سلام نفسى

مفهوم اكتئاب فصل الشتاء وسبل التعامل معه

يُعاني10-20% من الناس من اكتئاب الشتاء الذي يُعرف بالاضطراب العاطفي الموسمي والذي يرتبط بتقلبات الفصول وخاصة فصلي الخريف والشتاء لكنّه يتعمّق أكثرفي فصل الشتاء. اكتئاب فصل الشتاء يبدأ عادة في نهايات شهر أكتوبر، وينتهي بشكلٍ طبيعي بحلول أبريل. أي بمجرّد أن يبدأ الربيع يتغلغل في الطبيعة.عادةً يشعر المصاب باكتئاب الشتاء بأنه غير قادر على الاستمتاع بوقتهم، ولا يستطيعون الانتظار حتى نهاية فصل الشتاء. يُصاحب هذا الاكتئاب عدّة أعراض تتفاوت في قوّتها بين شخص وآخر تبعًا لعددٍ من الظروف والعوامل. يُمكن اعتبار الشخص مصابًا باكتئاب فصل الشتاء إذا مرّ بأعراض الاكتئاب الموسمي لمدّة عامين متتاليين.

أسباب اكتئاب فصل الشتاء

السبب الأساسي ففي اكتئاب فصل الشتاء يرتبط بشكلٍ مباشر بحساسية أجسامنا تجاه نقص ضوء الشمس. حيث إنّ النهار في فصل الشتاء يُصبح أقصر وكمية الضوء أقل، مما يُسبب حدوث خلل في ساعة الجسم البيولوجية وعدم انتظام في إيقاعها. وتتناسب شدّة الاكتئاب طرديًا مع مقدار نقص التعرّض لضوء الشمس، بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى التي تلعب دورًا في الإصابة باكتئاب فصل الشتاء، منها:

  • كيمياء الدماغ الخاصة بكل شخص: إذ إنّ نقص ضوء الشمس يؤثر على كيميائية الدماغ فيُسبب إنتاج إضافي في الميلاتونين (الهرمون المسؤول عن أنماط النوم)، مما يُحفز الجسم على النوم لأطول فترة ممكنة، بالإضافة إلى تقليل إنتاج السيراتونين المسؤول عن الحالة المزاجية للشخص.
  • المكان الجغرافي: إذ كلّما ابتعدنا شمالًا عن خط الاستواء يزداد خطر تعرضنا للاكتئاب الشتوي، خاصة في مناطق جنوب كندا والأجزاء العليا من الولايات المتحدة الأمريكية.
  • الوراثة: الأشخاص الذي عانى أحد والديهم أو كلاهما من اكتئاب فصل الشتاء هم أكثر عرضة للإصابة به.
  • نمط الحياة: يلعب الأسلوب الذي يعيشه كلٌ منا دورًا كبيرًا في زيادة اكتئابالشتاءأوالعكس. فالشخص الذي يعتاد الاستيقاظ مبكرًا والتعرّض لضوء الشمس سيكون أقل عرضة للاكتئاب الشتوي.

الأعراض المصاحبة لاكتئاب فصل الشتاء

يُصيب اكتئاب الشتاء الرجال بنسبة أكبر من النساء والأطفال، كما أنّه يُصيب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عامًا إلى 35 عامًا بنسبة أكبر، مقارنةً بالأشخاص الأكبر سنًا. كما يُعاني المصابون باكتئاب فصل الشتاء بالعديد من الأعراض التي تمّ تشخيصها على يد العديد من المتخصصين. وقد وصف الدكتور الأمريكي مايكل تيرمان مدير برنامج الاكتئاب الشتوي في نيويورك بالعديد من هذه الأعراض، وأبرزها ما يأتي:

  • صعوبة في الاستيقاظ وترك الفراش.
  • الخمول لفترات طويلة ومستمرّة، وتراجع القدرة على الإنجاز، والفشل في إدارة الوقت.
  • تناول كميّات أكبر من الطعام: ففي دراسة في معهدالطبالنفسيوالمركزالطبيبجامعةكولومبيا تبيّن أنّ المصابين باكتئاب الشتاء يكتسبون وزنًا إضافيًا يتراوح ما بين أربعة إلى ستة كيلو غرامات أو أكثر.
  • الشعور بالقلق والتوتر المصحوب بالملل والانفعال السريع.
  • عدم الرغبة في رؤية الناس، والرغبة في الانعزال.
  • تقلب المزاج، والشعور بالحزن واليأس غير المبرر، وتعمّق الشعور بالذنب وفقدان الشغف.
  • إهمال الاهتمام بالجسم والأناقة وممارسة الأنشطة والهوايات، وفقدان طاقة الجسم.
  • الإحساس بآلام جسدية متفرقة غير مبررة.

طرق التعامل مع اكتئاب فصل الشتاء

الحل الأمثل للتعامل مع اكتئاب فصل الشتاء والتخفيف من أعراضه هو التعرّض أطول فترة ممكنة لضوء الشمس.ففي دراسة أجراها الطبيب النفسي دانيال إفكريبك أستاذالطب النفسيفي جامعة كاليفورنيا،حول العلاجب الضوءالساطع لمواجهة الاكتئاب، تبيّن أنّ اجتماع برودة الشتاء مع قلّة ضوء الشمس هو العامل الأكبر المسبب للاكتئاب الشتوي، مما يؤثر على ساعة الجسم البيولوجية.والغريب أنّ الإضاءة الصناعية الداخلية العادية، ليس لها أي تأثير في التخفيف من الاكتئاب. لذلك، فأهم طرق التعامل مع اكتئاب الشتاء هي التالية:

  • التعرّض لضوء الشمس لمدّة ثلاثين دقيقة على الأقل في الصباح تحديدًا لضبط إيقاع ساعة الجسم منذ بداية اليوم.
  • التنزّه في الهواء الطلق عند شروق الشمس، أو تناول القهوة في الخارج إذا سمح الطقس بذلك.
  • فتح ستائر البيت في ساعات النهار، ومحاولة الجلوس قرب النوافذ أو في الشرفات للحصول على كمية أكبر من ضوء الشمس.
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ولمدّة تتراوح من ثلاثين دقيقة إلى ستين دقيقة.
  • طلاء جدران البيت بلون فاتح ومبهج، بالإضافة إلى ارتداء ملابس بيتية مبهجة ذات ألوان دافئة.
  • التواصل مع الأصدقاء والأشخاص المقربين، وقضاء أوقات ممتعة معهم للتخفيف من حدّة الاكتئاب الموسمي في الشتاء.
  • اتباع نمط غذائي صحي غني بالأوميغا 3 والفيتامينات والمعادن التي تقوي مناعة الجسم وتُحفّز إنتاج الطاقة.
  • تزويد البيت بمصابيح “صندوق الشمس” الاصطناعية التي تتكوّن من أنابيب فلورسنت تُحاكي أشعة الشمس، كما يُمكن وضعها على المكاتب أثناء العمل.
  • الذهاب إلى الأماكن الطبيعية لا سيما البحر عدّة مرات أثناء فصل الشتاء، إذ يحتوي هواء البحر على الأيونات السالبة التي تُقلل من الاكتئاب بشكلٍ طبيعي.

اكتئاب فصل الشتاء ما هو إلا حالة مؤقتة لا تدعو للقلق، خاصة أنّ التعايش مع هذا الاكتئاب ممكن ويتم دون اللجوء إلى علاج. الأهم في الأمر أن يُساعد الشخص نفسه في تغيير نمط حياته أثناء فصل الشتاء، وأخذ الجانب الإيجابي، وقضاء وقت ممتع فيه.كما يُمكن اللجوء إلى العلاج السلوكي المعرفي، الذي يعتمد على ممارسة الأنشطة المفيدة والهوايات، وتغيير الطريقة التي نستقبل بها فصل الشتاء، والتخلّي عن الأفكار المسبقة عنه إذنعتقد عن الشتاء أنه جميلًا أو العكس. السعادة قرار، وهذا القرار يُمكن اتخاذه وتنفيذه في جميع فصول العام. فعلينا دائما أن حاولإبعاد الرسائل السلبية التي نبثها لأنفسنا في كل شتاءأو أي فصل غيره ونستمتع فقط بجماله الفريد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق