سلام نفسى

ما هو حضور الذهن؟

الحضور الذهني

يتمنى الكثير الحصول على آلة زمن للعودة إلى الماضي وتغيير بعض الأشياء التي أفسدت حياتهم، أو السفر إلى المستقبل للاطمئنان على مستقبله، مثلما فعل “مارتي” بطل فيلم العودة إلى المستقبل Back to the Future.

ولكن… ماذا إذا امتلكت آلة الزمن وجربت إيقافه عند اللحظة الحالية؟ من المؤكد أن استفادتك من إدراك تلك اللحظة ستكون أكبر بكثير من السفر عبر الزمن، وهذا ما يطلق عليه “حضور الذهن”.

غالبا ما يهمل الكثير “اللحظة الحالية” من حالة الوعي العادية، رغم أنها هي المكون الأساسي لحياتنا.

نعم، إن حياتنا كلها تتكون من “الآن”، وغالبا ما نهمل الأشياء المهمة الموجودة حولنا بسبب الشرود الذهني والتفكير في أشياء عديدة تخرجنا من تركيزنا وتحرمنا من الاستمتاع بما يدور حولنا.

لذلك علينا أن نركز على تنمية حضورنا الذهني، حتى لا نكره “اللحظة الحالية” وننظر إليها على أنها عقبة أو شيء غير مرغوب فيه. فاللحظة الحالية هي بالفعل كل ما نملكه. ففي اللحظة الحالية نحن في قيد الحياة، أما اللحظة القادمة فربما لا.

• ما هو الحضور الذهني؟

“الكل للواحد والواحد للكل…” كانت تلك الجملة هي شعار ومبدأ “الفرسان الثلاثة” في رواية ألكسندر دوما العالمية الشهيرة، التي جمعتهم على الحق والخير للتغلب على ما يُدبر للملك الصغير لويس الثالث عشر وإنقاذ فرنسا من كل المؤامرات التي تحاك ضدها.

قد تتساءل عن علاقة تلك الجملة بالحضور الذهني، والحقيقة هي أن مبدأ الكل للواحد والواحد للكل هو جوهر حضور الذهن، حيث يتحد الفرد مع كل من حوله في اللحظة التي يعيشها فيحقق السلام النفسي، ولا يتحقق ذلك إلا بالتركيز الشديد على أدق التفاصيل التي تدور حوله أينما كان وبما يجري داخله هو أيضا.

• كيف ندرب أنفسنا على الحضور الذهني؟

سواء كان الأمر يتعلق بشؤونك الشخصية أو مجال عملك، فأنت بحاجة إلى التركيز والهدوء تمامًا من أجل العمل، فتشتيت العقل يمكن أن يؤدي إلى كوارث خطيرة كأن تنسى، أو تفشل في توصيل معلومات ما، أو تفقد التفاصيل المهمة.

لمنع حدوث ذلك، إليك بعض النصائح لمساعدتك في تطوير قدرات عقلك على التركيز.

  • ركز في اللحظة

ركز في اللحظة الحالية التي تمر بها فقط، مثلا إن كنت تأكل، تأمل طعامك وتذوقه بعناية، ولا تشغل عقلك بشئ آخر! وإن كنت تصلي، ركز في صلاتك فقط وفي وقوفك أمام الله بخشوع.

وتذكر دوما أن اللحظة الحالية هي كل ما لديك الآن، فأنت الآن في الدنيا ولا تعرف إن كنت ستبقى فيها في اللحظة التالية أم لا! فلماذا لا تستمتع بتلك اللحظة وتستفيد منها؟

  • استمع بتمعن

بعض الناس يحبون التحدث أكثر والاستماع أقل. ولكن من أجل بناء علاقة مع شخص ما، سواء في العمل أو في المنزل، ستحتاج إلى معرفة ما يقوله الآخرون! لذا ركز في ما يقال لك، ولا تشتت تركيزك واستمر في التدرب على الاستماع دوما.

  • لا تجعل مشكلاتك تؤثر عليك

أنت كإنسان من الطبيعي ألا تستطيع نسيان مشكلاتك الشخصية في أثناء عملك. وإذا زاحمتك المشكلات الشخصية في عملك لن تطيقها لدرجة الشعور بالضياع. فلن تكون قادرا على التركيز وستكون عرضة لارتكاب الأخطاء. لذلك درب نفسك على عدم التفكير في أخطائك، على الأقل في العمل. وكذلك هو الحال في حياتك الخاصة. لا تسمح بأزمات العمل أن تلقي بظلالها على بيتك، فتتحول الحياة إلى جحيم. يجب أن تمتلك السيطرة على أشياء معينة في حياتك.

  • حدد مهماتك وأولوياتها

يجب عليك أن تحدد أولويات أهدافك. فإذا كان هناك شيء مهم وعاجل، حاول إنجازه مبكرا حتى لا يزعجك التفكير فيه طوال اليوم.

  • كن هادئا

يؤثر الإجهاد على الدماغ فيتم إفراز مواد كيميائية تؤثر عليها ومن ثم تؤثر على الذاكرة. ويشك بعض العلماء في أن العيش بأسلوب حياة متوازن وممارسة أنشطة الاسترخاء كاليوجا، قد يؤخر ضعف الذاكرة عن طريق تقليل التوتر.

  • حرك جسمك

كلما تحركت، كلما استرخيت أكثر، وأفضل طريقة  للحفاظ على حالة العقل الهادئة وإزالة التوتر هي تحريك الجسم،  وتلك كانت نصيحة النبي محمد للناس أجمعين، حيث قال: “إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس” كما نصح أيضا بالوضوء في مثل ذلك الموقف.

  • كن صادقا مع نفسك

اتصل بأفكارك ومشاعرك بصدق، فالأشخاص أصحاب الوجود القوي موجودون ويدركون أفكارهم ومشاعرهم الحقيقية.

  • تخلى عن فكرة الكمال

توقع الكمال يخلق التوتر في داخلك وفي الآخرين، ويجعل الناس يخافون منك، كما يجعلك تخاف من المشاركة في أي عمل أو إنجاز المشروعات خوفا من عدم الوصول للشكل المثالي والشعور بالضغط، ركز على النجاح أفضل لك بالطبع.

  • اهتم بحالتك العاطفية

الحالة العاطفية تؤثر بشدة على تعاملاتنا في شتى الأمور، فهي تجعل الحالة المزاجية جيدة أو سيئة، وبطبيعة الحال من يعيش حياة عاطفية مستقرة وسعيدة يحتفظ بجزء كبير من حضوره الذهني مما يمكنه من التركيز في حياته العملية؛ والعكس صحيح بالطبع.

في النهاية عليك أن تعرف فوائد الحضور الذهني ممن يتدرب عليه. فمن يمارسه لا يعاني من ارتفاع ضغط الدم أو الاكتئاب كما يبعده عن التوتر ويساعده في تقوية ذاكرته بشكل أفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق