إدارة حياة

طرق مجربة لكي لا نستسلم للفراغ

كيف تقضي وقت الفراغ؟ ربما نسأل أنفسنا هذا السؤال كثيرًا دون أن نُدرك أنّ استغلال وقت الفراغ مهارة يجب ألّا نغفلها. فالفراغ نعمة يُحسد عليها كثيرون إن أحسنوا استغلالها. ولكنه قد يُصبح مصدرًا للملل إن زاد عن حدّه وأصبح نمط حياة الإنسان. ولهذا يجب علينا أن نتعامل مع الفراغ بطريقة إيجابية تعود علينا بالفائدة، وعلينا أن نعي أنّ الفراغ شعور طبيعي يمرّ بالجميع، وقد يشعرنا بأننا بلا هدف في هذه الحياة. فالوقت حين نشعر بالفراغ يمرّ بطيئًا دون معنى، ولا نشعر فيه بالسعادة أو الحزن، بل تُسيطر علينا مشاعر ثقيلة، خاصة إذا تمحور هذا الفراغ حول مجاهدة المشاعر غير المرغوبة، وهنا قد يُؤثر الفراغ علينا بطريقة إيجابية أو سلبية، حسب طريقتنا في التعامل معه.

الآثار السلبية للفراغ

الشعور بالفراغ يُمكن أن يُنتج الكثير من الأفكار المؤلمة مثل: ” أن الحياة لا تستحق العيش” أو “أنه ما من أمل نحيا له”! الآثار النفسية والجسدية السلبية التي قد يُسببها الفراغ من الممكن أن تتطوّر إلى حالة من القلق المرضي الذي يحتاج إلى علاج ومتابعة، خاصة أنّ كثيرًا من الصدمات النفسية تأتي آثارها على شكل شعور بالفراغ بدلًا من الحزن، فيشعر الشخص بالفراغ الكبير وكأنه لا يملك أية خطط أو أهداف. قد أظهرت الإحصائيات أنّ كبار السن هم الأكثر عرضة للشعور بالفراغ، خاصة بعد وصولهم إلى سنّ التقاعد. ومن الآثار النفسية والجسدية التي تترافق مع الفراغ الآتي:

  • الشعور بالملل الشديد المصحوب بفقدان الشغف.
  • فقدان القدرة على النوم لأيامٍ عديدة، وقد تتحوّل الحالة إلى أرق مزمن.
  • عدم الرغبة بالعمل أو أداء أي نشاط.
  • العزلة الاجتماعية وعدم الرغبة بالاحتكاك بالعالم الخارجي.
  • الشعور بالخجل المخالط بالذنب.
  • القلق الدائم وكثرة الخيالات السلبية.
  • فقدان الاهتمام بالنفس، والشعور بالفشل.

كيف تقضي وقت الفراغ

استغلال وقت الفراغ بالطريقة الأفضل يكون باتباع العديد من الخطوات. أوّلها فهم ماهيّة هذا الفراغ وأسبابه. تقول كايتلينسلايت أخصائية الزواج والأسرة في ولاية شمال كارولاينا: “قد تشعر بالفراغ لأن شيئًا ما مفقود في حياتك. قد يكون هذا فراغًا ناتج عن غياب أو موت أحدهم، أو قد يأتي الفراغ ناتجًا عن تخلينا عن أنفسنا ببطء ودون أن نشعر، وتهميشنا لآمالنا ورغباتنا!” ولهذا فإنّ الفراغ لا يعني بالضرورة توفّر الوقت الكثير دون وجود شيء نقوم به، بل يُمكن أن يكون هناك الكثير من الواجبات التي علينا إنجازها، لكننا لا نملك الشغف لأدائها بسبب شعور الفراغ الكبير الذي يسكننا. وقد يطغى شعور الفراغ على جميع المشاعر الأخرى حتى القدرة على البكاء أو الضحك.

للتعامل مع الفراغ بطريقة إيجابية، يجب معرفة ما يُمكننا فعله معه. من أبرز طرق التعامل مع الفراغ ما يأتي:

  • معرفة السبب الحقيقي للشعور بالفراغ، والتعامل معه بناءً على سببه.، يقول المعالج النفسي “في بولدركولو”: “إذا كنت تُعاني من الفراغ فهذا أشبه بفجوة كبيرة، اعترف بهذه الفجوة وكن لطيفًا مع نفسك. ولا تصرف النظر عن مشاعرك”.
  • قضاء وقت أكبر مع النفس كلّ يوم، والتصالح مع جميع نقاط الضعف، وتخصيص وقت لاستكشاف المخاوف والرغبات والأحلام، وإضفاء معنى على الحياة اليومية.
  • وضع أهداف محددة بتوقيت زمني معيّن لإنجازها، بحيث نُجبر أنفسنا على تنفيذ المهام المتعلقة بهذه الأهداف حتى لا نشعر بالفراغ.
  • عدم تجاهل المشاعر الآنية التي تطفو على السطح في وقت الفراغ، واحتضان هذه المشاعر بكل تجرّد، لأنّ هذه الطريقة تُساعدنا على الانغماس البنّاء في هذه المشاعر وتحويلها إلى مشاعر إيجابية.
  • الاحتكاك بأشخاص نثق بهم في الوقت الذي نشعر فيه بالفراغ، ونتكلّم معهم عن مشاعرنا ونطلب منهم الدعم والمساعدة لتخطي مشاعر الفراغ.
  • ممارسة بعض الأنشطة الممتعة مثل: التمرين الذهني أو الرياضي أو القراءة أو الكتابة أو التأمل، إذ تُساعد هذه الأنشطة على إعادة التركيز.
  • عدم مقارنة النفس بالآخرين، والتوقف عن بث أي رسائل سلبية للنفس، واستبدالها برسائل إيجابية.
  • عدم لوم النفس على أشياء لا يُمكن التحكّم بها، كالإخفاق الذي يأتي رغم السعي والجهد، لأنّ هذا يُسبب الشعور بالذنب والذي من شأنه يُؤدي إلى الوقوع في دوامة الفراغ.
  • التعاطف مع النفس، وفي هذا يقول علم النفس إنه: يجب أن نُعامل أنفسنا كأطفال، ونمنحها الأفضل بأقلّ الخسائر الممكنة.
  • امنحنفسك الوقت الكامل لتجاوز جميع اللحظات السيئة، أي يجب أن نعيش مشاعرنا بكاملها دون أن نُحاول كتمانها، لأنّ الكتمان يُسبب تراكمات كثيرة تُدخلنا في دوامة الفراغ.
  • اربط قلبك بعقلك واجعل عواطفك مرتبطة منطقيًا بأفكارك لتقليص الشعور بالفراغ إلى أقل درجة ممكنة.
  • دوّن الأشياء التي من الممكن إنجازها وقت الشعور بالفراغ، وحاول أن تُطبقها جميعها أو على الأقل طبّق بعضها.

لا تفعل هذه الأشياء عند الشعور بالفراغ!

  • لاتجاهل عواطفك ومشاعرك مهما كانت.
  • لا تُحاول الانفصال عن الواقع والاستسلام للخيال.
  • لا تكن متشائمًا، ولا تجعل أفكارك تذهب بالاتجاه الخاطئ.
  • لا تجلد ذاتك ولا تقسو عليها، وكن متعاطفًا معها بشدّة.
  • لا تتجاهل الأعراض الجسدية التي يُسببها الفراغ كقلة الحركة والخمول وانعدام القدرة على النوم.
  • لا تتحدث عن مشاعر الفراغ لديك للأشخاص السلبيين والمحبطين.

الفراغ كلمة فضفاضة جدًا، لا يُمكن حصرها بمعنى واحد فقط. فالشعور بالفراغ عاطفة قد يصعب وصفها بالكلمات، خاصة أنه شعور داخلي متنامٍ، يُمكننا أن نشعر به حتى وإن كان لدينا الكثير من الأعمال، أو كنّا محاطين بدائرة اجتماعية كبيرة، لأنّه شعور نفسي ينتج عن تراكماتٍ مختلفة. التعامل مع مشاعر الفراغ بطريقة صحيحة يجعل منه أمرا مفيدًا للتخلص من الطاقة السلبية؛ أما الاستسلام لمشاعر الفراغ يجعلنا مسلوبي الإرادة، وغير قادرين على أن نتخلّص من شعور الفراغ الثقيل. وعلى الرغم من أنّ الشعور بالفراغ يحمل إحساسًا مشابهًا لدى الجميع، تظل وصفات التخلّص منه غير صالحة للجميع. لهذا فإنّ أبسط ما يُمكن القيام به هو التفكير بأنّه شعورٌ مؤقت وسريع في أغلب الأحيان، والمطلوب هو ألّا نتركه يقطع أفكارنا ويُسيطر على عقولنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق