كيف التصرف مع اضطراب القلق الاجتماعي
اضطراب القلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي (Social Phobia) كما يعرفه الدكتور عبد الله أبو عدس، استشاري الاضطرابات النفسية والإدمانية، هو الإحساس بالقلق والتوتر الزائد عندما نتعامل مع الغير أو نهاتفهم أو نواجههم. الرهاب الاجتماعي يصيب من 5% إلى 10% من الناس وهو متساو بين النساء والرجال رغم وجود نظريات تخالف هذا الرأي. تتنوع أسباب الرهاب الاجتماعي بين النفسية والجسدية والاجتماعية. وقد يرجع السبب فيه إلى طفولة قاسية أو مجتمع ذي قوانين قاسية، فتجد المرء يتذكر معاناته من التأتأة في طفولته أو أنه ما زال شديد الخجل مثلا. الخوف من هذا النوع من المشاكل النفسية يكمن في مضاعفاته والتي تتمثل في الابتعاد كليا عن الحياة الاجتماعية أو الاكتئاب أو الوقوع في الإدمان هروبا من الألم أو الفشل في الحياة الاجتماعية أو المهنية. إذا ما أعراض الرهاب الاجتماعي وما علاجه؟
أعراض الرهاب الاجتماعي
الجسدية
قد يعاني الشخص من عرض واحد أو عدة من الأعراض التالية: التعرق، وزيادة ضربات القلب، واضطرابات القولون، واحمرار الوجه، والتلعثم، والتنميل، والارتجاف!
النفسية
حالة من الخوف الدائم من مواجهة الناس بشكل يؤثر سلبيا على حياته الاجتماعية أو التعليمية أو المهنية؛
زيادة التفكير بالتفاصيل قبل الذهاب إلى أي مكان؛
توقع التعرض للإهانة؛
جلد الذات بعد كل مرة يخرج فيها؛
التحليل المفرط لمجريات الأمور ومعاملة الناس ونقد النفس.
طبيعية العلاجات النفسية
الرهاب الاجتماعي اضطراب يتعافى منه 70٪ وحتى 80%، وفقا لمراجع مختلفة، ممن يقدمون على العلاج بنجاح وذلك بالعلاج المعرفي؛ كما تقول دراسة قام بها نوردال هـ.م. وزملائه بعنوان “العلاج المعرفي في علاج اضطراب الرهاب الاجتماعي مع أو بدون اضطراب الشخصية التجنبية: تجربة سريرية عشوائية. نفسية.” قد يدخل أ]ضا في علاج الرهاب الاجتماعي بعض أدوية مضادات الاكتئاب وهي فعالة جدا معه. إذا ما هي أنواع العلاج الأساسية من الرهاب الاجتماعي:
- العلاج الطبي: ويكون على يد طبيب نفسي
- العلاج المعرفي السلوكي: الذي يبحث عن الأفكار والمعتقدات والمبادئ الخاطئة في منظومة الإنسان والتي لها القدرة على التلاعب بمشاعره ومن ثم العمل على تعديلها. كما يتم تدريب الشخص على تقنيات جديدة في التعامل مع التوتر كالتدريب على التنفس والاسترخاء التي تخفف من الأعراض.
- العلاج في مجموعات Group Therapy
هو آخر مرحلة علاجية ومن خلالها يناقش الشخص ما عاناه وأسبابه وما تعلمه خلال رحلة علاجه وسط مجموعة من الذين تخطوا العلاج أيضا فيتبادلوا الخبرات وتُعزز شخصياتهم الجديدة.
أسباب الرهاب الاجتماعي
تختلف أسباب الرهاب الاجتماعي من كل حالة لأخرى، والغريب أن الكثير من الأشخاص يكونون في الأصل موهوبين في مختلف المجالات إلا أنهم يصطدمون بواقع قاس عليهم فيهابون المواجهة فيما بعد. من أسباب الرهاب الاجتماعي تلك التالية:
- استعداد وراثي جيني يجعل صاحبه يميل للخجل وبالتالي يكون أصحابه أكثر عرضة من غيرهم.
- استعداد فسيولوجي تكون فيه الدماغ غير قابلة على تخطي الأزمات أو اللوم. إذ، أثبت العلم أن المرضى النفسيين يحظون بأدمغة غير تلك الطبيعية. إذ بها مناطق أضعف أو مختلفة البنية من غيرهم.
- الصدمات النفسية من مصادر الثقة والأمان وخاصة أمام الغير أو من تجارب فاشلة أمام حشد من الناس مثلا.
- النقد المبالغ فيه والمستمر خاصة في الصغر وقت تشكل الشخصية وبناء الثقة بالنفس.
- المجتمعات الصارمة التي تقيد سلوكيات أبنائها فيصيرون يخافون كل غير مألوف.
- تأنيب الضمير المستمر والذي قد يسببه التربية الخاطئة الكثيرة باللوم.
- نقص الثقة في النفس نظرا لعوامل أخرى كإهمال المظهر أو الإحساس بالنقص أو الضعف.
الفرق بين الرهاب الاجتماعي والخجل
الخجل صفة محمودة لدى العديد من المجتمعات المحافظة وهي وسيلة اتصال وتعبير أيضا. أما الرهاب الاجتماعي فيؤثر سلبا على جميع نواح الحياة خاصة التي فيها اختلاط بالناس؛ فتجد معانيه يتأثرون دراسيا وعمليا واجتماعيا وبالتالي ماديا ونفسيا! الرهاب الاجتماعي يسيطر على حياتك وأيدولوجيتك لها وحتى على التخطيط لمستقبلك! للأسف، لا يقدم إلا 50% من المرضى على العلاج وحتى بعد تأخر لا يقل عن 15 عاما، والسبب في ذلك يرجع لتجاهل الناس أهمية العلاج النفسي وعدم إدراكهم بوجود مشكلة في الأساس. فالبعض يصنفها على أنها خجل زائد فقط.
للتفرقة بين الرهاب الاجتماعي والخجل، اسأل نفسك هذه الأسئلة وإجاباتك ستخبرك الكثير:
- ما مدى ضعف أدائك الناتج عنه قلقك، أهو كبير ومستمر أم مؤقت ويمكنك التحكم به؟
- ما مدى شدة الخوف وهل له أسباب أخرى غير الخوف من المحيطين؟
- ما مدى تجنبك للناس؟ أهو مستمر، أهو لكل الناس أم أشخاص معينين؟
من الطرق الأخرى الكثيرة التي يستخدمها الأطباء هو استبيان وضعه د. جوناثان ديفيدسون من المركز الطبي بجامعة ديوك يعرف باسم جرد الرهاب المصغر الاجتماعي Mini-SPIN (Social Phobia Inventory))) وهو استبيان وهو مكون من ثلاث عبارات تخبرنا بمدى صحتها من وجهة نظرك من بإعطائها علامة 0 إلى 4.
العبارات هي:
- من أعمق مخاوفي أن أحرج أو أبدو غبيًا.
- الخوف من الإحراج يجعلني أتجنب فعل الأشياء أو التحدث إلى الناس.
- أتجنب كل فعل يجعلني في مركز الاهتمام.
إن أحرزت 6 أو أعلى من ذلك، فأنت قد تكون حالة رهاب اجتماعي حقيقية، وعليك بالعلاج دون تأخير.
هذا لا يعني بالضرورة أنك تعاني منه، فمن يبت في هذا هو الطبيب المختص بعد مقابلة كافية معك وعدة اختبارات أخرى.
كيف نتصرف إن كنا نتعامل مع من يريد العلاج!
- لا تضع فرضيات وحلول من عندك. فقط ساعده على الذهاب إلى مختص.
- لا تظهر التفاجؤ أو الخوف إن أثبت أنه يعاني من الرهاب الاجتماعي فالأمر أبسط من هذا.
- دعه يحدد الوقت المريح الكافي لعلاجه مع الطبيب، لا تحاول أن تضغطه.
- إن رفض الشخص العلاج، فحاول أن تخرجه إلى أماكن عامة لقضاء وقت ممكن وكن معه.
- لا تشعر بالذعر إن انتابه الذعر، فعليك تهدأته.
- تجنب قول: “لا تشعر هكذا”، أو “لا تخف”، أو “اهدأ”، أو “توقف عن هذا الآن”
- بل قل: “أعلم أن الأمر صعب ولكنك لها”، و”أشعر بما تشعر به ولكنك تقدر على هذا الأمر!”، و”ما تمر به أمر طبيعي، ولكن لن ندعه يوقفك عن القيام بكذا!”
- أشركه معك في الأنشطة حتى وإن لم يكن في حالة مزاجية جيدة.
الرهاب الاجتماعي اضطراب يصيب كثر رغم تمتعهم في الحقيقة بمواهب وذكاءات عدة. ولعل هذا من الأشياء التي تؤلمهم؛ أي عدم قدرتهم على إظهار إبداعهم أمام الغير. في الأغلب يظهر هذا الاضطراب إما في الصغر أو قبل بلوغ العشرين ونادرا بعد ذلك. لكن الجيد هو أن الرهاب الاجتماعي مشكلة تعالج بنسبة كبيرة؛ أولا بأخذ التاريخ الطبي للحالة ودراستها جيدا، وثانيا ببدء العلاجات النفسية السلوكية والمعرفية، كالتدريب على المواجهة والتعامل؛ أو الدوائية كالمضادات الاكتئابية. لذا، إن شككت أنك من معانيه، فلا تتردد إلى الذهاب لمختص حتى ولو لم يشجعك أحد.