كيف تُؤثر السوشيال ميديا على العلاقات

كيف تُؤثر السوشيال ميديا على العلاقات
نعيش في الوقت الحالي أكبر ثورة في مجال الاتصالات خاصة في ظلّ ازدياد منصات السوشيال ميديا وروادها، ممّا مهّد للناس التفاعل مع بعضهم البعض بطريقة سهلة وسريعة. تتيح السوشيال ميديا التقاء الناس وتطوير صداقات افتراضية، كما تسهل عمليات التواصل وتبادل الآراء والأحاديث مع اختلاف المسافات الجغرافية، فأصبح العالم قرية صغيرة بالفعل. لكن كيف تُؤثر السوشيال ميديا على العلاقات، وكيف ينعكس استخدامها على طريقة تعاملنا مع الآخرين سواء من المحيطين بنا على مستوى الأقارب أو الأصدقاء أو المعارف، أو من تفصل بيننا وبينهم مسافاتٍ بعيدة؟ بلا شك يحتمل هذا التأثير الشقين الإيجابي والسلبي في الوقت نفسه، سواء كان هذا التأثير على علاقاتنا بأنفسنا أو مع الآخرين.
تأثير السوشيال ميديا الإيجابي على العلاقات
بلا شك زادت السوشيال ميديا من التواصل بين الأشخاص بشكلٍ لافت، وأتاحت فرصا للحوار والتعبير بشكلٍ أفضل، وساعدت في تكوين صداقات بغض النظر عن المسافات، كما أنّها قللت الفجوة بين الثقافات والشعوب. أما أهم تأثيرات السوشيال ميديا الإيجابية على العلاقات فيمكن اختصارها كما يأتي:
- تعزيز روابط الصداقات والعلاقات بيننا وبين الناس، وزيادة تبادل الأفكار بطريقة سلسة وسريعة.
- زيادة فرصة تعرّفنا على أشخاص جُدد، وتوسيع دائرة العلاقات معهم، وتكوين صداقات جديدة.
- تسهيل الوصول إلى الأماكن المختلفة أو الحصول على توصيات واستشارات من الآخرين، إذ يُمكننا سؤال الآخرين عن أيّ قضية تخصّنا وطلب آرائهم، مما يزيد التفاعل في العلاقات.
- خلق مزيد من المشاركة الاجتماعية والاطّلاع على نشاطات الآخرين بشكلٍ أوسع وأوضح، حيث أصبح من السهل معرفة مناسبات الآخرين ومشاركتهم هذه المناسبات افتراضيًا.
- توطيد العلاقات أكثر بين الأشخاص الذين تربط بينهم عوامل مشتركة سواء في مجال العمل أو الدراسة أو الهوايات، وتسهيل التقائهم وتفاعلهم معًا.
- شحذ روح الحماس والتحدّي والمنافسة مع أنفسنا من خلال مراقبة الآخرين وإنجازاتهم، فينعكس إيجابيًا على علاقتنا بأنفسنا وطريقة تفكيرنا.
- تسهيل تبادل التهاني والتعازي وغيره من خلال كتابة التعليقات أو المنشورات على السوشيال ميديا بدلًا من أن يكون ذلك بشكلٍ مباشر.
تأثير السوشيال ميديا السلبي على العلاقات
الشخص الذي تراه في السوشيال ميديا غالبًا ليس نفس الشخص الذي تراه في الواقع، خصوصًا أنّ البعض يتفاعل على السوشيال ميديا بطريقة مختلفة عن الواقع. لهذا فإنّ الآخرين ينخدعون في شخصيته بسهولة، وهذا يُسبب فجوة كبيرة في العلاقات. وعلى الرغم من الحسنات الكثيرة للسوشيال ميديا في تأثيرها على العلاقات الإنسانية، فلها الكثير من السلبيات التي ألقت بظلالها على طريقة تعامل الناس مع بعضهم البعض، حتى أنّها تسببت بحدوث قطيعة بين الكثيرين. ومن أبرز سلبياتها ما يأتي:
- زيادة التصادمات في الرأي مع الآخرين، والدخول في نقاشات عقيمة.
- زيادة الشعور بالوحدة والانعزال، لأنّها تجعلنا نكتفي بالتواصل عن طريق الكتابة أو الكلام دون الحاجة للمقابلات الشخصية، وهذا يُسبب فجوة كبيرة في العلاقات.
- إحداث خلل في العلاقة بالأقارب والأصدقاء والجيران وغيرهم، خاصة إذا كنّا نعرض تفاصيل حياتنا اليومية على مواقع السوشيال ميديا. مما يُثير حفيظة البعض فتظهر عليهمالحسد أو المقارنة بيننا وبينهم. خصوصًا أنّ معظم الناس لا يُظهرون على السوشيال ميديا إلا الجانب الإيجابي من حياتهم.
- التأثير على نظرتنا لأنفسنا، فقد نشعر ونحن نُراقب الآخرين على السوشيال ميديا بمشاعر متناقضة تُسبب لنا الحزن أو القلق، عندما نقارن أنفسنا بغيرنا، أو تجعلنا نخسر بعض الأصدقاء بسبب مقارنتنا لطريقة تفاعلهم معنا ومع الآخرين على السوشيال ميديا.
- انهيار الكثير من المعتقدات بسبب ما يُنشر، فنصبح أكثر انطوائية. كما يُمكن أن نُسقط كل ما ينشره الآخرين على أنفسنا. فمن ينشر كلامًا فيه إساءة نظنّه موجّه لنا، وهذا يُسبب شروخًا في علاقاتنا.
- تضخيم أوهامنا حول الآخرين، خصوصًا الذين لم نلتقِ بهم مسبقًا، فنرسم شخصياتهم في أذهاننا ونرغب في لقائهم، ومن ثمّ نتفاجأ بحقيقتهم عندما نراهم وجهًا لوجه، مما يُسبب انهيار العلاقة معهم.
- استخفافنا بأنفسنا عند مقارنة حياتنا بما ينشره الآخرون على يومياتهم، وهذا قد يُسبب شعورًا بالنقص يُسبب عدم الثقة بالنفس أثناء تعاملنا مع الآخرين، مما يُؤثر على علاقاتنا.
في دراسة اُجريت على عيّنة من الأشخاص تتراوح أعمارهم من 28 إلى 73 من الأشخاص النشطين على السوشيال ميديا وبعد إجراء مقابلات معمّقة معهم تبيّن أنّ 60% من مستخدمي السوشيال ميديا قد تأثر تقديرهم لذاتهم بشكلٍ سلبي، وأنّ 50% منهم تأثرت علاقاتهم بالآخرين بشكلٍ سلبي. وأشار 80% منهم أنّهم تعرضوا للخداع في العلاقات بسبب ما يُنشر على السوشيال ميديا!
يعني هذا أنّ السوشيال ميديا تؤثر بشكلٍ مباشر على سلوكياتنا مع الآخرين وطريقة تعاملنا معهم، وافتراضنا لأشياء قد لا تكون موجودة في الواقع من الأصل. وقد نشعر في لحظة أننا محطّ اهتمام الآخرين وأننا نحظى بشهرة معينة بينهم بسبب ما نُلاحظه من اهتمام على السوشيال ميديا، وفجأة نصطدم في الواقع عندما نتعرّض للتهميش. وهذا بحدّ ذاته يُسبب صدمة نفسية تُشوّه علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين. لهذا يجب أن يكون استخدام السوشيال ميديا مبنيا على الاعتدال والوعي، وعدم المبالغة في إضافة أشخاص لا نعرفهم إلى قوائم أصدقائنا.