ثقافة العلاقات

لماذا على الرجال المساعدة في الأعمال المنزلية؟

التعاون بين الزوجين

في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم أجمع فُرضت الكثير من التغيرات حتي علي أدق تفاصيل الحياة اليومية.  فأصبح الكثير منا مضطر للعمل من المنزل وآخرين مضطرين للبقاء منعزلين عن العالم الخارجي ليواجهوا تحديات التعامل حتي مع أقرب الأشخاص لهم. فهناك الكثير من الناس تفاجئوا بصفات حميدة لم يكن يدركوها في شركاء حياتهم وآخرون، مع الأسف، تيقنوا من فروقات جامحة تعيق التواصل وفي بعض الأحيان حتي الاستمرار.

ولكن تبقي الحقيقة الوحيدة وهو الدرس الأهم والمستفاد من هذه الأزمة وهو المشاركة في تحمل المسؤولية، فكلنا الآن أصبحنا مسؤولون عن الحد من انتشار هذا الوباء الجائح.. كلنا مسؤولون عن حماية أنفسنا وأولادنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا.. وبالتأكيد هذه المشاركة يجب أن انعكست أيضا على بيوتنا. فلا يمكن أن يبقي الوضع كما عهدنا ولا يمكن إلقاء مسؤوليات الأسرة كاملة على عاتق طرف واحد. ففي السابق كان الاتفاق الغير معلن بين الزوجين علي أن المرأة تتحمل المسؤولية الداخلية في البيت والزوج يتحمل المسؤولية الخارجية في السعي للحصول علي الرزق.

ولكن ماذا عن الآن؟

رغم تغير الأمور من جذورها، لا يزال الرجال متعلقين بمكانتهم الماضية رغم تغير كل الأحوال المحيطة. وأكثر ما يثير الدهشة، هي تلك الرجال التي لا تريد العمل ولكنها ما زالت تنتظر المقدار نفسه من الاحترام والامتنان والحب وإشعارهم بأهميتهم.

علينا جميعا أن نعترف أنه كما تتغير الأحوال، نتغير، وكذلك مقاييس القوى وحصة الناس من المسؤوليات؛ لأنه لا بد من مجاراة العصر. وبالتالي ومع تطور مسؤوليات المرأة، صار من الضروري أن تجد المساعدة من شريك حياتها لتستمر الحياة بسلاسة وتعاون ينتج المزيد من المودة.

إليك أسباب ضرورة مساعدة الرجال في أعمال المنزل؟

1- ما من سبب لعدم المساعدة: إن كانت المرأة، وهي ذا الكائن الأضعف جسديا لا محالة، قادرة على تحمل المهام الوظيفية والمنزلية على حد سواء بكفاءة عالية، فبالطبع، سيقدر الرجل على ذلك، إن كان يعمل عمل واحد مثلا أو لديه وقت لذلك. فليس هناك من سبب مقنع يمنع الرجال من المساعدة.

2- ما من سبب يقلل من رجولتك: فكل الرجال إن غسلوا أطباقهم أو ناولوها زوجاتهن، لن يحدث شيئا في العالم. ولقد رأينا في الأنبياء خير أسوة في ذلك.

3- زيادة المودة والرحمة: فعندما تشعر المرأة بوجود من يأبه لحالها وأمورها ويريد التخفيف عنها، ستزداد المحبة والمودة بينهما. ومن منا لا يريد ذلك بل ويسعى إليه جاهدا.

4- زرع القيم في الجيل القادم: فعندما يرى أولادكم هذه الروح الطيبة والتعاون، ترسخ لديهم الصورة النموذجية للبيت الهادئ والاحترام بين الزوجين، ويساعدهم في عدم الاصطدام بمواضيع التفرقة النوعية. فيشب الشاب متواضعا حاني القلب متعاونا وتشب الفتاة مؤمنة بوجود العدل والمحبة كأسس للحياة يرسخونها في حياتهم المستقلة فيتابعوا حياتهم بالقيم ذاتها ولا يعطوا للخلافات من هذه المنطقة الشائكة سبيلا في حياتهم ولا يظلموا أزواجهم في المستقبل. ومن يدري فقد يتعلم منهم أطفال آخرين عند الاختلاط بهم ويحاولوا تقليدهم.

5- زيادة الإحساس بالرضا النفسي والعام: فعندما تساعد في المنزل يصبح البيت أجمل وأهدأ مما يزيد من الشعور بالراحة والهدوء والرضا. وذاك بالطبع ينعكس على الحياة الزوجية والإحساس بالمسؤولية وتقدير الذات أفضل.

6- التخلص من السلبية: فعندما تجد نفسك متعبا من نهار عملك الشاق، يكون من الجيد أن تشغل نفسك، عقلا وجسدا، في التنظيف، فذلك يعطيك الشعور بأنك تتخلص من الإزعاج في هيئته المادية بطريقة عملية.

7- أعمال المنزل لا تستغرق الكثير: فإذا قضيت 10 دقائق فقط كل يومين في تنظيف عنصر ما أو في إعداد وجبة ما، لن تضيع الكثير من الوقت والجهد كما تظن. كما أنك إن أعددت كوب قهوتك مثلا فلن تأخذ أكثر من 5 دقائق. هذا ويمكنك إعدادها بينما تفعل شيء آخر في نفس الوقت. تلك الأعمال لا تستغرق الكثير إلا في جملتها. ولكن حين نقسمها على الأيام، فلن تشكل أي مشكلات أبدا.

8- قراءة المرأة لعدم مساعدة الرجل لها: إن لم يرد الرجل بأي شكل من الأشكال المساعدة في المنزل، فكل ما ستراه المرأة من معيشتها هو عدم التعاون وعدم الاكتراث لأمرها ولما يرهقها! سترى في شريكها الأنانية والجحود وبالتالي وبشكل تلقائي سيتغير حالها للأسوأ وهو ما قد يضر بصحتها إن أخفته، وبجو البيت إن أعلنته.

لا يمكننا بأي شكل من الأشكال المضي قدما وهناك مشكلة آخذة في التطور. بل ومنا الكثير من لا يدري عنها شيئا. إن تركنا الأمور تسوء بينما لا نسعى لمعالجتها ستكون النتائج وخيمة. في كوريا الجنوبية على سبيل المثال ظهرت حركة عدم الزواج التي تقودها الفتيات المتعلمات العاملات اللاتي لا يجدون في الحياة الزوجية أي أساس للتعاون والمساواة. فهن يرون أنهم عندما سيتزوجون سيهبون حياتهم كلها لخدمة زوجهم فيرتقي في جميع جوانب حياته بينما يأسرها في المنزل.

ترى هل نحن مثل كوريا؟! سيقول المعظم، لا، بالطبع لا، فنحن ونحن…؟! ولكن، ماذا إذا نظرنا لتأخر سن الزواج، وارتفاع معدل الطلاق غير المسبوق؟ هل هذه علامات لوضع يشابه الوضع الكوري مثلا؟!

إننا، عاجلا أم آجلا، سنتغير لنواكب الحال الجديد، ولكن علينا أن نستبق الظروف لنكون في المقدمة ونتفادى مساوئ خلافات العلاقات الزوجية لننعم بحياة أفضل.

أخذ عادة جديدة ودمجها في حياتنا يتطلب عمل على تفكيرنا وتنظيمنا وقتنا والاستمرار عليه. نحن كبشر، لن نفعل أي تغيير إلا إذا كنا مقتنعين به 100%. هذا هو السبب من هذا المقال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق