لماذا يجب أن تحتفل بالنجاحات الصغيرة؟

عندما نقع في بعض الأخطاء الصغيرة، أو نخفق في إنجاز أمر ما، عادة ما نلوم أنفسنا بشدة، وهذا يشكل عبئا كبيرا علينا قد لا نتحمله.
أما إذا ما قمنا بأشياء بسيطة حققنا بها نجاحات صغيرة في حياتنا فإننا لا نلتفت لها، ولا نحتفل بتحقيق تلك النجاحات.
وفي حقيقة الأمر، إن النجاحات الكبيرة ما هي إلا سلسلة من النجاحات الصغيرة، قادت الفرد لتحقيق الإنجاز والتميز، وإلى الاحتفال بها وتعظيمها في أنفسنا. ويدفعنا ذلك إلى الأمام ويحمسنا من أجل إنجاز المهمة الرئيسية.
شرطة ريتشموند والنجاحات الصغيرة
بالحديث عن طريقة تعظيم النجاحات الصغيرة والاحتفاء بها، يجب أن نلقي نظرة تجربة قسم الشرطة في “ريتشموند” بكندا، فهي بحق تجربة رائدة تستحق الدراسة، حيث قرر رجال الشرطة هناك تطبيق طريقة مبتكرة للقضاء على الجريمة، فابتكروا ما يعرف بـ”تذاكر الإيجابية”، وأعطوها مكافأة للشباب الذين يقودون السيارات متبعين قواعد الأمن والسلامة، وغيرهم الذين ينظفون الشوارع ولا يرتكبون الجرائم.
وتشمل التذاكر مكافآت مثل الهامبرجر، أو تذاكر السينما، أو فرصة لحضور مباراة لفريق الهوكي المحلي.
وبدلا من استخدام أفضل الممارسات التقليدية مثل وضع قوانين أكثر صرامة، ووضع أحكام أقوى، قررت الإدارة تكريس جهود كبيرة للقضاء على السلوك الإجرامي حتى قبل حدوثه، وهو ما تحقق لها بشكل كبير.
قبل اتباع هذا النهج، كان معدل العودة للإجرام في المقاطعة 65%، وكانت المقاطعة تشهد معدلات متصاعدة من جرائم الشباب، حيث أصبح سباق الدراجات النارية والسيارات في الشوارع ممارسة شائعة، وكانت الشرطة تتوقع حدوث أربع وفيات كل عام بسبب ذلك.
أما الآن، وبحسب موقع patrikedblad، انخفضت معدلات العودة للإجرام إلى 5 في المئة (وهذا معدل نجاح كبير جدا نسبته 95 في المئة). ففي السنوات الثمانية الماضية، لم يكن هناك عدد مهول من “سباق الشوارع”، كما انخفضت جريمة الشباب إلى النصف.
لماذا يجب أن تحتفل بالنجاحات الصغيرة؟
بينت دراسة أجرتها الباحثة تيريزا أمابيل من كلية هارفارد للأعمال كيف يمكن للحياة اليومية داخل المنظمات أن تؤثر على الناس وأدائهم، حيث قامت هي وشركاءها بتصميم وتحليل ما يقرب من 12000 إيميل من 238 موظفا في سبع شركات، وبتحليل النتيجة وجدوا أن الاحتفاء بالانتصارات الصغيرة كل يوم يعزز حافز العمل، فبمجرد تسجيل التقدم بطريقة أو بأخرى ساعد هذا على تعزيز الثقة بالنفس. ويمكن استخدام هذا الأسلوب لتحقيق النجاحات المستقبلية.
كيف يكافئنا دماغنا بالنجاحات الصغيرة؟
هناك علم وراء عملية التفكير في النجاحات الصغيرة، فنحن عندما ننجز شيئا ما، نقوم بتنشيط مركز المكافآت في أدمغتنا، مما يسمح لنا بالشعور بالفخر على وجه التحديد.
يتم إطلاق الدوبامين الكيميائي العصبي وينشطنا بمشاعر طيبة، حيث تساعد هذه المادة الكيميائية على الشعور بالمكافأة، ويمكنها تحفيزك وخلق رغبة بداخلك تدفعك إلى السعي في تحقيق المزيد.
احتفل بالنجاحات الصغيرة
مفتاح النجاح هو إدراكك أن أهدافنا الكبيرة لن تحدث بين عشية وضحاها، ولا في الأسبوع المقبل، ولا حتى العام المقبل، ربما، ولكن هذا لا بأس به، فالإنسان بطبيعة الحال يميل إلى التركيز على الأهداف النهائية، بدلا من الخطوات الصغيرة المهم اتخاذها للوصول إلى ذلك الهدف.
هذا هو السبب من أهمية اعترافنا بالنجاحات الصغيرة وأن نقوم بالاحتفال بها. لأننا إن لم نقم بذلك سنقع في مشكلة كبيرة وهي التقليل من الدافع الذي يبقينا على الطريق الصحيح، لذا من المهم التأكد من احتفالك بأهدافك الصغيرة على طول الطريق.
سر العادات الناجحة
الأمر كله يتعلق بفهم أهمية اللحظة الراهنة، فنحن نميل إلى استغلال اللحظة الحالية في أمور تافهة. إنا لا نعتقد أن الأشياء الصغيرة التي نقوم بها في الوقت الراهن تضيف إلينا شيئا في طريق هدفنا الأساسي، لذا يجب أن نتعود على النظر إلى اللحظة الحالية وكأنها آخر لحظاتنا حتى نفعل فيها كل ما هو مفيد.
4 نصائح تخص تحقيق النجاح
الخطوات الصغيرة التي نتخذها تحتاج إلى أن يعترف بها وأن تقدر، فالقدرة على مكافأة أنفسنا والاحتفال بالانتصارات الصغيرة هو مفتاح النجاح في الحياة.
- تقسيم الأهداف الكبيرة إلى أهداف أصغر
لا تركز على الصورة الأكبر فقط وتنسى التفاصيل الصغيرة التي تكونها، لذلك قسم هدفك الكبير إلى مجموعة من الأهداف الصغيرة القابلة للتحقيق، حتى تسمح لك برؤية تقدمك بشكل أكثر وضوحا، وتحمسك على المضي قدما في مشوارك.
2. كافئ نفسك بتحقيق الأهداف الصغيرة
كافئ نفسك كلما حققت نجاحا صغيرا، فهذا الأمر مهم جدا لمعنوياتك، وسيكون محفزا لك بشدة.
3. دَوِّن تقدمك
تدوين التقدم الذي تحرزه في طريق تحقيق هدفك المنشود سيذكرك دوما أنك تسير على الطريق الصحيح، ويرفع من روحك المعنوية بشكل كبير. ففي بعض الأحيان قد تستسلم للشعور باليأس لأنك لا تدرك مدى اقترابك من النجاح، كما لا تتذكر ما قمت به.
اكتب كل الانتصارات الصغيرة في ورقة أو على “نوتة” في هاتفك، فإن رؤيتها مكتوبة وإدراك ما حققته من نجاح يمكن أن يكون مكافأة في حد ذاته.
4. غير منظورك
في بعض الأحيان، عندما نركز كثيرا على الهدف النهائي، يمكن أن يبدو الوصول إليه بعيدا جدا، وهو ما يسبب الإحباط.
تخيل أنك قد نويت الوصول إلى قمة جبل إيفرست ثم أخذت تنظر إلى القمة وأنت على الأرض في الأسفل، ستجد أن الأمر صعب جدا، أما إذا فكرت في هدف صغير وهو صعود جزء من الجبل أولا ثم الجزء الذي يليه، سيصبح الأمر أسهل بالنسبة لعقلك.
عود نفسك على الاحتفال بكل أمر أنجزته لأنه يعني لك أنت الكثير وأنت فقط من يمكنه الاحتفال به. الاحتفال بأقل الإنجازات سيتيح للأكبر منها الطريق وسيحفزك ويزيد من رضاك في عالم يصعب فيه ذلك، لذا لا تستكثر هذا على نفسك.