كيف تجد الصديق الذي بداخلك
الصداقة الحقيقة مع النفس، هل هذا ما تبحث عنه؟
“أتتذكر آخر مرة نقدت حالك فيها، ما السبب يا ترى؟ تخيل الموقف مرة ثانية. أغمض عينك، وضع يدك الآن على صدرك وجد في نفسك الصديق الذي لطالما حلمت به! ماذا ستقول لنفسك، ولماذا ستقوله!” حتما ستشعر بالراحة. هكذا قدمت المعالجة النفسية كاريسا كارنر فكرة إيجاد الصداقة الحقيقة مع النفس بداخلك لنجعل حياتنا أفضل. إيجادك صديقك الداخلي هي بداية الطريق لصحة نفسية متزنة ومستمرة.
كانت كاريسا تظن أنه لتكون لطيفا لنفسك ستكافئ نفسك حتى قرأت كتاب التقبل الراديكالي للكاتبة تارا براك المعالجة النفسية أيضا؛ هذا الكتاب الذي يقدم أهمية خلق حوار داخلي إيجابي فعلا من نفسك ولنفسك.
ورد في كتاب يحمل عنوان اتجاها إلى جماعة تعاطفية كتبته كاثرين وادينجتون الكاتبة والباحثة في العلوم الاجتماعية أن مصادقتك نفسك أمر في غاية الأهمية وله عدة فوائد عدة ومنها كالتالي:
- التخفيف من أعراض أنواع الاكتئاب
- التقليل من احتمالية السمنة
- المساعدة في العلاج من الأمراض النفسية وحتى الفسيولوجية
- الاستمتاع بالحياة، والتسامح وحب الخير لكل الناس
- الهدوء الذي سيسود أصواتك الداخلية الهدامة والدفاعية والنقدية. فتجد نفسك تعيش بأريحية أكثر لأنه ما من حاجة للدفاع طالما وثقنا في أفعالنا، وما من حاجة للنقد المستمر طالما أعرف ما أفعل وتعلم من الأخطاء!
- التفكير والرؤى الواضحة
- الإبداعية وروح المغامرة
- تحسن صحة مخك. فعندما تخلق لنفسك صديقا يفهمك ويتقبلك ومجرد الاستماع بصدق لنفسك، تهدأ الخلايا العصبية لدى الإنسان.
مواصفات حديثنا الداخلي الانهزامي
دائما ما نحدث أنفسنا بعدة أشكال مختلفة في المواقف المختلفة. فهذا الصوت الداخلي الذي نسمعه بداخلنا يأتي بعدة شخصيات؛ ولكن هناك هذا الصوت الداخلي الانهزامي الذي لا ينفك أن يتركنا وشأننا. هذا هو صوت الشخصية الناقدة الهدامة التي دوما ستحبطك وتوقفك عن أي أمر أو مغامرة جديدة. ستقول هذه الشخصية داخل عقلك: “لا لست قدرا لهذا الأمر، انظر حتى ماذا ترتدي فهو غير لائق! أنت لست قدرا لمثل هذه المواقف ولم تكن أبدا! ستجعل الناس تضحك عليك!” المضحك أن مثل هذه العبارات تدل عن عقلية مراهقة، كلامها يتسم بالخطأ ولكنه للأسف مقنع. ولعل الدافع وراء هذه الشخصية حقا هو محاولة حمايتك من التعرض للخذلان. من الجدير بالذكر أن تلك الشخصية ذكية جدا، لأن مخذون ما تعرضت له مكون من صدمات عدة ولا تريد إعادتها، وبالتالي فهي مدربة على أساليب إقناع مختلفة تحد من الإقدام وتقلل من الثقة في النفس.
يجب العمل على هذه الشخصية وندربها لتتطور إلى شخصيات داخلية إيجابية بدلا انهزامية وذلك بإعطائها مجالا أكبر للوجود والتحاور. هذه نقطة البداية فقط. ومع ذلك فتأثيرها أكبر بكثير مما تتخيل! تذكر أن كل ما سيسقى سينبت، فإن سقيت الأفكار السلبية زادت وإن راعيت الإيجابية نمت!
كيف التخلص من الشخصية السلبية بداخلنا؟
يرجع سبب وجود تلك الأصوات السلبية بداخلنا في الأصل إلى الحماية من الخذلان أو النقد والأذى وذلك لوجود مواقف مشابهة عدة أثناء الطفولة (مرحلة غرس المبادئ والأخلاق والمفاهيم)! ولكن مع مرور الوقت لا تصبح مثل هذه الأفكار سليمة ومناسبة لعمرنا! وإنما تصبح عائقا في حياتنا!
في الحقيقة ليس عليك التتخلص منها أبدا بل العكس! يقول جز دونالد والتر المؤلف والمحاضر العالمي إنك: “ستجد السلام في محاولتك الهروب من مشكلاتك، ولكن بمواجهتها بشجاعة، ستجد السلام ليس في الإنكار بل في الانتصار! علينا إذا احتواء أصواتنا الداخلية السلبية، فعند جرحك إصبعك تعالجه لا تقطعه! وهذا هو أساس مصادقة نفسك لنفسك الذي تريده! وهو بعدم محاولة التخلص من هويتك السلبية حتى وإن كانت تؤثر على حياتك. عليك مصاقتها بدلا من ذلك وإعطاء المجال للأفكار الإيجابية والتشجيعية عن نفسك وعن الحياة حتى تستحوذ على أفكارك.
كيف أصادق نفسي
الصداقة الحقيقة مع النفس أمر مهم ولا يقتصر فقط على من لا يملك أصدقاء فقط! بل هو نمو نفسي عقلي تتخلله معاني الرضا من كافة الجوانب. لتصادق نفسك، خذ هذه الخطوات كبداية:
- تقبل أخطاءك وكف عن جلدك ذاتك
- قم بتعريف معنى كلمتي الصداقة والصديق لنفسك
- خصص مساحة لسماع نفسك بنفسك تتحدث عما يؤلمك أو حتى يفرحك، المهم أن تخلق المساحة لنفسك بالحديث
- بينما تتحدث لنفسك، قم بتسمية كافة المشاعر التي تشعرها وسجلها على ورقة واستشعر كيف يمكنك بنفسك خلق السعادة من عدم
- حقق مطالب نفسك التي تريدها حقا، ولا داعي للعقاب أو الحرمان كأسلوب تعديل حياتك
- الثقة في نفسك وقراراتك حتى ولو كانت متأخرة
- التسامح، فأنت في النهاية إنسان وتخطئ والتسامح حقا يظهر أفضل ما عندنا
- تخيل أن كل ما تمر به في الحقيقة هو أمر يمر به صديق آخر لك، واسأل نفسك ماذا بإمكانك حقا تقديمه للمساعدة. وعند معرفة الإجابة طبقها لنفسك
- تعلم ممارسة الرضا بكل ما يزين أو يصعب حياتك
- تذكر أن وجود هذه الشخصيات حقيقي ومفيد لتعلمك منها لا لتخافها. وهذا من الدروس المهمة
علينا أن نبدأ بالخروج من محيطاتنا السلبية، ونترك العدسات القديمة التي ننظر منها إلى حياتنا والبحث عن أخرى جديدة! حياتنا سريعة ولعل عدم حظينا بوقت حقيقي لأنفسنا هو إحدى أسباب خلق مشكلات كبيرة نعيشها يوميا ومنها ما لا نراه بسهولة. ولعل حديثنا الداخلي من أكثر الجوانب تأثرا بأنماط حياتنا السريعة غير المريحة وبالتالي يصبح سلبيا وقد يتمكن من إحالة حياتنا إلى جحيم. لنأخذ خطواتنا الأولى في الاستماع الجيد لأنفسنا وما نخبر به أنفسنا بشكل متكرر. لنحلل ما نقوله ونحاول الوصول لأسبابه وعند إيجادها، علينا التعامل معها بدلا من تركها أو الهروب منها أو التعذر ولوم بالآخرين. ولكن في النهاية، علينا دائما ألا نستسلم في محاولة تحسين أصواتنا الداخلية وألا نتركها ونقف أمامها مكتوفي الأيدي. الصداقة الحقيقة مع النفس