إدارة حياة

دليلك لعلم تحديد الأهداف

هل تذكر أحداثَ فيلم ِ”النمر الأسود” للفنان أحمد زكي؟ قصة صعود رجل الأعمالِ المصري محمد حسن من القاعِ إلى القمة؟

كان محمد مجرد خراطًا مصريًا أٌمِّيًا بسيطًا يحلمُ بالفوزِ ببطولةِ العالمِ للملاكمة، وسافر إلى ألمانيا ليعملَ بالخراطةِ واضعا حلمَه نُصبِ عينيه، وبعد تحديدِ هدفِه والمثابرةِ في طريقه، وصل إلى تمثيلِ ألمانيا في بطولاتِ الملاكمة، ولم يتركْ هدفَهُ في تحقيقِ النجاحِ في عملِه أيضا، متحديا عقبةَ اللغةِ التي لم يكن يعلمُ عنها شيئا، ولكنه سرعان ما أتقنَ 5 لغاتِ، وأصبح من كبارِ رجالِ الأعمال.

ما فعله محمد حسن هو ما يعرف بـ”تحديدِ الأهداف”، فما أهميةُ ذلك؟

أهميةُ تحديدِ الأهداف

الأشخاصُ الذين حددوا أهدافَهم مسبقا أكثر نجاحا من هؤلاءِ الذين تجاهلوا الأمرَ، فهناك شيءُ محفزُ بشكلِ لا يصدقُ حولَ تحديدِ هدفِ والعملِ على تحقيقِه.

عندما نضعُ هدفا لأنفسنا يصبح جزءا منا ومن هَويتِنا، ونجدُ أننا نغيرُ سلوكَنا وتفكيرَنا للتأكدِ من أننا نحقق ذلك الهدف.

على سبيل المثال، إذا حددت هدفا بخسارة قدر معين من الوزن بحلول تاريخ معين، فستبدأ في تغيير عاداتك وأسلوب حياتك.

ستبدأ في تناولِ الطعامُ بشكل صحي، والقيام بأنشطةِ مختلفةِ مع الأصدقاء، وربما تكوينِ صداقاتِ جديدةِ إذا كان ذلك يساعدكَ في تحقيقِ هدفِك بشكلٍ أسرع.

لكن كما يعلم الكثير، فإن معظم الأهداف التي حددتها لن تتمكن من تحقيقها في الواقع، وهو ما بينته دراسةٌ أجرتها جامعة “سكرانتون” الأمريكية عام 2014، حيث كشفت أن 8% فقط من الناس يحققون أهداف العام الجديد؟

لماذا نفشل في تحديد الأهداف؟

يقول الكاتب الأسكتلندي الساخر توماس كارليل إن “الإنسان دون هدف كالمركب دون دفة؛ سينتهي الأمر بالاثنين إلى التحطم على الصخور”.

ويقول الدكتور إبراهيم الفقي خبير التنمية البشرية الراحل إن هناك خمسة أسباب وراء الفشل في تحديد الأهداف، وهي:

الخوف: الخوف من الفشل أو الرفض الذي ينتهي بالألم هو ما يدفع البعض إلى العيش دون تحديد الأهداف.

النظرة للذات: نظرتك لنفسك تحدد طريقة حياتك، فإن كنت تثق بنفسك، سينعكس ذلك على طريقة تفكيرك، والعكس صحيح، فالرؤية المهزوزة للذات تنعكس على الشخص وتفكيره، وتجعله يشعر أنه غير كفء وأقل من الآخرين، وبالتالي تؤثر على طريقة حياته وتخطيطه لمستقبله، فيخشى من تحديد الأهداف لإنه لا يثق في قدرته على تحقيقها.

التأجيل: كثيرا ما نسمع الحكمة القديمة التي تقول “لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد”، لكننا لا نعمل بها في معظم الأوقات، فنبدأ في العمل على الملفات المطلوب تسليمها قبل موعد التسليم بساعات قليلة، أو أننا نؤجل تحديد أهدافنا باستمرار فتكون النتيجة هي عدم تحديدها.

عدم الإيمان: بعض الناس لا يؤمن بقيمة تحديد الأهداف من الأساس، ويعتقدون أنه إضاعة للوقت، ولذلك لا يحددون أهدافهم.

عدم المعرفة: يقول الدكتور إبراهيم الفقي إن 97% من الناس لا يمتلكون برنامجا منظما لتحديد الأهداف، رغم أن بعضهم يتمنون ذلك، لكنهم لا يأخذون الخطوات الحقيقية لتحقيق أحلامهم، لذلك يجب أن تتعلم كيفية تحديد برنامجا منظما لتحديد أهدافك حتى تصل إلى ما تريد.

المبادئ الخمسة لتحديد الأهداف

أجرى العالمان الأمريكيان “إدوين لوك” و”جاري لاثام”، بحثين في الستينات عن تحديد الأهداف، نتج عنهما خمسة مبادئ لتحديد الأهداف.

  1. وضع أهداف واضحة

إذا لم يتم تحديد هدفك بشكل واضح، فكيف ستعرف ما إذا كنت قد حققته من قبل؟ فالهدف الفعال واضح وقابل للقياس ومقيد بالوقت، وسيساعدك هذا الوضوح على التركيز والتخطيط لكل خطوة لتحقيق الهدف بشكل أفضل.

عند تحديد هدفك، اختر مقياسا واحدا لتتبعه واكتبه، وتذكر أن تجعله محددا.

مثال: “أريد زيادة عدد الزيارات على موقع الويب الخاص بي من 50000 زائر إلى 100000 زائر في غضون ستة أشهر”.

2. وضع أهداف صعبة

أظهرت الدراسات أن دوافع الناس تكبر من خلال الأهداف الصعبة، وبينت أبحاث “لوك” و”لاثام” أنه كلما كان الهدف صعبا ومحددا، كلما عمل الناس بجد لتحقيقه، وعندما تكون الأهداف سهلة جدا، أو صعبة للغاية، لن يبذل الأشخاص قصارى جهدهم.

الهدف الصعب يؤدي إلى المزيد من المكافآت، وهذا سوف يقودك إلى العمل بجد نحو تحقيقه.

اسأل نفسك عندما تحدد هدفك “ما مدى صعوبة هدفي؟” “هل هدفي سهل للغاية؟” “هل سيكون من الممكن تنمية هدفي لجعله أكثر طموحا؟

3. كن ملتزما

لن يتحقق الهدف بشكل واقعي إلا إذا كنت تريد حقا تحقيقه، وإذا لم تكن لديك رغبة فعلية في تغيير عادتك أو سلوكك، فلن يهم مدى شعورك بالحماس للهدف.

ستكون هناك تحديات وإخفاقات على طول الطريق لتحقيق الهدف، ولن يساعدك سوى الإيمان بالرغبة الحقيقية في المثابرة خلال تلك الأوقات.

اسأل نفسك “إلى أي مدى تريد هذا حقا؟” “ما الذي دفعك لاختيار هذا الهدف؟” ” كيف ستكون الحياة بمجرد تحقيق ذلك الهدف؟”

4. تابع ما تنجزه

تتبع هدفك وما تنجزه من تقدم بانتظام. سيساعدك ذلك على البقاء في المسار الصحيح، لذلك حدد وقتا مخصصا لمراجعة أهدافك، وليكن مثلا مرة واحدة كل أسبوع. واستخدم هذا الوقت لاكتشاف العقبات وإجراء التعديلات للأسبوع التالي.

5. لا تضع أهدافا معقدة

رغم أهمية وجود أهداف صعبة، إلا أنك لا تريدها أن تكون معقدة، فوجود أهداف معقدة للغاية سيجعلها مربكة ومرهقة، مما يجعل من الصعب عليك تحقيقها.

تذكر أن طريقة حل الكثير من المشكلات هو بتقسيم هدفك الكبير إلى أجزاء أصغر، حتى تتمكن من تحقيقها دون توتر وبشكل أدق. وتذكر أيضا أن تعتاد التطور ببطء وباستمرارية وأن الأهداف لا تحقق بضغطة زر بل بالاستمرارية. والاستمرارية في حد ذاتها سهلة، وتكمن صعوبتها فقط في أولى خطواتها. ومن ثم تصبح من المعتادات الحياتية التي لا تشعر بها.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق