ماذا تفعل إذا فاتك قطار الزواج

ماذا تفعل إذا فاتك قطار الزواج
تأخذ العديد من الشعوب ولا سيّما الأوروبية موضوع تأخر الزواج على أنه حرية شخصية بحتة. ويتعاملون مع الموضوع بفكاهة. فالدنماركييون مثلًا يضعون من فاتهم قطار الزواج في ساحة، ويرشونه بكمية كبيرة من مسحوق القرفة، إذ يعتقدون أنّ هذا كفيل لفتح أبواب الارتباط. أما في مجتمعاتنا العربية فالحديث دومًا عن الزواج بأنه من الحاجات الأساسية للفرد سواء كان ذكرًا أم أنثى، ويصفه الناس دومًا بأنّه سنة الحياة، وضرورة لاستمرارها. وبشكلٍ عام اجتمع الناس على وجود عمر معيّن متعارف عليه للزواج وهو أوسط العمر. فإذا تجاوز الشخص هذا العمر، فقد فاته قطار الزواج. وعلى الرغم من هشاشة هذه الجملة وعدم تقبل العديد منا إياها، فالواقع الذي تفرضه العادات والتقاليد المجتمعية، تُحتّم على الشخص الذي لم يتزوج تحديد أهدافه في الحياة بعيدًا عن بناء العائلة الذي يتم من خلال الزواج. ولكن بالرغم من ذلك فقد نلحق بالقطار حتى في الأعمار المتأخرة. وهنا يقول تشارلز إم بلو: “ليس هناك وقت خاطئ لفعل الشيء الصحيح”. فالزواج من وجهة نظر الكثيرين ليس لعمر مناسب، ولكن بالعثور على الشخص المناسب.
أسباب تأخر الزواج
في العادة يعتبر الناس أن فلانًا قد فاته قطار الزواج إذا تزوّج جميع أقرانه ولم يُحالفه الحظ في العثور على فرصة زواجٍ مناسبة. ويقف العمر هنا عائقًا كبيرًا أمام اختيار شريك الحياة المناسب. فبالنسبة للإناث، ترى غالبية المجتمعات العربية أن المرأة يفوتها القطار بمجرّد وصولها لعمر الثلاثين، رغم أنّ سن الزواج قد ارتفع بشكلٍ عام. ولكن ينطبق هذا على الرجل بنسبة أقل نظرا لانخفاض فرص حصول المرأة على زوج كلّما تقدّم بها العمر! فالمجتمع الذي نعيش فيه يفرض علينا أدوارًا نمطيّة في كلّ عمر، وفي عمرٍ معيّن يفترض الآخرون ضرورة أن نكون متزوجين، دون النظر إلى بعض ظروفنا الخاصة التي قد تحول دون العثور على شريك حياة مناسب. الزواج مسؤولية كبيرة تُصاحبه الكثير من المسؤوليات والواجبات، وقد يجد أي شخصٍ فينا أن القطار فاته ودون أن يشعر وذلك لظروفٍ عدّة منها:
- الظروف الاقتصادية المتعسرة بالنسبة للرجال، وعجزهم عن توفير تكاليف الزواج الكبيرة.
- حصول المرأة على الاستقلال المادّي والمهني، فتكتفي بحياتها.
- الانشغال بالدراسة أو العمل.
- الظروف الاجتماعية التي قد تحول دون الزواج مثل: التفرّغ للعناية بالأم أو الأب.
- ظروف خاصة بالشخص نفسه مثل: عدم الرغبة بالارتباط والتقيّد بشخص أو عائلة أو تربية الأبناء.
- أسباب صحية.
- الفشل العاطفي المتكرر وانتشار حالات الطلاق التي تُعطي لنا فكرة سلبية عن الزواج.
سلبيات تأخر الزواج
يتعرضّ كل من يفوته قطار الزواج لعددٍ من التحديّات التي يجد نفسه محاطًا بها، فإذا وجدت نفسك قد تقدّم بها العمر وفاتها قطار الزواج، فاعلم أنّك ستكون معرضًا إلى بعض المواقف كالآتية:
- العزلة الاجتماعية: ينظر الناس إلى غير المتزوجين نظرة ظالمة، ويفترضون أحيانًا أنّ لديهم نقصُ ما منعهم من الزواج.
- الرفض الأسري: أيّ أسرة تتمنى أن ترى جميع أفرادها مستقرين في بيوتهم ولديهم عائلة، لهذا فمن يفوته قطار الزواج يُنظر إليه غالبًا من قبل أسرته نظرة غريبة لا تخلو من تحميله المسؤولية وكأنه أصبح مصدر قلق للأبوين.
- الاضطرابات النفسية: يشعر من تأخر بالزواج بالعديد من المشاعر المؤذية، كأن يشعر بالوحدة والفراغ العاطفي وتدن الثقة في النفس.
نصائح لمن فاته قطار الزواج
للإجابة عن سؤال “ماذا تفعل إذا فاتك قطار الزواج؟” لا بدّ من النظر إلى الجانب الإيجابي الذي قد يغطي الكم الكبير من الإحباط المجتمعي الذي يُواجه غير المتزوجون. فعلى الرغم من أنّ عدم الزواج يعني فقدان فرصة تكوين عائلة وإنجاب أطفال، إلّا أنّه بإمكان غير المتزوجين التمتع بميّزات عدة وتحقيق أهداف كبيرة كثيرة. أظهرت نتائج دراسة ما وظفت بيانات من دراسة سابقة اسمهاEdmonton Transitions Study” “، اعتمدت على إجراء مقارنات بين من يتزوجون في سنٍ مبكرة وبين من يتزوجون في سن متأخرة. أظهرت النتائج أن الذين تزوجوا متأخرًا كانوا أقل عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب على عكس الأشخاص الذين تزوجوا في سنٍ صغيرة. أي أنه إذا فاتنا قطار الزواج، فبالتأكيد سنحظى بميّزات عدة، منها:
- زيادة فرصة مواصلة الدراسات العليا بعد الشهادة الجامعية الأولى وتحقيق الطموح العلمي.
- تكوين صداقات أكثر، وإيجاد وقت فائض للقاء الأصدقاء ومرافقتهم في أنشطة متعددة.
- تنمية المواهب والهوايات، دون الحاجة للتفكير بمسؤوليات العائلة والأبناء.
- توفير قدر أكبر من المال، واستثماره في مشاريع متعددة أو الاستمتاع به بشراء سيارة فخمة، أو السفر حول العالم مثلا.
- إعطاء فرصة أكبر للنفس لاختيار شريك حياة بتأنّ كبير. وقد ثبت أنّ الزيجات المتأخرة فيها نسب طلاق أقل بكثير، كما أنها تكون أكثر استقرارًا.
- ممارسة العديد من الأنشطة الترفيهية مثل: الرحلات والمشاريع الخيرية، وحضور الندوات الثقافية والحفلات الموسيقية والمسرحيات وغيرها، دون الشعور بمسؤوليات عائلية، مما يُعطي مساحة أكبر من الحرية.
- تأسيس الأعمال الخاصة، واستغلال الوقت للاهتمام بها.
- بناء علاقة ودّية مع أبناء الإخوة والأخوات والتقرّب منهم واللعب معهم. وهذا يعطينا مساحة لطاقاتنا العاطفية كالأمومة أو الأبوّة.
- الانشغال بالأعمال الخيرية والأنشطة التطوعية.
إننا يجب أن نظل مقتنعين بأنّ الزواج لا يأتي بالسعي، وإنما هو قسمة ونصيب كما يقولون. لذلك لن ينفعنا لوم النفس أو النظر إليها بحزن أو الشعور بالنقص لعدم الزواج. بل علينا ممارسة الحياة بكل حب، سواء بوجود زوج أو لا. كما أنّ عدم اللحاق بقطار الزواج لا يعني السماح لأنفسنا بالوقوع في اليأس، ولا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي ونحن ننظر للآخرين الذين أسسوا عائلات واستطاعوا العثور على شريك حياة مناسب. فالسعادة قرار يأتي من الداخل ولا يأتي بالزواج أو غيره. الزواج يعني المسؤولية الكبيرة سواء الماديّة أو المعنوية وقد لا نكون مهيئين لها، لهذا يمنعه القدر عنّا حتى الوقت المناسب. أي أن تفويت القطار قد يكون في الحقيقة نعمة لا نقمة.