ثقافة العلاقات

إلى أي مدى يفيدك التواصل

لم أكن أعرف أن الوحدة أخطر من التدخين والسمنة والضغط! نعم الوحدة قد تقتلنا كما تقول مولي كارول، أخصائية العلاقات الأسرية نقلا عن 70 دراسة، لا دراسة واحدة، أجريت منذ 1908 إلى 2014 وتحقق منها فريق من الباحثين في جامعة بيرجام يونج، حيث خصصوا وقتهم فقط لها. أسألكم سؤالا هنا، هل رأيتم، في حياتكم، شخصا وحيدا لوقت طويل وكان سعيدا؟ إن كانت الإجابة نعم، فهذا مذهل، ولكن في الأغلب ستكون لا. إنه التواصل مع الآخرين ، ذلك الركن الأساسي من أركان الحياة السليمة ولكننا للأسف لم ندرك ذلك بعد.

أسرار التواصل الحقيقي

  • أتعلمون أن التواصل العميق هو شرارة بدء الصداقة أو ربما علاقة رومانسية
  • أتعلمون أنه لنتواصل بصدق وعمق لا علينا إلا أن نكون صادقين حوح مشاعرنا
  • التواصل هو الهدية التي أهداها الله آدم ليستطيع أن يواجه الحياة وهو أيضا مبتغى حياتنا جميعا
  • أتعلمون أنه في كل مرة نتحدث بعمق واستمتاع مع أحدهم تنتعش وتنمو خلايا مخنا وتنمو وصلات جديدة بينها مما يقوي ذاكرتنا وقدرتنا على اتخاذ القرارات والتحكم في ردود أفعالنا
  • التواصل يقوي مناعتنا
  • وعلميا يزيد معدل عمرنا
  • ويحمي أدمغتنا من الزهايمر والاختلال
  • التواصل العميق يقلل من التوتر والاكتئاب والميل للانتحار
  • في دراسة أجرتها كارولين باركنسن وزملاؤها بعنوان “الاستجابات العصبية المماثلة تتنبأ بالصداقة” نشرتها في مجلة “ناتشرال كوميونيكيشنز” اتضح أن استجابة الدماغ الكيميائية كانت مماثلة عند الأصدقاء عندما شاهدوا مقاطع مختلفة معا! أتدركون ما مدى جمال هذا. إنه بالمثل كامتلاكنا نسخة أخرى من أنفسنا نستطيع اللجوء لها في أوقاتنا الصعبة لتفكر معنا بكامل سلامتها وبحرصها صادق!
  • التواصل يجعلك تهتم بغيرك وبنفسك وتحد من أخذك المخاطر لتحافظ على نفسك لتقبى معهم!

أضرار غير متوقعة للوحدة

  • إحساس الوحدة يضر جسدك يوميا بما يعادل تدخين 15 سيجارة
  • الوحدة أخطر من السمنة بمعدل الضعف
  • الوحدة أكبر خطرا من عدم التريض
  • الوحدة حرفيا تساوي نفس خطر إدمان الكحول
  • تقول الأبحاث أن الوحدة تزيد من احتمال خطر الموت بنسبة 30%!

إن الشعور بالاتصال مهم جدا، ولا عجب أن الأديان جعلت الصلاة جزءا يوميا من حياة البشر لفوائد لم ندرك جلها بعد! فكل من يشكو من عدم وجود أصدقاء في حياته من أطفال أو كبار في الحقيقة لا يبالغ لأنه فعلا يتألم. المشكلة أن الوحدة لا تقف عند حدها فقط بل تسبب مصائب أخرى منها الكارثة المسماة “بالاكتئاب”، العامل الرئيسي للإصابة بالإعاقات في العالم بأسره وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

في عام 1985 صرح 10% من الأمريكان أنهم لم يملكوا أحدا للحديث معه والآن في 2020 النسبة أصبحت 25٪. فترى ما هي النسبة عندنا في العالم العربي مقارنة بعالمهم الأكثر انفتاحا؟ النسب كبيرة وتزداد عالميا، ففي اليابان مثلا، بدأت النساء يرفضن الزواج لرؤيتهم عدة جوانب ظالمة فيه لدرجة أن اضطرت الحكومة أن تفكر في الإعلان عن الحاجة لزوجات أجنبيات لضمان وجود أجيال جديدة في اليابان. نحن بصدد أزمة تتأجج يوميا على عدة أصعدة، إذا فما العمل الآن، وكيف نخلق تواصلا حقيقيا.

طرق خلق تواصلا حقيقيا

  • لا تقصر التواصل على المقربين أو العائلة فقط. بل احظى بلحظات نبيلة صادقة مع طفل يحتاج للمساعدة، مع مسن يحتاج لمن يستمع له، مع شخص حزين يحتاج لمن يسمعه، مع زميل في محنة.
  • كن دائما صادقا. يمكنك الامتناع عن الادلاء بالمعلومات ولكن إن اخترت الحديث فلا تكذب. لا تسمح لأي عامل أن يعكر صفو هذه اللحظة.
  • كن صادقا في حرصك واهتمامك بالآخر، وإن شعر الآخر منك بذلك، ملكته. هذا ما يقوله الملقب بـ”دكتور الحب” الدكتور فيليتشي ليوناردو بوسكاليا من جامعة جنوب كاليفورنيا
  • إياك والنميمة. تقول إحداهن: “أنا أعرف متى لا أشعر بالتواصل. عندما أقوم بالنميمة. أموت ليسمعني أحد.”  النميمة هي أكثر المستويات بعدا عن الاتصال الحقيقي. النميمة في الحقيقة لا تعني إلا طوقنا ولهفتنا وإصرارنا أن نجد أي شخص يسمعنا حتى ولو كلفنا التنازل عن كرامتنا فقط لنحصل على انتباه لحظي لا اهتمام أو تواصل!
  • كن أنت البادئ، ولم لا! ادع أصدقاءك أو عائلتك لجلسة ودية محببة. لِنعرض عن الأفكار السلبية ونقدم لأنفسنا ولغيرنا فرصة التواصل فيعود النفع على الجميع بسببنا.
  • تعلم الاستماع أولا! الاستماع الجيد النشط، لا فقط للكلمات التي تمثل 5% فقط من ما يقال، بل للنغمة ومستوى الصوت اللذين يمثلان 37% منه، وحركات الجسم وانفعالات الوجه الذين يمثلون 50%، والمسافة بين المتحدث وبينك وغيرها من المؤثرات. استمع لكل شيء وحلل وفي النهاية غالبا ما ستجد أبواب ترحاب بك إلى عالم المتحدث إن أردت أو ستجد ما تبحث عنه حتى بدون أن تتكلم أنت.
  • السماح لشعورنا بالحرية. فإن شعرت بالغضب أو الكره أو الحب أو العداء، لا تكره أو تذم نفسك، بل تفهم الأسباب ودع تلك المشاعر تأخذ طورها كموجة بحر عاتية حتما ستنسحب بعد عنفوانها. ومن ثم صارح بشأن مشاكلك للعمل عليها ولا تبقيها بداخلك وحدك.
  • لا تحكم على أفكار ومشاعر من آمنك على مشاعره وأعمق أفكاره في حالتها المجردة.

الحب والزواج والصداقة والزمالة و التواصل مع الآخرين الصادق فعلا أمور لا يستهان به ولا يمكننا الاستغناء عنها. سيكلفنا ذلك الكثير، لا القليل كما نعتقد. فالإنسان خلق كائن اجتماعي، لا يمكنه البقاء وحده. والحقيقة أن في وحدته فناءه بشكل عاطفي وعقلي وجيني. التواصل مع الآخرين لا يكلفنا شيئا ومع ذلك يبقى صعبا فقط بسبب عوائق نفسية نضعها بأيدينا بسبب مشاكل وخلافات سابقة بإمكاننا بكل بساطة حلها وتخطيها بل والاستمتاع بها كذكريات ساذجة. أدعوكم الآن أن تأخذوا المبادرة وتبدأوا بإصلاح علاقاتكم خاصة العائلية، والاستمتاع بمحادثات صادقة مع أحبائكم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق