ثقافة العلاقات

تعرف على 3 أنواع لعلاج اضطراب الشخصية الحدية

من الاضطرابات العقلية المنتشرة اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personality) والذي يُطلق عليه أيضًا اضطراب الشخصية غير المستقرة عاطفيًا. جاءت هذه التسمية منذ وصفها الأمريكي المتخصص في التحليل النفسي أدولف شتيرن في عام 1938 م بعد أن حلل اضطرابات مجموعة من مرضاه يعانون من شكل خفيف من الفصام، فتخيّل أنهم على “الحد” الذي يفصل بين العُصاب والذهان. ومن هنا جاء الاصطلاح، وهو اضطراب يؤثر على طريقة تفكير المصاب في نفسه وشعوره بذاته وبالآخرين؛ مما يخلق مشكلات كثيرة في الحياة اليومية، من بينها مشاكل تخص نظرة الشخص إلى نفسه وصعوبة سيطرته على سلوكه ومشاعره، وتعرضه لاضطرابات في علاقاته الاجتماعية بشكلٍ متكرر. وقد يُصاب بعض الأشخاص بهذا الاضطراب دون أن يدركوا أنهم مصابين به، وهذا يُصعب من العلاج ويزيد من حدّة المشكلة! لذا، دعونا نستعرض أعراض وأسباب الإصابة بهذا الاضطراب، وطرق تشخيصه وطرق علاجه المتاحة.

سبب الإصابة باضطراب الشخصية الحدّية

أهم أنواع اضطراب الشخصية الحدّية هو “الحد الفاصل المثبط الهادئ” “وحد التدمير الذاتي” “وخط الحد الاندفاعي” “وخط الحد الفاسد”. في أغلب الأحيان تبدأ أعراض الاضطراب بالظهور مع بداية مرحلة البلوغ، ويزداد الوضع سوءًا في مرحلة الشباب، وكلما تقدّم المصاب بالعمر بدأت الأعراض بالتحسّن وحدها تدريجيًا. وكما هو حال معظم الاضطرابات العقلية فإنّ السبب الرئيسي للإصابة غير مفهوم تمامًا. ولكن يمكن تلخيص أهم الأسباب التي قد تؤدي له ومنها:

  • الجينات الوراثية: تزداد فرصة الإصابة كلما كان أحد الأقارب مصابين به. وقد أظهرت الدراسات أنّ نسبة الإصابات الوراثية تصل إلى 50% وتزداد بين التوائم المتطابقة مقارنة بالتوائم غير المتطابقة.
  • الخلل في مناطق معينة في الدماغ: خاصة المناطق المسؤولة عن تنظيم الاندفاعات والعاطفة والعدوانية.
  • خلل في كيميائية الدماغ: الهرمونات التي تساعد في تنظيم الحالة المزاجية مثل السيروتونين والأوكسيتوسين.
  • الطفولة البائسة: التي تمرّ بعديد من ذكريات سيئة كانفصال الوالدين أو التعرّض للاعتداء الجنسي أو الجسدي أو اللفظي. أشارت الدراسات أن 70% من الأطفال الذين يمرّون بطفولة سيئة معرضين بنسبة أكبر للإصابة.

نظريات اضطراب الشخصية الحدّية

هناك العديد من النظريات حول تطور اضطراب الشخصية الحدية:

  • النموذج العقلي: لبيتر فوناجي وأنتوني بيتمان الذي يقول أنّ اضطراب الشخصية الحدية ينتيج عن نقص المرونة ضد الضغوطات النفسية.
  • النموذج الاجتماعي البيولوجي: تبنته الدكتورة مارشا لينهان التي تصف المرض بأنه ناتج عن تفاعل الضعف الجيني مع “بيئة سيئة مزمنة” في هيئة مجموعة من أعراض اضطراب الشخصية الحدية.
  • النموذج التنظيمي: ينشأ اضطراب الشخصية الحدية من عدم القدرة على تنظيم التأثير والافتقار إلى تشكيل آليات التكيف المناسبة استجابةً للتوتر. وهو ما افترضه أوتو كيرنبرغ الذي يرجع سببه إلى عدم التكامل في العلاقة المادية المبكرة.

أعراض اضطراب الشخصية الحدّية

تُشير الدراسات إلى أنّ نسبة الإصابة باضطراب الشخصية الحدّية في العالم هي 1.6٪، ونسبة إصابة الإناث مقابل الذكور أعلى بثلاث مرات. ويصف يعض المعالجين النفسيين اضطراب الشخصية الحدّية بأنه بمثابة ثقب أسود في الروح، كما يصفونه بأنه اضطراب الأشخاص غير المستقرين عاطفيًا، لأنّ هذا الاضطراب يلقي بظلاله على تفكير الشخص ويجعله غير مستقر. وأبرز الأعراض التي تظهر على المصابين:

  • الخوف الشديد من عدم الاستقرار أو الهجرة.
  • عدم القدرة على التأقلم مع الوحدة، مما يخلق نمطًا غير مستقر من العلاقات العاطفية، مثل تعظيم مكانة الأشخاص ومن ثمّ الاقتناع بأنهم لا يستحقون.
  • كثرة التقلبات المزاجية الحادّة والغضب الشديد.
  • الشعور بالإحباط، وحدوث تغيرات سريعة في الصورة الشخصية يظهر في تغيير أهدافهم وقيمهم ومبادئهم وإحساسهم بأنهم سيئون وليست لهم قيمة.
  • فقدان الصلة مع الواقع لمدّة تتراوح من دقائق إلى ساعات يصاحبها نوبات رهاب.
  • التصرفات الطائشة والمندفعة مثل: القيادة المتهوّرة وتعاطي المخدّرات واتخاذ قرارات متهوّرة مثل الاستقالة من العمل بشكل مفاجئ.
  • الميل للأفكار الانتحارية وإلحاق الأذى بالنفس، والشعور بالعار، والشعور الدائم بالفراغ.
  • العجز عن إتمام التعليم، والوقوع في المخالفات القانونية التي قد يؤدي بعضها للسجن.
  • فشل العلاقات الاجتماعية سواء كانت زواج أم صداقة.

التشخيص والعلاج

يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدّية بناءً على عدّة أمور تتم ملاحظتها، حيث يتم إجراء مقابلات مطولة مفصلة بين المصاب والمعالج النفسي، وإجراء تقييم نفسي دقيق ومراجعة الأعراض الظاهرة على المريض. وعادة يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدّية عند البالغين، أما الأطفال فلا يتم الحكم على إصابتهم به إذ قد تختفي الأعراض بمجرّد وصول الأطفال لمرحلة البلوغ. أما العلاج فيختلف ويتم بإحدى التوجهات التالية أو بدمج عدة منها:

العلاج النفسي

  • يساعد العلاج النفسي في تعليم المصاب مهارات عدّة تساعده على التحكم في حالته والتغلب عليها.
  • تهدف المعالجة النفسية إلى التركيز على قدرات المصاب وتعليمه السيطرة على المشاعر المزعجة، وتقليل اندفاعه للحفاظ على ردات فعله.
  • تساعد المصاب على تحسين علاقاته من خلال جعله يدرك مشاعره ومشاعر الآخرين.

العلاج الدوائي

  • على الرغم من أنّ إدارة الغذاء والدواء لا تعتمد بالضرورة على أي أدوية لعلاج هذا المرض، يتم إدخال الأدوية في العلاج للتخلّص من الأعراض المصاحبة للحالة. ومن الأدوية المستخدمة في العلاج: مضادات الاكتئاب، ومضادات الإدمان ومضادات الذُهان. تُساعد هذه الأدوية في تحسين حياة المصاب ومساعدته على استقرار الحالة المزاجية.

العلاج السلوكي

  • علاج السلوك الديالكتيكي (DBT): علاج فردي يُساعد المريض على السيطرة على مشاعره وتحسين علاقاته والسيطرة على مشاعره.
  • العلاج المرتكز إلى المخطط: علاج فردي أو ضمن مجموعة، يُساعد المريض في تحديد احتياجاته التي تنقصه والتي تدفعه إلى السلوك السلبي.
  • العلاج المستند إلى التعقل (MBT): من أنواع العلاج التي تعتمد على التحدّث وعلاج المريض استنادًا إلى التعقل في التفكير قبل أي ردّة فعل.
  • التدريب التنظيمي لتوقع المشاعر وحل المشكلات (STEPPS): مدّة هذا العلاج عشرون أسبوعًا، ويتضمن محاوطة المريض بمجموعات من الأصدقاء أو أفراد العائلة لمساعدته في علاجه، ويُستخدم أيضا لحل المشكلات وتوقع المشاعر.
  • العلاج النفسي التحويلي (TFP): هو العلاج الديناميكي النفسي الذي يساعد المريض على فهم مشاعره والصعوبات التي تواجهه أثناء تعامله مع الأشخاص.
  • الإدارة النفسية الجيدة: يتم دمج عدّة أشكال من العلاج مع بعضهم كالعلاج بالأدوية والعلاج الفردي والعلاج ضمن مجموعات وتثقيف الأسرة بخصوص طريقة تعاملها مع المريض.

اضطراب الشخصية الحدّية من الأمراض التي يمكن السيطرة عليها بكل سهولة إذا كان المصاب مدركًا لما يُعانيه. سيحتاج المصاب الدعم ممن حوله ليساعدوه على وضع قيود لنفسه وتعليمه التعبير عن مشاعره بطريقة مناسبة لا تسبب الإزعاج للآخرين، ولا تؤدي لعدم استقرار وهجر. من الجيّد أن يتواصل المصاب مع الأشخاص الذين يُعانون من نفس الاضطراب لتبادل الخبرات والآراء؛ إذ يمكن أن تلعب بعض الأنشطة دورًا مهمًا في العلاج مثل ممارسة الأنشطة البدنية والحفاظ على أسلوب حياة صحي ونمط غذاء صحي. العلاج النفسي علاج يتطلب العمل على عدة جوانب معا للوصول للأهداف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق