دليلك الكامل لاكتشاف مواهب طفلك وتنميتها
مواهب الأطفال ثروة كبيرة إن أحسن تمكينها وتوظيفها. فالموهبة تميز ملحوظ لدى بعض الناس في مجال ما. الموهبة نوع من الذكاء والتكوين المعقد الذي يدفع الفرد لأداء مرتفع المستوى. الموهبة شيء فطري تصاحبها نسبة ذكاء تخلق ابتكار ما وهي تتطور وفقا لمستوى الاهتمام بها. يعرف لانج وايكوم الموهبة بأنها: “قدرات خاصة ذات أصل تكويني لا ترتبط بذكاء الفرد، بل إن بعضها قد يوجد بين المتخلفين عقلياً”، بينما يعرفها كارتر جول على أنها “القدرة في حقل معين، أو المقدرة الطبيعية ذات الفاعلية الكبرى نتيجة التدرب مثل الرسم والموسيقى ولا تشمل بالضرورة درجة كبيرة من الذكاء العام”. ويعرف لايكوك الموهوب بأنه هو “ذلك الفرد الذي يكون أداؤه عالياً بدرجة ملحوظة بصفة دائمة في مجالات الموسيقى أو الفنون أو القيادة الاجتماعية أو الأشكال الأخرى من التعبير”. إذا لكل الآباء الجدد في التربية، إليكم مجالات الموهبة وكيف نلاحظها ومتى وكيف ننميها، وما التصرف إن لم تكن لدى أبنائنا موهبة من الأساس.
أنواع مواهب الأطفال الستة
- الموهبة التحصيلية أو الأكاديمية
لدى الموهوبين في إحراز التقدم الأكاديمي والدرجات العالية في الاختبارات في مواد عدة أو في بعض منها.
- القدرات العقلية الخاصة
لدى ألئك أصحاب المعلومات العامة الغزيرة، والقدرات اللغوية المتقدمة، والذاكرة المتوقدة، وعمق الفهم والتفكير المجرد.
- القدرة على التفكير الابتكاري
لدى أصحاب القدرة على وضع العناصر معاً وتركيبها وتفكيكها وجمع المتنافر منها بشكل خلاق. أصحاب التفكير الابتكاري يتمتعون بالحساسية للمشكلات، والإيمان العميق، والتكيف السريع، وتقبل الآخر، وقوة الملاحظة. العالم لديهم مختلف عن عالمنا. الاحتمالات لديهم أساسية ولا تمر أموره دون تساؤلات. إنهم حقا أصحاب الخيال، والطلاقة، والمرونة، والأصالة، والبراعة والبشاشة، والتقدم المهني، والتنظيم، ومعرفة الذات.
- القدرة على القيادة
لدى من يأخذون بزمام الأمور في أغلب الأوقات ويحسنون اتخاذ القرارات. يهتم القياديون بالأفراد وبحل المشكلات، والثقة بالنفس، وتحمل المسئولية، والتعاون، وحب القيادة، والتكيف السريع، وقوة الرأي والموقف، والطموح.
- القدرة الحس حركية
لدى البارعين في الرياضات ومن هم موهوبون في التعبير الحركي برشاقة ودقة. هم من يتمتعون بالحيوية والمهارات المكانية والميكانيكية. يتسمون أيضا بقوة اتصال العقل بالجسد فيما يعرف بالتوافق العضلي الفكري ونسبة عالية من التحمل واللياقة والمرونة.
- الفنون البصرية أو الأدائية
وأغلبهم الفنانين بمصطلحنا الدارج كالمغنيين والمصورين والمصممين والرسامين. وهم يتميزون بمفهوم قوي للعلاقات والمهارات المكانية، وقدرة مرتفعة على التعبير والإنتاج الفني.
متى يكون أفضل وقت تساعد طفلك فيه على اكتشاف موهبته
مواهب الأطفال لا تظهر في وقت معين. انتظر وراقب عن كثب ولا تحاول أن تملي عليه موهبة ما. لأن في العادة الموهبة تعلن وجودها بتجلي وبمفردها. ففي الحقيقة وفي الأغلب لن تستطيع مساعدة طفلك على اكتشاف موهبته بل ستعلن هي عن وجودها بنفسها.
يمكنك ملاحظة مواهب طفلك عند قضائك وقتا طويلا معه ورؤية كيفية تعبيره عن نفسه. أيعبر بالحركات أكثر أم بالرسم والألوان أم باستخدامه صوته أم بتحريك جسده. ترى أمن السهل عليه أن يرتب ألعاب المكعبات، أم لا؟ أيستطيع بسهولة استخدام أدوات الطعام وغيرها أم لا. كل هذه مؤشرات عن مهاراته الفطرية والتي بالطبع ستشكل موهبة ما مع تقدم الوقت والتدريبات الصحيحة والتمرينات المناسبة لعمره.
من الأمور التي سترشدك أيضا هي الأشياء التي تشد انتباهه كالقنوات التي تجذب انتباهه والألعاب والأشكال ونوعية المسلسلات التي لا يستطيع الحراك من أمامها. ولكن بشكل عام عليك التحلي بالصبر لأن الموهبة قد لا تظهر حتى عمر 12 عاما أيضا. ناهيك عن أن بعض الناس تجد شغفها في الحياة في سن متأخر جدا وبالعمل الدؤوب عليها يطوروها لموهبة.
اعلم أيضا أنه إن طالبك ابنك في يوم بتعلم آلة موسيقية ما أو ممارسة رياضة ما فهذا لا يعني أنه قد وجد موهبته بالفعل! قد يكون ابنك بارعا في عدة مجالات سيختبرها كلها ويمل منها لاحقا، وهذا عكس الموهبة.
اختيار الألعاب لأطفالك
كثير من الآباء تشتكي بأنهم يجلبون الألعاب لتنمية مواهب الأطفال ولكنهم لا يستخدموها أبدا!
يقول الخبراء أن للأطفال وفق عمرهم ألعاب معينة. فالأطفال دون العام يحبون الألعاب التي تنمى الحس كالألعاب ذات الملمس الخاص أو المزودة بموسيقى. والأطفال في سن العام سيحبون العلب والمغلفات أكثر من الألعاب بداخلها، لذا فقد تستمى معهم الألعاب لفترة طويلة حتى يكتشفوا ما بداخلها. وأما غيرهم في سن العامين، فلا تشتروا لهم الألعاب لأنهم سيكتشفون البيت عوضا عن ذلك! أما في السنة الثالثة والرابعة، فاجلبوا لهم ألعاب التفكيك والقص واللزق والألعاب التي تنمى الإبداع والخيال. ومن ثم قدموا لهم ألعاب الذكاء والألعاب اللوحية (أي الشطرنج، والسلم والثعبان واللودو، وغيرها) في السنة الخامسة، لأن ذكاءهم سيكون قد نما وسيميلون لتشكيل صداقات وعلاقات مع أقرانهم. في عامهم السادس والسابع ساعدهم على إبداء آرائهم بالرسم أو الصلصال وغيره إذ يكون حس الفكاهة عندهم قد بدأ يتشكل. في الثامن والتاسع ساعدهم يقرأون ويكتبون، وفيما بعد ذلك يعتمد على شخصياتهم.
ماذا تفعل عندما تتأكد من اكتشافك موهبة ابنك
بالطبع اليوم الذي ستكتشف فيه مواهب أطفالك سيكون من الأيام المميزة التي لا تنسى.
ماذا تفعل لتنمية موهبة أبنائك
نعلم أنك ستحاول جاهدا تنمية مواهب أطفالك بشتى الطرق الممكن ولكن احذر أن يكون حرصك سببا في إحباط طفلك وذلك إن قمت بـ:
- الحديث فقط عن ما يجب عليه فعله حتى يشعر وكأنه في منافسة فيرهب الموقف وينعكس ضده.
- تجنب إقحامه في عدة تدريبات ودروس حتى تصبح حياته عن أمر واحد فقط لا يعلم سواه فيما بعد أو يعيقه في التعرف على أطياف الناس المختلفة.
- لا تبالغ في ردود فعلك على موهبته وأدائه فتضلله ويصطدم بالواقع فيما بعد.
- لا ترهقه بكثرة الأهداف التي تشعره بأن موهبته أصبحت عملا.
- لا تجعله يؤدي أو يعرض موهبته أمام الناس كلها وفي كل وقت وحين!
ماذا لا تفعل لتنمية موهبة أبنائك
يمكنك فعل الكثير لخلق فرصا كثيرة لهم فيما بعد وتشجعيه وتنمية موهبته حقا كأن تقوم بـ:
- تركه يأخذ وقته في اكتشاف موهبته أولا.
- بالاحتفاظ بكتيب تدون فيه كافة ملاحظاتك عن موهبته وكيف بدأت ومتى اختلفت أو تطورت ولماذا وكيف أثر ذلك على شخصيته أو كيف أثرت شخصيته عليها.
- تكوين ملف لأعماله تكون جاهزة للتقديم في أي فرصة يتحمس لها أو يستفيد منها كالمنافسات أو الأحداث المهمة.
- إن كان من الفائزين في مساببقات عدة، احتفظ معه بجوائزه وميدالياته بشكل مرتب يدعو للفخر.
- بعدم ترك الموهبة تذهب سدى. حاول إلحاقه في ترديبات مناسبة وكافية.
- كن خير موجه ومقيم لموهبته دو مبالغة أو استخفاف.
- حاول أن تعلمه الموازنة بين تنمية الجسد والعقل والروح.
- لا تنس المكافآت التي تعد بمثابة حافز كبير لهم.
- حاول أن تبقى خير مثال لهم وقدوة حقيقية، لا تحثهم على شيء وتفعل نقيضه.
- علمهم دروس الاستفادة من الفشل والإحباط وضرورة المرور بهم في رحلات التعلم.
- علمهم أهمية التخطيط والالتزام.
ماذا تفعل إن لم يكونوا أبناؤك موهبين
الموهبة من اسمها تدل على ملكة إضافية عن الطبيعي. ولذلك، من الطبيعي ألا يحظى الجميع بمواهب مختلفة ولكن بالطبع يمكن للجميع أن يتميزوا في أمور عدة يتفردوا بها. ولهذا، إن لم يجد ابنك موهبته الفريدة، فإليك هذه النصائح:
- شجعه على تعلم شيء جديد من اختياره وحثه على الاستمرار فيه حتى بلوغ مستوى متقدم حتى ولو كان في الأصل سيئا فيه.
- هييء له الجو الهادئ المفيد لتنمو قدراته الإبداعية.
- علمه مبادئ حياتية تفيده وتثير دوما لديه الحاجة للتعلم كتعليمه الاعتماد على الذات، والتعلم الذاتي، والمسؤولية، والالتزام، والاستمرارية.
- اجعله يحضر أحداث مختلفة لكي يدرك ما الذي يمكنه تعلمه وما الذي يلهمه.
- لا تكون من اللحوحين عليه إن لم يبد تقدما أو رغبة في الأساس ولا تتوقع أن يبلغ العبقرية أيضا. حاول أن تجعله يتعلم ويستمتع وينمو.
- استثره دوما بقضايا أو أنشطة تجعله يريد تعلمها.
- احرص على تعليمه كم هو مميز ومهم ولا تقارنه بأي من الغير.
- دوما كن صريحا معه حول إمكانياته فالصراحة خير معلم للتواضع وغيره من الخصال الحميدة.
مواهب الأطفال متعددة ومساعدة أطفالك على الوصول إلى البلوغ بحياة عاطفية صحية نسبيًا وتعليمهم الشعور بأن لهم ما ينتمون إليه، وبأنهم مهمون، وأنهم محبوبون، ويمكن الوثوق بهم هي أفضل ما يمكنك فعله كأب. والمواهب تأتي تكميلية، فلا تضغط على حالك إن لم تستطع أن تجعل من أبنائك عباقرة! تذكر أن تبقى دائما معهم مهما أخطأوا ومهما تأخروا أو تقدموا. فالأهم من أفعالك هو كيف تقوم بها. وهل تهتم حقا أم لا؟ هذه هي النقاط المحورية التي يحتاجها طفلك في حياته وذكرياته معك. وتذكر أن بعض الموهوبين والمشهورين لم يحظوا في الأصل بأي دعم مادي أو نفسي من أي جهة، وذلك لأن صاحب الموهبة الحقيقية ستدفعه موهبته حقا لتنميتهاز لذلك كن خير صديق ومعاون له فيها، لا مدير أعمال ومراقب ومدرب!