ثقافة العلاقات

فن التعامل مع الزملاء في العمل

إذا كنت تعمل ثماني ساعات في اليوم لخمسة أيامٍ في الأسبوع، فأنت تقضي في العمل 40 ساعة في الأسبوع، و52 أسبوعًا في العام مما يعني أكثر من 2000 ساعة في العام مع زملاء العمل. هذا يتطلّب أن تُحافظ على علاقة متزنة وإيجابية معهم، فالتعامل مع زملاء العمل فن لا بدّ من إتقانه لتجنب حدوث أي سوء فهم في بيئة العمل. فالعمل يُجبرنا على التعامل مع الزملاء بشخصيات وتخصصات وبيئات وأفكار مختلفة، وهنا يكمن التحدّي في خلق علاقة مستقرة مع زملاء العمل وفق ضوابط معينة، بحيث تكون العلاقة صحيّة خالية من المشكلات. خاصة أنّه بإمكان بعض زملاء العمل أن يتسببوا بالأذى لزملائهم أو يكونوا غير متعاونين أو متسلطين! التعامل مع زملاء العمل في الأصل يكون لأجل إنجاز واجبات العمل والمهمات المطلوبة بالشكل الأمثل، لكن بالطبع يتعدّى الأمر أحيانًا حدود الزمالة ويُصبح صداقة خارج العمل أيضا.

أنواع زملاء العمل

قد تشعر أحيانًا أنّك لا تُطيق طريقة نقاش زميلك أو رأيه في الاجتماعات، وقد تشعر أنّك مجبر على التعامل مع شخص يُسبب لك الإحباط، لكن تذكر جيدًا أن الخلافات مع الزملاء أو عدم بناء علاقات مستقرة معهم قد يهدد بقاءك في العمل! وأبرز أنواع الزملاء الذين من الممكن أن تتعامل معهم:

  • المتحكّم والمسيطر: هو الزميل الذي يُحاول أن يفرض سيطرته على باقي الزملاء، وإعطاء الآخرين انطباعًا بأنّه أكثر معرفة منهم.
  • الكسول واللامبالي: هو الزميل الذي يوزع مسؤولياته على باقي الزملاء ويُنجز مهامه ببطء شديد.
  • الاجتماعي: الزميل الذي يتمتع بعلاقات جيّدة مع معظم زملائه ومع المدير، وحتى خارج أوقات الدوام.
  • المتذمّر: الزميل الذي يُكثر الشكوى من أيّ شيء في العمل، ويشعر زملاءه بطاقة سلبية معظم الوقت.
  • النمّام: هو من ينقل الكلام بين الزملاء بهدف الإيقاع بينهم، وينقل للمدير كل ما يحدث.
  • المحبوب: هذا الزميل محبوب من أغلب الزملاء، إن لم يكن من الجميع، لذلك فإنّ أي رأي سلبي تقدمه فيه قد يُكسبك عداوات من باقي الزملاء.

ضوابط التعامل مع زملاء العمل

في بعض الشركات الكبرى يقوم قسم الموارد البشرية بإجراء اختبارات شخصية لجميع الموظفين لتحديد أوجه الاختلاف بينهم، ومعرفة الفروقات التي قد تُسبب المشكلات في بيئة العمل. وعليه يجلسون الأشخاص المتوافقين في نفس المكتب أو المكان. وكي تكون العلاقة مع زملاء العمل مبنية على التنافس الشريف والاحترام المتبادل والتعاون، من الضروري خلق حالة من التوازن والحذر في التعامل معهم حتى لا نقع ضحية للمشكلات في بيئة العمل، ونتجنب بعض زملاء العمل الذين يحبون إثارة الفتن والمشاكل بين الزملاء، خاصة أنّ العلاقات السيئة مع زملاء العمل تؤثر على سير العمل والأداء الوظيفي، كما تؤثر على الحياة الخاصة وتجعل بيئة العمل سلبية. وفيما يأتي أهم ضوابط العمل مع زملاء العمل:

  • وضع حدود للتعامل والحديث مع الزملاء، وخاصة إذا كانوا من الجنس الآخر، ومراعاة آداب الحديث وعدم فتح مواضيع لا يجوز فتحها في العمل.
  • عدم التعامل بكثرة مع الزملاء الذين يُكثرون من التذمر والشكوى، لأنّهم يُسببون الشعور بالإحباط والطاقة السلبية، ويُشيعون جوًا مملًا في العمل.
  • تجنب الغيبة عن زملاء العمل أو الوشاية بهم للمدير أو نقل الكلام بينهم. والابتعاد عن القيل والقال تمامًا ، فالغيبة غير أنّها عادة سيئة ومؤذية تُسبب المشكلات.
  • التصرّف بذكاء والتفنن في وضع الحدود بينك وبين الزملاء. هذا لا يعني ألّا يكون لديك أصدقاء في العمل، لكن ليس من المفترض أن تكون قريبًا من جميع الزملاء بنفس الدرجة.
  • الطلب من الزملاء ألا يفتحوا مواضيع وأحاديث جانبية في وقت العمل، وترك الحديث لنهاية اليوم أو في الاستراحة. يمكن فعل هذا بعدّة طرق مثل: “لديّ الكثير من المهام، هل يمكن أن نُكمل الحديث فيما بعد؟”
  • تقديم المساعدة للزملاء بقدر المستطاع، وتفهمهم مع الالتزام بالضوابط. ومن الممكن اقتراح حلول للمشاكل، أو تصحيحًا لأخطاء ما.
  • التعامل بهدوء وتحفّظ مع الزميل المستفز، وتجنب الجدال معه.
  • احترام قدرات زملاء العمل وكفاءاتهم، وعدم توجيه الانتقاد لهم بشكلٍ مباشر أو جارح أو انتقادهم أثناء الاجتماعات وعلى مسمع من الجميع.
  • تقدير جهد الزملاء وعدم التقليل من شأنهم أو احتقار وظيفتهم، وعدم تعمّد تعطيل سير العمل. فبعض المهام تحتاج مثلًا منك أن ترد على البريد الإلكتروني أو أن تضع توقيعك على ورقة ما، وتأخيرك المتعمّد لهذا يُسبب تعطيل زميلك عن إنجاز عمله كما هو مخطط له.
  • التواضع في التعامل مع الزملاء، وعدم الخجل من عدم معرفة الإجابة على سؤال ما أو عدم القدرة على إنجاز مهمة ما، وطلب المساعدة منهم.
  • تجنب فعل العادات المزعجة للزملاء في المكتب بشكل عام. من أبرز هذه العادات: الكلام على الهاتف بصوتٍ عالٍ والتدخين والتأخر الدائم عن العمل وتناول المشروبات كالشاي والقهوة بطريقة غير لائقة والضحك بصوتٍ عالٍ والتنصّت على محادثات باقي الزملاء والفضول الزائد في التعامل معهم.
  • تخفيف عبء العمل عليهم قدر الإمكان، وتقديم أي مساعدة يحتاجونها واحترام وقتهم.
  • شاركهم في أحزانهم وأفراحهم، وقد يكفي أن تقدم مواساة شفوية لأيّ شخصٍ منهم يمر بحالة صعبة. وبالمقابل يكفي أن تقدم تهنئة من قلبك إذا احتفل زميلك بمناسبة تستحق التهنئة. تجاهل هذه المبادرات يخلق فجوة حقيقية ويجعل زميلك يعتقد أنّك لا تحترم وجوده ولا تكترث لأمره من الأساس.

من الطبيعي ألّا تتوافق مع جميع زملاء العمل، فالاختلاف وارد في أي مكان تعمل فيه. يمكنك أن تستخدم ثقافة التجنب أو الإهمال إذا كنت حقًا منزعجًا من بعض الأشخاص، كما يمكن أن تحلّ مشكلات اختلافك معهم من أساسها بمواجهتهم مباشرة وبطريقة لا تخرج عن الذوق. ويتعيّن عليك أن تكون ذكيًا في تعاملك مع زملائك وجميع المحيطين بك في دائرة العمل. تذكّر دائمًا أنّ الانطباع الذي يأخذه الزملاء عنك سيظلّ معهم حتى وإن تركت عملك. لذلك حاول دائمًا أن تكون في منطقة الأمان ولا تكن طرفًا في أي مشكلة . كلّ ما عليك هو أن تكون شخصًا ودودًا ملتزمًا بالضوابط والحدود اللازمة للتعامل حتى وإن واجهت السلبيات، فهي بالوقت ستتلاشى. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق