علامات الحب وأسراره

الحب إحساسٌ عظيم ومشاعرٌ تفيض بها النفس وتُسيطر على القلب والعقل معًا، وهو ليس مجرّد رغبة عادية، بل هو شغفٌ يولِّد هذه الرغبة التي تمتزج بالكثير من العواطف المتداخلة. للحب أنواعٌ كثيرة وكلّها تصبّ في المعنى ذاته الذي يصاحبه الفرح والمتعة لمجرّد رؤية الشخص الذي نحبه. ولهذا تظهر على كلّ من يقع في الحب علاماتٍ جسدية ونفسية تأتي نتيجة التفكير المطوّل في من نحبه. ويصف علماء النفس هذا الشعور على أنه يُشبه “طيران الفراشات في المعدة” وهو المثل المعروف في اللغة الإنجليزية؛ إذ يشعر المُحب بأنّ شيئًا ما يتحرك في داخله ويدفعه للتصرّف بطريقة معينة. فيا ترى ما هي أبرز علامات الحب؟
التفسير العلمي للحب
وفقًا لأبحاث العلماء التي أُجريت على أدمغة الأشخاص الذين يمرّون بتجربة حب، فالعديد من العمليات الدماغية المعقدة تجري في أدمغتهم، وهذه العمليات تؤثر على طريقة الإدراك، وهي تؤثر على أكثر من 12 منطقة في الدماغ. حيث تعمل جميعها معًا لإنتاج الهرمونات المسؤولة عن الحب. وهذا يعني أنّ الحب يحدث فعليًا في العقل وليس في القلب. وقد أثبت هذا دراسة أطلق عليها العلماء اسم “التصوير العصبي للحب”. فبمجرد أن نُحب، تبدأ مناطق معينة في الدماغ بممارسة نشاط ينتج عنه مواد كيميائية تُعطي شعورًا بالنشوة يُشبه نشوة المواد المخدرة، إذ أظهر التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) أنّ الحب يُنشط نظام المكافأة في الدماغ بنفس الطريقة التي يقوم بها النيكوتين أو الكوكائين. وهذه هي المواد الكيميائية التي يُطلقها الدماغ في حالة الحب: الدوبامين والأوكسيتوسين والأدرينالين والفازوبريسين. وهي تُسمى أيضًا بهرمونات الحب، علمًا أنّ تركيز هذه الهرمونات يكون في أعلى مستوياتها في بداية الوقوع في الحب، وتكون أقل بعد العلاقات الطويلة. لهذا فإنّ الوقوع في الحب هو بمثابة حالة تحفيزية نحو هدف معين. وهذا ما يُفسر الشعور بالحزن الشديد عند مقابلة الحب الرفض أو الانفصال؛ وذلك لأنّ الخلايا العصبية في العقل تظل تبحث عن الهدف الذي أصبح مفقودًا بالنسبة لها، وهذا أيضًا يفسر الشعور الكبير بالشوق.
علامات الحب
يقول الدكتور نيكينانس، المعالج النفسي والأستاذ في كلية بيكون في ليسبورغ، فلوريدا: أن الوقوع في الحب بمفهومه الاجتماعي يعني أن يكون لدينا قصص تثبت ذلك. لهذا فإنّ أولى علامات الوقوع في الحب تكون اندفاع هرمونات الحب في الدماغ لتكون السبب وراء هذا الاهتمام الصادق الذي يجعلنا نفكر بالشخص باستمرار. وبمجرد أن نكون مستعدين لمشاعر الحب يبدأ الدماغ بتحضير الكيمياء الخاصة به والتي تكون بمثابة الأرضية الأساسية لعلاقة الحب. وبعدها يبدأ توقيت الحب بالنسبة لنا. من علامات الحب الجسدية والنفسية وهي كالتالي:
- لا يمكنك التوقف عن النظر والتحدث عن الشخص المحبوب، وهذه العلامة تُشير إلى الافتتان به. ويقول الاستشاري النفسي مارك هيكستر أن هذه العلامة هي أوضح علامة تدلّ على أنك قد وقعت في حب شخصٍ ما. فأنت حين تنظر إلى شخص تُحبه لا تراه فقط بل تتخيل مستقبلك بأكمله معه وكأنك تبحث عن شيء ما.
- تغيير نمط الحياة والتخلي عن الأنشطة المعتادة مقابل قضاء وقت أكثر مع الشخص الذي نحبه، إذ إنّ نظام المكافأة في الدماغ يزيد حافز الرغبة في قضاء المزيد من الوقت مع من نحب، وفي هذا تقول الباحثة النفسية مادلين ماسون: “تبدأ في التوق إلى وجودهم”.
- التفكير بشكلٍ دائم في طرق تكوين علاقة أفضل مع من نحبه والتقرّب منه، والسعي للاهتمام بمصالحهم. فقد تكره ممارسة الرياضة مثلًا، لكنك فجأة تجد نفسك قد سجلت في نادٍ رياضي لأنّ من تحبه قد سجل في نفس النادي.
- عدم توجيه النقد لمن نحبه حتى لو فعل أشياء غير صحيحة، وإيجاد الأعذار لهم بشكلٍ دائم، وعدم ملاحظة أي أخطاء يفعلونها.
- الإحساس بمرور الوقت سريعًا عندما نكون معهم، حيث يقول عالم النفس هيكستر أن الوقوع في الحب يمكن أن يشوه إحساسك بالواقع قليلاً.
- الشعور بالحزن بمجرد مغادرته للمكان والتعاطف الدائم معه وإيجاد المبررات لكلّ ما يفعله.
- الرغبة في رؤية من نحب سعيدًا، والإيثار بشكل أكبر من المعتاد عندما يتعلق الأمر بهم.
- الإحساس الكبير بالتفاؤل والسعادة بمجرّد الحديث معهم، إذ يقول علماء النفس أنّ مجرد الوقوع في الحب يجعلك تشعر بأنّ كل شيء في حياتك رائع جدًا، وهذا بالطبع ناتج عن هرمون الدوبامين الذي يقلل مشاعر التوتر ويمنح الشعور الإيجابي تجاه الحياة.
- تتبع أخبار من نحب في جميع مواقع التواصل ومحاولة معرفة كل شاردة وواردة تخصه.
- الرغبة في لمس من نحبه لما يُسببه هذا من شعور كبير بالسعادة. ينتج هذا الإحساس هرمون الأوكسيتوسين الذي يعطي الرغبة في الالتصاق بمن نحبهم أو الاقتراب منهم.
- التفكير باستمرار في من نحبهم، لأن الوقوع في الحب يعني استسلام مشاعرنا لشخصٍ آخر، فيأخذ كل تفكيرنا ويسيطر عليه، وهذا يحدث بسبب هرمون الأكسيتوسين.
- ظهور علامات الحب الجسدية كلّها أو بعضها مثل:
- زيادة دقات القلب وخاصة عند رؤية من نحبه.
- الشعور بالتوتر عند غياب من نحبه.
- اتساع حدقة العين عند رؤية من نحبه.
- زيادة التعرّق عند رؤيته أو الاقتراب منه.
- الإصابة بالأرق وفقدان الشهية.
لا يمكن أن نحصر علامات الحب وأعراضه في عدد معين من النقاط، كما أن طريقة تعاطي الأشخاص مع الحب قد تكون مختلفة أحيانًا. فالبعض يظهر عليه الحب بطريقة أفعاله وتصرفاته والآخر يظهر في كلامه والآخر يُخفيه بطريقة غامضة بحيث لا تظهر عليه أية أعراضٍ تُذكر. ولا يمكن حصر تفسير الحب بالتفسير العلمي المبني على كيمياء الدماغ فحسب، رغم انسجام جميع الدراسات معًا في هذا التفسير. الحب من أكثر الأشياء التي ظلّت عصية على الفهم والتفسير، رغم كونه أكثر المشاعر التي تمت دراستها، ومع ذلك فهو يحتفظ بجانبه المبهم الذي يجعله يحدث بشكلٍ تلقائي، وربما هذا ما يجعل الحب شيئًا جميلًا ومجنونًا في الوقت ذاته، لأننا حين نحب لا نختار، بل يجتاحنا بشكلٍ فطري دون أن نملك له مقاومة. فهو ببساطة يجعلنا نشعر بالأمان والدفء والطمأنينة والاستقرار، ويمنحنا سببًا كافيًا لمواصلة حياتنا بشغف.