تغذية و صحة

عامل الوقت والتغذية السليمة في صيام رمضان

الصيام من أركان الإسلام وأهم عباداته. ولكن ما هي الأسرار وراءه وما أسرار الامتناع عن الطعام فعلا؟ هل سنخسر الوزن ونتعلم الصبر ونرتقي إيمانيا فقط أم أن هناك الفوائد الأخرى التي لم نتداولها بعد. لم يضع الله قوانين وأحكام الدنيا فقط لتعليمنا النظام والانضباط و تهذيب النفس بل ولنفعنا أيضا بطرق عدة منها الذي توصلنا له ومنها الذي لم نعرف عن وجوده أساسا. الصيام من أحد العادات الشفائية إلى جانب كونه عبادة. وبكونه عبادة فهو منطقيا لن يكون أبدا مضرا على أجسادنا وأنماط حياتنا، ولهذا جاء الحديث “صوموا تصحوا.” إذا فما هي اكتشافات العلم عن التغذية السليمة في رمضان وما هي فوائد تناول الطعام في الوقت الصحيح وهل هناك من لا يجب له الصيام؟

دراسات عن أهمية توقيت تناول الطعام:

  1. إعطاء الجسم راحة من الطعام يعد أمرًا صحيًا بحد ذاته. هناك دراسة أجريت على الفئران عام 2003 بقيادة عالم الأعصاب مارك ماتسون، أثناء عمله في المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة حيث قام هو وزملاؤه بإطعام مجموعة واحدة من الفئران مرة كل يومين وقارنوها بمجموعة أخرى تأكل نفس كمية الطعام ولكن كل يوم.

بعد 20 أسبوعًا، كان اللافت للنظر أن الفئران التي كانت صائمة ليومًا واحدًا كانت أكثر صحة من أولئك الذين يتناولون الطعام يوميًا.

  1. توقيت الأكل مهم جدا للصحة وهذا ما جاء في دراستين، واحدة على القوارض التي تنام نهارا وتصحو ليلا والأخرى على البشر. أظهر اختبار عن القوارض، نُشر في 2009 قدمه باحث النوم فريد توريك في جامعة نورث وسترن، أن الفئران التي تغذت على نظام غذائي عالي السعرات الحرارية أثناء النهار (وقت نومها البيولوجي) اكتسبت وزنًا أكبر بكثير من الفئران التي تغذت على نفس الشيء ليلا. حدث هذا على الرغم من أن الحيوانات استهلكت نفس العدد من السعرات الحرارية بشكل عام. ومن هنا بدأت فكرة تناول الطعام فقط في أوقات نشاطنا. أي بتجنب الأكل ليلا لدى البشر.
  1. تباعد أوقات الطعام من أهم عوامل الصيام السليم المفيدة جدا. ولكن لماذا؟ الطعام الذي نأكله تكسره الإنزيمات الموجودة في أمعائنا إلى بجزيئات من الطعام تجري في الدم لتصل لجميع جسدنا. تكسر الكربوهيدرات (مثل الدقيق الأبيض والأرز) إلى سكريات فتحصل خلايانا على الطاقة التي إما ستستخدمها أو تخزنها في خلايا دهنية. ولكن خلايانا لا تمتص السكر إلا بوجود الأنسولين، وهو هرمون يصنع في البنكرياس وهو يعلو عند تناول السكريات والكربوهيدرات.

بين الوجبات، طالما ابتعدنا عن الأكل بين الوجبات، ستنخفض مستويات الأنسولين لدينا فتتمكن الخلايا الدهنية من إطلاق السكر المخزن لاستخدامه كطاقة. ولكن بتناول السكر والكربوهيدرات ستظل الخلايا تستقبل المزيد من السكر. أي إن التوقف عن تناول الطعام يسمح لجسمنا استخدام ما لديه من طاقة مخزنة فيخسر الوزن.

  1. دراسة أخرى قام بها أيضا ماتسون كانت على فئران صامت كل يوم لمدة ثلاثة أشهر، وكانت النتائج أن جسمها ولّد عددا أكبر من الخلايا العصبية في الحُصين (وهي منطقة دماغية تشارك في التعلم والذاكرة) بالإضافة إلى تحفيزه مستويات أعلى من المادة الكيميائية المسؤولة عن حماية الأعصاب.
  1. أجريت دراسة أخرى أفادت بأنه عند تجربة حقن بعض الفئران التلي اعتادت الصيام بمواد خطرة على الدماغ، لم تتأثر أدمغتهم على النحو السلبي ذاته الذي تأثرت به أدمغة الفئران التي تأكل يوميا ولا تصوم، إذ ماتت لديها خلايا عصبية أقل.
  1. نتيجة لدراسة أجريت على المكتئبين الذين صاموا لربع يوم فقط، ووجدوا بعد مرور 6 أشهر فقط أن الصيام في حد ذاته مضاد للاكتئاب فهو يساعد المخ بنقله هرمونات السيروتونين والإندوجين بصفة أكبر. كما أن المشاعر السلبية تقل جدا مع الصيام وتستبدلها الإيجابية.
  1. في دراسة أجريت في 1982، أثبت أن القوارض التي جعلوها تصوم لم تظهر علامات تقدم في السن وعاشت بنسبة 83% أكثر من غيرها.
  1. تقول الدكتورة الخبيرة في نظام الحرق ديبورا ويكسلر العاملة في كلية الطب في جامعة هارفارد أن الأدلة العلمية تثبت أن النهار هو أنسب وقت لتناول الطعام لا الليل.

من فوائد الصيام لمدة طويلة:

  • يقوي اللياقة الجسدية والقدرة الإدراكية.
  • يزيد من كفاءة تعامل الجسد مع أمراض كثيرة كمرض السكري.
  • يساعدنا في تجنب أمراض كثيرة وخطيرة منها حتى السرطان.
  • يقول العلماء أن الفئران التي تصوم يومًا وتفطر يوما يمكن أن تزيد من عدد الميتوكوندريا (مصنعات الطاقة في الخلايا) خاصة في الخلايا العصبية فتساعدها على إنتاج المزيد من الطاقة، مما يعزز الحفاظ على الصلات العصبية وزيادتها.
  • لا توجد للصيام أعراض جانبية.
  • أثبت الصيام أنه يزيد من متوسط العمر، كما أنه يزيد من قوة عضلة القلب ونظام الحرق في الجسم.
  • في الصيام يلجأ الجسد لاستخدام الدهون المخزنة فيها كمخزن للطاقة وينتج السكر المطلوب فيه عن طريق عملية تسمى بتخليق الجلوكوز بواسطة الكبد وهذا يساعد جهاز الحرق لدينا بالعمل أفضل وهو أيضا ما يقلل من الجهد على القلب وضغط الدم.
  • تترجم أجسادنا الصيام على أنه نوع من التحدي أو الضغط فتتعامل وتتكيف معه فتقوى وتزيد من قدراتها. تماما كالعضلات أثناء التدريب.
  • الصيام يجعلنا نتصل أكثر بجانبنا الإيماني.

نصائح لصيام أفضل والحرص على التغذية السليمة في رمضان

  • من الأفضل التدرب على الصيام قبل رمضان والرجوع إلى نظامنا قبل رمضان بشكل تدريجي.
  • أفضل مواعيد للأكل في رمضان هي فعلا مباشرة عند المغرب وأقرب وقت ممكن للفجر وذلك لملامستهما وقت النهار وهو أفضل وقت نأكل فيه  وفقا للدراسات.
  • لا تؤجلوا الفطار أبدا.
  • تجنبوا السكر وأخذ الفواكه بالبدل.
  • لا تأكلوا بين الوجبتين الفطار والسحور ليجد جسمكم الفرصة لحرق أكبر قدر ممكن من الطاقة المطلوبة.
  • لا تكثروا من السكريات ولو كانت فاكهة. فبعد انتعاش جسدك بالسكر، سيهبط في خلال ساعتين وترجع تشعر بالجوع.
  • كلوا كفايتكم من البروتينات.
  • التزموا التغذية السليمة في رمضان، فما هناك من حجة للأكل الدسم وغير المفيد مقابل الصيام. 
  • لا تتركوا الأنشطة، فالجسم سيقدر عليها وليس هناك أي قلق. ولكن كلوا جيدا إن مارستم الرياضة.
  • عند تحضير الطعام احرصوا على الانتقاء وعدم الإفراط.
  • كلوا بشكل متأن. فالشبع يبدأ بعد 20 دقيقة من بداية الأكل.
  • تابعوا مع طبيبكم إن كنتم تتناولون أدوية معينة لترتيبها في رمضان.
  • بعد انقضاء رمضان إن لم تشعروا بالراحة في تناولكم الطعام كما في العادي، فلا تكثروا من الطعام وتأنوا في الرجوع للسابق واسمعوا لأجسادكم.

من هم الممنوعون من الصيام.

إن نصحكم الطبيب بالصيام فصوموا ولكن دون ذلك فتلك هي الفئات الممنوعة من الصيام وهم:

  • من يعاني من داء السكري أو الضغط
  • من يعاني من مشكلة مزمنة في الكلى
  • من هو في مراحل التعافي من عملية كبيرة
  • الحوامل والمرضعات

الصيام كباقي العبادات يمثل نظاما كاملا متداخلا مع كل ما يحيط به. ومن حسن الصيام أن نحسن معاملة أجسادنا وذلك من خلال التغذية السليمة في رمضان. الصيام زيادة في الدين والإيمان والصحة فقد أثبتت كفاءته في تحسين الصحة والمناعة في الإنسان والحيوان. ولا عجب في أنه يساعد حقا في الشفاء من الأمراض ودون تدخل طبي. علينا أن نؤمن بأن الجسم لديه ما يكفي من الطاقة الشفائية لنفسه دون تدخل خارجي ولكن إن أعطيناه الفرصة. لهذا، من الجيد في هذه السنة، أن نفعل عبادة جديدة إلى جانب الصيام وهي الإيمان بقدراته ومنافعه التي لا نعرفها ومحاولة التدبر فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق