كيف تربي طفلا سويا نفسيًا

كيف تربي طفلا سويا نفسيًا
الأطفال نعمة عظيمة، ووقود المستقبل واستثمار الحاضر. مجرّد وجودهم رزق عظيم من أعظم أرزاق الله. ولهذا يجب أن يُحافظ الآباء والأمهات على هذه النعمة، وأن يُحسنوا تربيتهم وتعليمهم وتقويمهم في جميع النواحي الجسديّة والنفسية، خاصة أنّ الحياة اليوم تشهد تحدياتٍ كبيرة، تُشتت فكر الأطفال وتضعهم في دوامات عدة منها الحروب والفقر وغيرها من الكوارث. ناهيك عما يُواجهه الأطفال أحيانًا من ظروف عصيبة في أعمار مختلفة كأن يقعوا ضحية الفقر أو التشرّد أو التشتت الأسري، مما يشوههم ويُسبب لهم العديد من الصدمات والأزمات النفسية. وهنا تتضاعف مسؤولية الآباء والأمهات والمجتمع بأكمله، وذلك لأجل التكافل معًا وتجنيب الأطفال الوقوع ضحايا لكلّ تلك الظروف، ليكونوا أطفال أسوياء نفسيًا، قادرين على تحمل مسؤولية المستقبل كما يجب. ولكن كيف تربي طفلا سويا نفسيًا
الأخطار النفسية المحتملة التي يتعرّض لها الطفل
عند الحديث عن الأخطار النفسية التي يعيشها الأطفال، يخطر بالبال الكثير من تلك التي تُثير القلق والرعب بكثرتها وتأثيرها العميق والسلبي عليهم. ولتجنيب الأطفال هذه المخاطر، لا بدّ من معرفتها جيدًا، ومعرفة مصدرها أولا، ومن أهمها ما يأتي:
- تعرّض الطفل للتوبيخ الدائم من الأمهات والآباء والمعلمين.
- تعرّض الطفل للتنمر من أقرانه سواء في المدرسة أو خارجها.
- زعزعة ثقة الطفل بنفسه.
- إخضاع الطفل للعقاب الجسدي أو النفسي من قبل الوالدين باستمرار.
- سيطرة الأخوة الكبار على الطفل، ومحاولتهم محو شخصيته.
- الصراخ المتكرر في وجه الطفل، وتوجيه اللوم والانتقاد له.
- تعرّض الطفل للتجاهل المتعمّد أو غير المقصود، سواء من داخل أسرته أو في المدرسة.
- وجود مشاكل جوهرية داخل الأسرة، مثل المشاكل التي تكون بين الأبوين، وتحدث أمام الطفل وتُؤثر على نفسيته بشكلٍ كبير.
- عدم السماح للطفل بتحمّل أي نوع من المسؤولية مهما كان صغيرًا، مما يُضعف شخصيته ويزعزع ثقته بنفسه.
- مقارنة الطفل بإخوته أو أقرانه من باب النصح والإرشاد، ولكنها طريقة خاطئة تُسبب له الإحباط والألم النفسي.
- حرص الوالدين على الطفل بشكلٍ مبالغ فيه، بحيث يمنعونه من تكوين صداقات كما يرغب، ويمنعونه من الاحتكاك بأقرانه.
- قمع الطفل باستمرار، وعدم السماح له بالتعبير عن رأيه.
- مبالغة الوالدين في توقعاتهم من الطفل، وتحميله فوق طاقته، مما يُسبب شعوره بعبء كبير مصحوب بخوف دائم من الفشل.
- عدم انسجام الطفل مع الآخرين.
كيف تربي طفلا سويا نفسيًا وطرق تعزيز نفسية الطفل
الهدف من تعزيز نفسية الطفل هو تربية طفل سوي نفسيًا، وتمكينه من تحقيق أهدافه بطريقة صحيحة، وإيصاله إلى شاطئ الأمان الذي يضمن مروره بالأحداث المختلفة بأقلّ الخسائر. علمًا بأنّ المسؤولية الكبرى في هذا تقع على عاتق الآباء والأمهات، وبذلك يكون الطفل قادرًا على أن يكون إنسانًا ناجحًا فيالمستقبل. يجب أن يبدأ تعزيز نفسية الطفل منذ وقتٍ مبكر جدًا، أي في عمر أقل من سنة، وأهم طرق تعزيز نفسية الطفل ما يأتي:
- إبعاد الطفل عن أي تأثيرات نفسية سلبية تُسبب له الإحباط أو الحزن.
- عدم إهمال الطفل أبدًا، وتلبية حاجاته النفسية والمادية قدر المستطاع وفي حدود المعقول، وتخصيص وقت يومي للالتفات إلى حاجاته النفسية وإشباعه عاطفيًا ونفسيًا.
- تجنب مقارنة الطفل بالآخرين، سواء بإخوته أو ببقية أقرانه.
- مساعدة الطفل على التحكّم في عواطفه، وإرشاده إلى كيفية اتخاذ مبادرات إيجابية لتحسين صحته النفسية وطريقة تقبله للأحداث المختلفة.
- معاملة الطفل بطريقة واعية، بحيث يتم احترامه وتقديره وعدم تجاهل رغباته.
- مساعدة الطفل لإيجاد قدوة حسنة. قد تكون هذه القدوة: الأم أو الأب أو الأخ الأكبر أو المعلّم. فحاجة الطفل إلى قدوة أكبر من حاجته إلى النقد.
- تشجيع الطفل على تنمية مواهبه ومهاراته وتطوير سلوكه، وتعليمه الاستمتاع بكل ما يفعل، فعلى الرغم من أنّ الاستمتاع بالأشياء يبدو سلوكًا بسيطًا جدًا، إلا أنّ أثره الإيجابي مذهل في نفس الطفل.
- تحسين التواصل مع الطفل بمختلف الطرق، سواء بالتواصل اللفظي أو البصري أو النفسي، بحيث يكون هذا التواصل مبنيًا على أُسس علمية مدروسة.
- ملاحظة التغيّرات السلوكية التي يمر بها الطفل بدقة، سواء في طريقة تعبيره عن حزنه أو غضبه أو فرحه.
- تعليمه كيفية مواجهة المخاوف وتجاوزها.
- عدم الاستهانة بمشاعر الطفل مهما كانت، وسؤاله عن عواطفه وشعوره باستمرار. والسماح له بأن يعيش مشاعره بارتياح، كأن يُعبّر عن الملل أو الاستياء كما يُريد دون توجيه الانتقاد واللوم له.
- تعليمه مهارة استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية.
- قضاء وقت أطول مع الطفل لمشاركته الأنشطة التي يُحبها، خاصة اللعب وقراءة القصص. وفي هذا يقول عالم النفس التربوي الدكتور “جوردون نيوفيلد”: “عندما يكون الطفل في علاقة صحيحة مع الوالد، لا ننمي عند الطفل تقبلًا للأبوة فحسب، بل يتم تمكين الوالد للقيام بالمهمة أيضا. لهذا فإن مفتاح الطريق لتكون أبًا صالحًا لا يكمن فيما نفعله ولكن في من نكون نحن بالنسبة لأطفالنا “.
- مساعدة الطفل في بناء ثقته بنفسه وبالآخرين من خلال مساعدته على العثور على موقف يُعزز هذه الثقة.
يقول “كونفوشيوس”: “إذا كانت خطتك لعام واحد فازرع الأرز، وإذا كانت خطتك لعشرة أعوام فازرع شجرة، وإذا كانت خطتك لمئة عام فقم بتعليم الأطفال”، فتربية طفل سوي نفسيًا تعني استثمار مستقبلي بتنمية شخصيته كي يُصبح مصدر فخرٍ لوالديه ولنفسه ومجتمعه، وكذلك بتقليل وجود أشخاص غير أسوياء في المجتمع. فالطفل سيكبر وسيصبح جزءًا من مجتمعه وبيئته، ويجب علينا كآباء وأمهات أن ندرك حقيقة أنّ السلوك السيء الصادر عن الطفل ليس دائمًا كما يبدو، بل يُمكن أن يكون طريقته في التعبير عن موقفه تجاه الكثير. والأجدر بنا أن نتفهمه ونُساعده في تخطّي جميع مخاوفه والتعبير عنها بشكلٍ إيجابي يُحافظ على نفسيته. فلنجرب أن نعامل الطفل بأسلوب الاستماع التأمّلي الذي يساعد الأم والأب لينظروا لتصرفات الطفل من ناحية منطقية لا أخلاقية، خاصة أنّ سن الطفولة هو طور التعلّم والتغيير.