طريقتان لعلاج الشخصية العدوانية بفعالية

الشخصية العدوانية من الشخصيات التي ينظر إليها البعض على أنها شخصية سلبية تتعدّى على الآخرين، دون أن يدركوا أنّ هذه الشخصية من الممكن أن تكون ضحية لظروف أو أشخاصٍ أو مجتمع. الشخصية العدوانية هي الشخصية ذات السلوك السلبي التي تتعمد الإضرار جسديًا وعاطفيًا بالغير، لفظيا أو جسديا. فالعدوانية تكون على شكل فعل مضاد موجه نحو أشخاص أو على شكل إيذاء أو سخرية أو استخفاف أو تنمر. لذا، لنتحدث عن أسباب الشخصية العدوانية وسلبياتها على صاحبها والآخرين وكيفية الحد من عدوانيتها وعلاجها.
نشأة الشخصية العدوانية
يعتقد الباحثون أن السلوكيات العدوانية تظهر منذ الطفولة، إذ يمكن أن تؤدي سوء معاملة الأطفال والإهمال والعقاب القاسي إلى سلوكيات عدوانية سلبية. وأحيانًا تتصرف الشخصية العدوانية بهذا السلوك تجاه نفسها إذا لم تستطع تفريغ هذا السلوك.
علامات الشخصية العدوانية
من أبرز ما تشعر به الشخصية العدوانية:
- صعوبة التحكم في التصرفات والاندفاع في أذى الآخرين.
- الشعور بالضيق والقلق والتجهم عند عدم إيذاء الآخرين.
- الرغبة الدائمة في الانتقام من الناس واستفزازهم حتى دون أن يفعلوا شيئًا يستدعي ذلك.
- كثرة توجيه النقد للآخرين، والاحتجاج على كلّ شيء بسبب وبدون سبب.
- سرعة الغضب والانفعال، وكثرة النسيان وكثرة التسويف.
- كثرة السخرية من الآخرين والتنمر عليهم.
- أداء المهام بشكل غير فعال.
- كثرة الأخطاء المتعمدة في حق الآخرين.
- العناد الشديد وتوجيه اللوم للآخرين، والشكوى الدائمة من عدم التقدير، والاستياء من مطالب الناس.
مظاهر الشخصية العدوانية على:
- الوجه: دائما ما يكون عبوسا أو متجهما أو تكون نظراته غاضبة.
- الجسم: تشنجات وإغماءات ورفس وتلويح بالقدمين واليدين وركل وضرب ودفع وخدش وشد الشعر ورمي الأشياء باتجاه الآخرين.
- العادات: إصدار أصوات ازدراء واحتقار والعض والبصق.
- الحديث: صراخ وتوجيه الشتائم والألفاظ الجارحة.
- السلوكيات: العناد والتحدّي وإهمال الآخرين واستفزازهم.
- صور العدوان العلنية: الميل للإجرام ولو بشكل مصغر،كإشعال الحرائق مثلًا أو التشاجر أو أي نوع من أساليب الإضرار بالأشخاص والأشياء.
أشكال السلوك العدواني:
1. العدوان المقصود:
– عدوان دفاعي ناتج عن تعرض الشخص للأذى فيتصرف بردة فعل عدوانية ردًا على ما تعرض له،
– أو ذلك العدوان الكرهي الذي ينتج عن كراهية الآخرين والرغبة الكاملة بإيذائهم.
2. العدوان غير المقصود: كأن يصطدم أحد بشخص آخر ويسبب الأذى له دون أن يقصد ذلك.
3. العدوان الاجتماعي: وهو الأشدّ خطرًا لأنه يكون موجهًا إلى المجتمع بأكمله ويسبب الأذّى لعدد كبير من الأشخاص.
أسباب تطور الشخصية العدوانية
تُشير الدراسات أنّ نسبة انتشار الشخصية العدوانية لدى الذكور أكثر بكثير من الإناث، ويعود هذا إلى هرمون الذكورة الذي يرتبط بالعنف والقوّة والشراسة. وقد لوحظ وجود ارتباط بين هرمون الذكورة وبين العدوانية حيث أنّ الناقلين العصبيين الكولين والكاتيكول أمين يشتركان في إحداث العنف، بينما الناقل العصبي حمض غاما -أمينوبيوتيريك والسيراتونين يقللان من العنف، وبالتالي فنقص السرياتونين يسبب سرعة الاستثارة وتنامي السلوك العدواني. أما الأسباب العامة لتطور الشخصية العدوانية، فمنها:
1. العوامل الوراثية
2. العوامل البيولوجية: تتعلق هذه العوامل بمبدأ عمل جهاز الغدد الصماء في الجسم، وإفراز الهرمونات الذي يؤثر على مزاج الإنسان وطريقة تصرفاته.
3. العوامل الفسيولوجية: بعض العوامل الفسيولوجية تسبب تصرف صاحبها بعدوانية نتيجة الألم الذي يشعر به أو تناوله لأدوية معينة تدفعه للسلوك العدواني رغمًا عنه. ومن الأمراض التي تسبب السلوك العدواني: اضطراب طيف التوحد وانفصام الشخصية ومرض ثنائي القطب. في بعض الأحيان، قد يحدث تلف في دماغ الشخص يفقده القدرة على التحكم في شخصيته العدوانية نتيجة لسكتة دماغية أو التعرض لضربات في الرأس.
4. العوامل الطبيعية: تشمل العوامل البيئية المحيطة بالشخص وحياته والمواقف المختلفة التي يتعرض لها وتدفعه للتصرف بعدوانية مثل: التفكك الأسري وتعرض الشخص للشتم واللعن والإيذاء من الآخرين، فتتولد لديه ردّة فعل مشابهة. وتشمل هذه العوامل أيضًا الضوضاء والمناخ، فالبعض يشعر بالعدوانية إذا كان المناخ حارًا أو إذا كان موجودًا في بيئة مزعجة.
5. العوامل النفسية: تُساهم العوامل النفسية الصعبة في زيادة عدوانية الشخص، خاصة عند شعوره بالإحباط والاستياء واليأس، أو الشعور بالغيرة من الآخرين.
6. الشعور بعدم الراحة: مثل الوجود مع ِأشخاص غرباء غير مريحين أو الوجود في أماكن مزدحمة أو مكان مغلق، أو التململ من شيءٍ ما.
7.العوامل الاجتماعية والاقتصادية: يمر الفرد أحيانًا بظروف اجتماعية صعبة أو اقتصادية تجعله يتصرف بعدوانية، فالفقر يجعل الشخص أحيانًا يتصرف بعدوانية لعدم قدرته على تلبية احتياجاته الأساسية.
كيفية التعامل مع الشخصية العدوانية
الشخصية العدوانية مكروهة اجتماعيًا لأنها تنتهك الحدود الاجتماعية للآخرين وتؤدي لانهيار العلاقات. تظهر عدوانية الشخص على تصرفاته وقد تكون كامنة فتُسبب الضرر للآخرين دون أن يشعروا. قد تظهر العدوانية على أشخاص في لحظات غضب بحيث تكون طبيعية أي ليست متأصلة في شخصيتهم. قد نواجه زملاء لديهم شخصية عدوانية، فيكون التعامل معهم صعب ويلزمه دراسة لنتجنب الوقوع في المشكلات. من أهم الأعراض التي تظهر عليهم: التملّص والتسويف والانسحاب والمجاملات الكاذبة ورفض التواصل وسرعة الانفعال. وتبدأ أهم خطوات التعامل معهم:
- السيطرة على غضبهم في وجودهم ومجاراتهم قدر الإمكان.
- إعطائهم الوقت الكامل للتراجع عن موقفهم.
- الحفاظ على الهدوء اثناء التعامل معهم وعدم الانفعال أبدََا.
- رسم حدود واضحة للتعامل معه بشكل عام وعدم التخلي عنها.
- .استخدام المنطق والواقعية عند مناقشتهم.
- عدم اخذ كلامه على محمل الجد لأنه لا يدرك ما يقول اثناء نوبات الغضب.
علاج الشخصية العدوانية
إذا لم يتلقَ الشخص العدواني علاجًا نفسيًا وسلوكيًا يجعله قادرًا على السيطرة على عدوانيته، فقد يتسبب في الأذى لنفسه قبل الآخرين، مما يسبب الضرر لعلاقاته الاجتماعية! لهذا لا بدّ من محاولة ضبط السلوك العدواني بمختلف الطرق التي منها:
العلاج الذاتي
بتحسين الوعي الذاتي، خاصة أنّ الأفعال العدوانية تبدأ من قلة فهم سبب العدوانية. يجب منح النفس الوقت الكافي لإجراء أي تغييرات في السلوك، والتدرب على التعبير عن النفس وفهم المشاعر بشكل فعّال، والذهاب إلى معالج نفسي وطلب المشورة.
العلاج السلوكي
- معرفة الشخصية العدوانية بسلوكياتها وإدراكها لما تفعله من تصرفات، والرغبة الحقيقية في التغيير.
- تحديد جميع الأسباب المحتملة للسلوك العدواني، وعلاجها بحسب التشخيص.
- التفكير بتأنٍّ قبل التصرف أو الرد.
- الاحتفاظ بالتفاؤل والتعبير عن المشاعر بصدق وبطريقة صحيحة.
- تقديم الدعم النفسي للشخص الذي يعاني من العدوانية ومحاولة التفاهم معه ومساعدته في السيطرة على نفسه وتصرفاته.
- المراقبة الجيّدة لسلوك الشخص العدواني لمنعه من إيذاء نفسه والآخرين.
فسرت الشخصية العدوانية نظريات عدّة مبنية على دراسات وأسس علمية، منها النظرية البيولوجية التي ترى أنّ السلوك العدواني موجود في أصل كل إنسان وجزء طبيعي من تكوينه. ولكننا نهذبه ونمنعه من التمرّد، إلّا أنّ البعض يُعاني من كبت هذه العدوانية بطريقة سلبية فتظهر للعلن عاجلا أم آجلا! أما النظرية النفسية فتقول أنّ العدوانية شيءٌ فطري يزداد وينقص بحسب العوامل النفسية لكل شخص وهي جزء من كيان الإنسان. أما النظرية السلوكية فتقول أنّ العدوانية نابعة من السلوك المكتسب! لذا، فملخص الحديث يكمن في إدارة الشخصية العدوانية. وهو بأن يعتمد الشخص على نفسه أولًا وعلى من حوله في معالجة عدوانيته بطريقة إيجابية لتوجه في الحماية مثلا لا الإيذاء.