هواجس المراهقين عن أجسامهم
ملايين من المراهقين في دول عدة لا يتمتعون بصورة إيجابية عن أجسامهم وقد وصلت نسبهم إلى ال50% أو ما يقربها في عدة بلدان. يقول كثير منهم أن الأمر يرجع لعدة عوامل منها التعرض الدائم للإعلام عن طريق المنصات الاجتماعية وغيرها من الأسباب المنزلية والمدرسية. في الحقيقة، تبدأ صورة الجسم لدى المراهقين من خلال طريقتنا بصفتنا آباء في التحدث عن أجسادنا وعن الأكل، كما يتأثرون برأي المجتمع في الصورة المثالية صعبة المنال. وبما أن صورة الجسم الصحية تعد جزء مهم من صحة أولادنا النفسية واحترامهم لذاتهم، لنحاول مساعدتهم على الشعور بالرضا تجاه جسدهم.
أسباب صورة الجسم السلبية
صورة الجسد هي الطريقة التي ترى بها مظهرك وجسمك وهي قد تكون صورة راضية أو ساخطة. خلال المراهقة، قد يصعب الوصول لجسم مثالي فهي فترة تغيرات جسدية وعاطفية. وبالتالي يقع المراهقين فريسة لأسباب تسيء لصورتهم عن صورة الجسم لدى المراهقين وتقبلها وهي كما يلي:
- زيادة الوزن الطبيعية أو المتوقعة خلال سن البلوغ
- المقارنة في المدرسة والنوادي بين المراهقين
- وسائل التواصل الاجتماعي التي تروّج لأجسام مثالية على أنها فقط الصحيحة والمقبولة
- الآباء التي تهتم بشدة بوزن أولادهم ومظهرهم
- قدوات أولادنا وكيف يؤثرون على تفكيرهم وهم عرضة للتأثر والانقياد
عواقب صورة الجسم السلبية
يتعرض المراهقون الذين لديهم أفكار سلبية عن أجسادهم لعدة مشكلات تتضمن:
- تدني احترام الذات
- الاكتئاب
- مشكلات التغذية الصحيحة والنمو السليم واضطرابات الأكل
- العواقب غير المباشرة التي يرون فيها هروبا من مشكلتهم كالتدخين أو المكملات الغذائية المضرة للشباب وتطلعهم لتغيير مظهرهم عن بمنتجات التجميل أو إجراء عمليات تجميلية وغيره.
- عدم الاهتمام بالدراسة والتقدم والتركيز على التوافه.
كيف نساعد أولادنا المراهقين في تحسين صورتهم الذهنية
على الآباء مسؤولية كبيرة جدا حتى في بدء مثل تلك المشكلات من الأصل. فالآباء، خاصة إن كانوا قريبين من أبنائهم أو كانوا ناجحين، لديهم قوى سحرية في التأثير على تفكير أولادهم. لذا، يمكن للآباء القيام بأمور عدة لمساعدة أولادهم المراهقين في تحسين صورتهم النفسية عن أجسامهم، وهو بالآتي:
- كن قدوة حسنة أولاً وإلا فلن تتقبل أولادك حديثك عن غيرهم أو نقدهم. ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي لا للآخرين!
- اظهر نوعية تفكير صحية. شارك أولادك في قراءة المفيد وبالتالي تكبر أولادنا على تفكير سليم.
- تحدث عن أضرار الحميات المبتذلة وتجنب تصنيف الأطعمة على أنها “جيدة” أو “سيئة”.
- استخدم كلمات إيجابية دوما حتى وإن نقدت أجسامكم. امتدح خصائصهم الشخصية وتجنب مدح الصفات الجسدية في الآخرين أو فيهم.
- لا تسميهم بصفات معينة أو تسمح باستخدام ألقاب أو تعليقات أو نكات مؤذية بناءً على شكل أجسادهم أو وزنهم مثلا.
- اشرح لهم تطورات سن البلوغ وما قد يتضمنه من زيادة في الوزن.
- قم بإفهامهم عن دور الإعلام وأساليبه وحيله.
- تحقق مما يقرأه طفلك أو يتصفحه أو يشاهده وناقشه وشجع النقاش البناء.
- ضع قواعد لاستخدام ابنك المراهق لوسائل التواصل الاجتماعي وتحدث عما ينشره أو يشاهده.
- استشر متخصصي التغذية لمساعدة ابنك المراهق في تحديد أهداف واقعية لتطوير رؤيته لنفسه وتحسين جسمه.
- التركيز على طفلك كشخص كامل لا كطفل.
- إظهار الفخر بهم لأسباب لا تتعلق بالمظهر كروح الدعابة والجهد في المدرسة أو المساعدة أو المهارات الخاصة الأخرى.
علامات يجب الانتباه إليها
من الطبيعي أن يكون ابنك واعياً بجسمه وشكله ومدى رضاه عنه ومن الطبيعي أن يحاول تحسين جسمه، ولكن قد يخرج الأمر عن نطاق الطبيعي في طريقة تعامله مع نفسه. هناك بعض العلامات التي لا تدل على أن صورة الجسم لدى المراهقين ابناءكم تتمتع بصورة ذهنية صحية عن أجسادهم. فقد تظهر عليهم القلق والتوتر من خلال صور مختلفة كالتالية:
- انتقاد الجسم الدائم وذمه كأن يقولون “أنا بشع/ة أو قبيح/ة”
- مقارنة أنفسهم بالآخرين باستمرار
- عدم الرغبة في مغادرة المنزل بسبب مظهرهم
- عدم القيام بأنشطة أو تجربة أشياء جديدة بسبب الطريقة التي يشعرون بها تجاه جسدهم
- الهوس بفقدان الوزن أو عدم تقبل جزء ما من جسدهم
- قضاء الكثير من الوقت في النظر في المرآة أو التقاط الصور والبحث عن التغييرات وانتقاد العيوب
- ربط الطعام بمشاعر الذنب أو الخزي
- تدني احترام الذات وفي أحيان كثيرة مواجهة أعراض للاكتئاب
في بعض الأحيان، تظهر مواقف غير مفيدة بالمرة مؤثرة جدا لأبنائنا الذين يتخبطون مع صورتهم. تعليقات ورسائل خفية غير مقصودة قد تكون مدمرة. على سبيل المثال، قد نرى صديقًا لنا ونقول له: “تبدو رائعًا – لقد فقدت الكثير من الوزن!” ويأخذ ابننا هذا الإطراء على نفسه فيكرهها أكثر لأنه لم يفقد الوزن كصديقنا! ويمكن أن تتراكم مثل هذه التعليقات وتؤثر على شعور الأطفال المجمل!
الحقيقة أننا نتأثر جميعا من رجال ونساء، كبار وصغار بمشكلات صورة الجسد، ولكن بطرقنا المختلفة؛ فمنا من يريد أن يطول ومنا من يريد أن ينحف وغيره. وللأسف، أبناؤنا ممن يعانون هذا الأمر هم أكثر عرضة للإحباط ولاستقبال الرسائل السلبية وهو ما يمس بصحتهم النفسية بشكل خطير. أفهم ابنك أن الطعام نعمة ولا بأس بتناوله وإن أكثرنا في مرة من المرات وأن النظام الغذائي والتمارين ليسا فقط لإنقاص الوزن، ولكن لصحة أفضل لجميع الناس. إن لم نكن معهم كآباء، فمن أجدر ومن أكثر تأثيرا ومن أقرب منا؟! وتذكروا أن الحوار خير سبيل لإخراج أبنائنا من مثل تلك المشكلات. فكم من أبناء يتمنون لو يطول الحوار معنا عن هواجسهم، ولكنهم لا يجدون الفرصة. لذا، كن أنت فرصتهم في الحديث وفي التخطيط المشترك لتحسين صورتهم الذهنية قبل الجسدية عن أنفسهم.