مفهوم حب الذات بين الأنانية والأولوية

يخلط العديد من الناس بين حب الذات والأنانية، لأننا نشأنا بالوعي الجمعي الذي يؤمن بأن من يحب نفسه أنانيا، بينما هناك فارق واضح بين كل مفهوم، فالشخص الأناني هو من يحب نفسه على حساب الآخرين، ولا يشعر بالرحمة تجاه الناس.
أما ذلك الشخص الذي يحب ذاته بإيجابية، يشعر بالرضا عنها، وبالتالي يتعامل مع الجميع بحب ورحمة، ويقبل على مساعدة الآخرين، ولا يتسبب لهم في الأذى.
ولكن.. كيف نجعل حب الذات أولوية لنا دون أن نصبح أنانيين؟
حب الذات بين الأنانية والأولوية
يرى البعض لاعبا مشهورا ومتألقا مثل النجم محمد صلاح يقضي إجازاته في جزر المالديف، وغيرها من الأماكن السياحية العالمية، ويركب أنواعا باهظة الثمن من السيارات، والأمر نفسه يحدث مع الفنان محمد رمضان، وغيرهما من المشاهير، لكن هل يعني ذلك أن هؤلاء النجوم لا يهتمون بالآخرين؟
ليس بالضرورة أن يكون ذلك صحيحا، فنجم منتخب مصر وليفربول الإنجليزي له أكثر من موقف إنساني في مصر وإنجلترا، والفنان الشهير هو الآخر لا يقل عن ابن بلده في فعل الخير والاهتمام بالغير، بل إن صلاح ورمضان شاركا في إعلان هام لمحاربة الإدمان، استغلالا لحجم تأثيرهما الكبير على معجبيهما.
ولكن بالطبع نظرة البعض الخاطئة لرمضان وصلاح نتيجة الخلط بين حب الذات والأنانية الذي يسيطر على الكثير من الناس، وذلك كما قلنا، نتيجة الوعي الجمعي الخاطئ.
اختلافات مهمة بين حب الذات والأنانية
الحقيقة أن التأكد من تلبية احتياجاتنا الخاصة يجعلنا أكثر استعدادا لدعم الآخرين، وأن الحياة قصيرة للغاية حتى نهدرها في ما لا طائل منه، لذلك عليك أن تدرك جيدا الاختلافات بين الرعاية الذاتية والأنانية.
حب الذات لا يكون لإيذاء الآخرين
عندما يتصرف شخص بطريقة تخدم مصلحته، فهذا لا يعني بالضرورة كونه أنانيا، طالما أن الأمر لا يؤثر بالسلب على الآخرين، ولا ينتج عنه أخذ حقوقهم دون وجه حق، أما إذا كانت هناك نوايا خبيثة وراء ذلك، وكان التصرف بقصد إيذاء الغير وإلحاق الضرر بهم، فهي الأنانية بعينها، لأن حب الذات يأتي بفوائد بعيدة المدى لك ولغيرك.
قد لا يرى بعض الأشخاص الأمر بهذه الطريقة، لكن أولئك الذين يعرفون مدى أهمية الاهتمام بأنفسهم سيحصلون على تلك الفوائد.
عندما تأخذ وقتا للراحة وتفعل أشياء تساعدك في استعادة طاقتك، فأنت أكثر قوة على جميع الجبهات، مما قد يكون له تأثيرا إيجابيا على كل شيء في حياتك، بداية من العلاقات إلى الأداء الوظيفي والعادات السلبية.
بحسب موقع Hello Giggles، وجدت دراسة أجريت عام 2000 أن البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، والذين اعتادوا حب ذاتهم بشكل إيجابي أظهروا علامات تحسن في الصحة وانخفاض في تكاليف رعايتهم الطبية.
أنت مسؤول عن احتياجاتك والعناية بنفسك
بحسب موقع She’s Alive to Thrive، فإن ما يساعد على التمييز بين الأنانية وحب الذات الإيجابي، هو إدراك مفهوم أنك مسؤول عن احتياجاتك الخاصة وتلبيتها، ولا أحد غيرك مطالب بذلك.
لذلك عليك أن تعرف أنك في بعض الأحيان قد تحتاج إلى وقت مخصص لك وحدك للتغلب على الضغط وعلاج التوتر، وأنه يجب أن تفعل ذلك بنفسك ولا تبحث عن الآخرين لملء الكوب الخاص بك، لأنك إن فعلت ذلك تكن أنانيا وتسبب استياء الغير منك.
فعندما يكون الشخص مسؤول عن تلبية احتياجاته الخاصة، فإنه يتمكن من الاكتفاء بذاته وذلك ليس فقط من أجل نفسه، ولكن ربما يخدم أيضا الآخرين المحتاجين لمن يساعدهم على تلبية احتياجاتهم في بعض الأحيان. ولما لا؟ وقد أحببت ذاتك وأعطيتها حقها، فانعكس ذلك على حبك للآخرين ورغبتك في مساعدتهم.
لذلك فإن إظهار الحب الذاتي لنفسك يتيح لك أن تخرج أفضل ما لديك عندما يحتاجك الغير، فهو يبدأ معك ولكنه ينتهي إلى أي شخص آخرفي حياتك.
حب الذات ينمي الثقة والحب
ينمي حب الذات الثقة والحب في المجتمع، بينما تزيد الأنانية من الخوف وعدم الثقة والفردية المتطرفة. فوفقا لدكتورة الفلسفة الأمريكية “شيلي جونسون”، حب الذات يجعلنا أسوياء نفسيا، فيعاملنا الآخرون باحترام، وبالتالي نعامل الآخرين باحترام. بينما تدفعنا الأنانية إلى انتهاك حدود الآخرين من أجل مصلحتنا.
حب الذات يخلق الرحمة
جزء كبير من حب نفسك هو قبول وحب الأشياء التي لا تحبها كثيرا عنها، فمن خلال قبولك لأخطائك وفهم عيوبك ستبدأ في تنمية التعاطف معها، وبالتالي تكون قادرا على التعاطف مع الآخرين، لأنك سترى العيوب في الآخرين بمنظور آخر فتتخيل آلامهم ومصاعبهم وتتعاطف معهم بدلا من أن تحكم عليهم.
كيف تجعل حب الذات أولوية؟
لتجعل لحب الذات أولوية في حياتك عليك إدراك أن الحياة قصيرة للغاية فلا تهدرها، وحاول تنفيذ تلك النصائح السريعة:-
اهتم بصحتك العقلية والبدنية جيدا، فإذا كنت تهتم بجسمك وتغذيتك، فستتمكن من اللعب مع أطفالك، والمشي مع الأصدقاء، وإذا كنت تهتم بعقلك وروحك، سيكون بإمكانك تقديم نصيحة مفيدة وقوية لمن تحب.
خصص وقتا لما تحبه، فإذا كان لديك هواية، قم بممارستها. إذا كنت تحب المسرح فاذهب لمشاهدة أحدث العروض، وإذا كنت من عشاق السفر فلا تفوت فرصة دون أن تذهب في رحلة. باختصار، جرب كل شيء إن أمكن!
تمسك بمن يقدرك! دعهم يعرفون أنهم مهمون في حياتك، ونمي علاقتك بهم، فهم من يساعدونك على المضي قدما نحو النجاح.
اختر أصدقاءك بحكمة، فلا تبحث في الصداقة عن المرح فقط، وإنما عن الاحترام والرعاية والدعم أيضا.
تقبل عيوبك وحاول إصلاح نفسك برضاء تام. فعندما تتقبل عيوبك بسلام نفسي ستتمكن من تقبل عيوب الآخرين ومساعدتهم في تخطي أزماتهم.
لا تشعر بالذنب عندما تعترف بأنك في حاجة إلى أخذ استراحة، أو أنك متعب وتحتاج إلى الاسترخاء، فإن لبدنك عليك حق.
وفي النهاية تذكر أنه ليس من الأنانية أن ترغب في أن تكون سعيدا وأن تسعى للحصول على حياة كنت تحلم بها.