش تلك الحالة التي تأسرك وتصنع لك حاجزا نفسيا وهميا بينك وبين الحياة، فلا تستطيع أن تعيش في الحياة من دون أفراد معينين، كما تجد صعوبات في تقدير ذاتك، وتلجأ لهؤلاء الآخرين لأنك تشعر بأنك لا تستطيع أن تتصرف بأمور تخص حياتك من دون وجود هؤلاء المقربين منك.
إذا فعليك أن تعرف جيدًا، أن كل شخص مصاب بالتعلق المرضي هو في الأصل غير متصالح مع ذاته. لا يشعر بسلام داخلي تجاهها، ولا يندمج معها ولا يقدرها. فيهرب منها إلى الآخرين، متلهفًا إلى كلماتهم ومدحهم اللحظي: مما يساعده على تجاهل ذاته الحقيقية، والاستمرار في الفرار منها أكثر فأكثر.
لذلك عليك أن تحب نفسك، على ما هي عليه، وتأخذ أول خطوة لتوطيد علاقتك بذاتك بالمواجهة، وتعرف نقاط ضعفك، وتعمل على إصلاحها. ثم تعلم كيف تتصالح مع ذاتك… تتقبلها دون أن تجلدها: أن تسامح نفسك وتغفر لها الأخطاء… أن تتعلم من التجارب التي مررت بها، أن تعيد تشكيل نفسك بنفسك، ولا تنتظر من أحد دعمًا أو ثناءًا. وحينها ستصل إلى التوازن النفسي الداخلي.