كيف تمدح طفلك بطريقة صحيحة

أطفالنا في سنهم الصغير هم عجين سهل التكوين، وهذا يوضح كيف لكلماتنا وتشجعينا لهم أن يؤثر بشكل كبير وواضح في تكوين شخصيتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم.
المدح سلاح ذو حدين فعلى سبيل المثال اذا حدثناهم عن مدى ذكائهم وموهبتهم في مواقف معينة هادفين بذلك تحفيزهم وتقدير ذاتهم فاعلين هذا بشكل صحيح، فالنتيجة هي طفل واثق من نفسه وقدراته وقادر على البحث بداخله عن مواهب ومميزات أخرى.
لكن في حالة الإفراط في هذا المدح، تكون النتيجة ذات تأثير عكسي. وجد الباحثون أن المدح بطريقه خطأ يؤدي إلي اعتماد الأطفال عليى الأخرين في أرائهم: أي أن تهتز ثقتهم في أنفسهم وقدراتهم ولا يعودوا يستطيعون المواجهة خوفا من الفشل.
لمدح طفلك بطريقة صحيحة تابع تلك الأفكار التي ستساعدك في ذلك.
التركيز على المجهود الذي يقوم به وليس النتيجة
ركز مع طفلك دائما فيما يقوم به من مجهود وامدح مجهوده وليس نتيجة ما فعله. بمعنى أنه، إذا كان يلعب كرة القدم كرياضة جديدة مثلا، لا تركز إن كان يكسب أم يخسر في اللعب ولكن دائما حفزه فيما يخص طريقة لعبه أو طريقة تسديده للكرة. من أمثلة ذلك: “أراك بدأت تتقدم في لعب الكرة وتسديدك لها بشكل كبير” أن “إني أري ملامح الصورة التي ترسميها بدأت تظهر أكثر، انظري كيف أصبحت جميلة”.
عدم المبالغة
في أوقات كثيره نبالغ في مدحنا للأطفال كقولنا: “أنت ذكي جدا”، “أنت أذكى طفل في العالم”، “أشطر واحد في حل الرياضيات”، “أحسن بنت بترسم”، “أكتر طفل منظم”! هذه أمثلة للمدح المبالغ فيه الذي يصنع من الطفل تمثالا في سن صغيرة ويعطي إشارة له بضرورة أن يعتلي مستويات أعلى وألا يخطئ أبدا. فإذا واجهته مسألة رياضيات صعبة ولم يستطع حلها، سيشعر حينها بالفشل وأنه لن يتلقى مدحك. إنه شعورا لا إراديا يجعلهم يقومون بكل مجهود ممكن لأجل التميز لا لأنفسهم ولكن لأجل أن ينالوا إعجباكم فقط وهذا يغير من سلوكهم وطبيعة نموهم.
وإليك مشكله أخري في المبالغة في رد الفعل. مثال: قام طفلك برسم صورة ما أو قام بعزف أو حل أي مسألة فتنظر إليه على أنه عمل مبهر لا يصدق، فهو فوق الممتاز! قد يأتي يوما ما ويعاد فيه نفس الموقف ولكن حينها تكون مشغولا في شيء آخر على سبيل المثال، وبالتالي لم تعط طفلك نفس الاهتمام ورد الفعل المبالغ فيه، فترى ماذا سيحدث. سيشعر طفلك بالخيبة وأن ما فعله دون المستوى وتصله رسالات واضحة بذلك دون أن تدركها أنت! لذا، اكتف بمدح بسيط يعبر عن مجهوده الذي بذله بصدق وكيف تقدم مستواه تدريجيا.
كن صادقا في مدحك
إن الأطفال يكتشفون المدح الصادق من غيره وأغلبهم يفهمون أنفسهم ويعلمون أنهم ليسوا الأفضل في الرسم، أو العزف، أو الرياضة، أو أي نشاط أخر. فبدلا من أن تعطيه مدحا زائفا لشيء جديد قام به وأنت تراه غير جيد. فقل له مثلا “أنا اعلم أن تلك الرياضة صعبة وأنا أري مجهودك فيها ولكنها تحتاج وقتا لتتقنها” بدلا من أن تقول له “أراك رائعا جدا وقمت بعمل جيد”! الفرق بين الاثنين هو (الصدق) في تعبيرك ومدحك الذي إن زيفته سيعرف أنك تصدر له شعورا غير حقيقيا فيشكك في مصداقيتك ورأيك وتضعف ثقته في نفسه.
امدح سلوكياته
من أكثر أنواع المدح الإيجابي هوأن تمدح سلوكياته في تصرفاته الصغيرة فهي تعزز ثقته في نفسه وتساعده على تطوير مهاراته وشخصيته وتفاعلاته واكتشافه اقدراته.
مثال: في تعاملاته مع اخوته امدح تصرفاته كالآتي “أنا مبسوط بطريقتك في تعاملاتك مع أخوك وإزاي أخذت اللعبة منه بهدوء”، “أنا فخور بك أنك سيطرت على غضبك في هذا الموقف”.
نفترض مثلا أنه رجع من المدرسة وقد أضاع أقلامه، امدح حفاظه على كتبه نظيفة وملابسه مرتبة بعد رجوعه، ذلك المدح البسيط يجعله يطور من سلوكياته ويركز جيدا فيما تعثر فيه.
طفلك شخص منفصل عنك
لا تمدح طفلك فقط فيما تريده أن يكون. فأنت تريده أن يصبح لاعب كرة جيد فيكون الثناء والاهتمام والمدح حول كرة القدم فقط، ولكنه يريد أيضا أن يكون عازف جيتار بينما تراه أنت مضيعة للوقت، فلا تمدحه في هذا المجال! امدح طفلك دائما فيما يريده هو ويحبه، سيساعده هذا يجني امتيازات ليست فقط في ما يحب ولكن في مختلف المجالات فابنك ليس تابع لك، فلا تقع في هذا الفخ.
تعزيز قرارته واختياراته
طفلك يحتاج للدعم الكامل للشعور بأنه قادر على اتخاذ قرار يتحمل كل عواقبه وحده.
مثال: هل تريد أن تلعب كرة القدم أم تحب لعب الجيتار؟ هل سترتب غرفتك اليوم أم بعد رجوعك غدا؟ تلك قرارات صغيرة يحتاج منك الدعم فيها ليشعره أنك تثق في قرارته وأنه قادر على اتخاذها. ذلك يعطيه ثقة في نفسه وقدرته في المستقبل على اختيار ما يريد.
طفلك ينتظر منك المدح والتشجيع ووقوفك إلى جابنه وأن تراه وتتقبله وتحبه كما هو دون أي محاولات منك لتغير طبيعته بل قم بمحاولات لتحفيزه أن يكون أفضل فيما بعد وأن يكتشف نفسه وذاته وقدراته. فمدحك له بشكل صحيح غير مبالغ فيه جزء من نموه بشكل صحي ومن مساعدته في أن يكون شخصا قادرا على مواجهة مستقبله بمفرده.