المسكوت عنه.. قنبلة موقوتة

المسكوت عنه قنبلة موقوتة
“صبرني الحب كتير.. وداريت في القلب كتير.. ورضيت عن ظلمك لكن.. كل ده كان له تأثير.. والقرب أساه وراني.. البعد أرحم بكتير.. ولقيتني وأنا بهواك.. خلصت الصبر معاك.. وبأملي باعيش ولو إنه.. ضيع لي سنين في هواك.. وأهي غلطة ومش هتعود.. ولو إن الشوق موجود.. وحنيني إليك موجود.. إنما للصبر حدود.. يا حبيبي”.
كانت هذه كلمات إحدى الأغنيات الشهيرة لكوكب الشرق أم كلثوم “للصبر حدود”، والتي عبر فيها الشاعر عبد الوهاب محمد ببراعة عن خطورة السكوت عن كثير من التصرفات السئية في العلاقات العاطفية، حتى بات الكثير يردد مازحا كلما تعرض باستمرار لموقف مزعج: “للصبر حدود”.
لكن لماذا يؤدي المسكوت عنه في علاقاتنا إلى الانفجار؟
يعتقد البعض أن السكوت عن التصرفات المزعجة يمضي بالعلاقة العاطفية إلى بر الأمان، ويجنب الطرفين الصدام والشجار المستمر، إلا أن ذلك الأمر قد يدمر العلاقة وينسفها نسفا.
المسكوت عنه قنبلة موقوتة
“خلي المركب تمشي.. ضل راجل ولا ضل حيطة.. الست مالهاش غير بيتها.. بكره الحال يتعدّل” تلك جمل موروثة عن الأجداد يكمن الخطر كله وراء حروفها، فبرغم أنها تهدف إلى إصلاح الأمور وإخماد نيران المشاكل، فكثرة استخدامها يؤدي إلى العكس تماما.
فبحسب موقع Greater Good Magazine، تظهر بعض الأبحاث أن قمع أحد أطراف العلاقة احتياجاته الخاصة من أجل الطرف الآخر، وعدم مصارحته بما أغضبه أو أحزنه، يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج عكسية، مما يجعلك تشعر بأنك أقل ثقة ورضا، وكلما زادت عدد مرات السكوت عن الإساءة والتضحية من أجل استمرار العلاقة كان الاكتئاب أكثر.
لذلك فإن إخبار شخص ما أنك تشعر بالغضب، وشرح السبب في ذلك، يؤدي عادة إلى إيقاف رد فعلك الذي يدفعك إلى التصرف بغضب. علاوة على ذلك، فعدم إبداء مشاعرك وقمعك لها سيؤدي -بمرور الوقت- إلى تضخم ذلك الشعور وتحوله إلى “كرة ثلج” تأخذ في التضخم فتدمر كل ما يواجهها.
مثلا إذا كانت هناك عادة ما لأحد الأزواج يفعلها دائما وهي السخرية من شريكه أمام الأهل أوالأصدقاء، وهو ما يسبب له الإحراج ومع ذلك يفضل السكوت وعدم معاتبته خوفا من غضبه. فذلك الأمر حتما سيظل يؤرقه ويتردد في ذهنه باستمرار، ويدفع عقله الباطن للتفكير في سلبيات شريكه، وقد لا تكون صحيحة بالمرة وفي نهاية المطاف ينفجر في وجهه بشكل عنيف قد يدمر العلاقة تماما.
إذا كان أحد الطرفين عصبيا ودائم اللوم والانفعال وتعنيف الطرف الآخر، بينما لا يحرك الطرف الآخر ساكنا خوفا من تفاقم الأمور وحفاظا على استمرار العلاقة من أجل الأطفال، فذلك قد يؤدي إلى ما يعرف بـ”الطلاق الصامت” أو “الانفصال العاطفي” الذي يؤدي إلى الطلاق الفعلي ولا يحمي العلاقة بالمرة.
ربما يعبر فيلم “أريد حلا” للفنانة فاتن حمامة والفنان رشدي أباظة عن أضرار المسكوت عنه في العلاقة العاطفية. فبعد 20 سنة من الزواج بين “درية” و”مدحت”، ونتيجة صمتها عن خيانة زوجها وعدم سعادتها في زواجها من أجل ابنهما، انفجرت وطلبت الطلاق، وهو ما قوبل برفض تام وعناد من قبل الزوج، فدخلت في دوامة لم تجد لها مخرج.
• ماذ نفعل حتى نخبر الطرف الآخر بما نشعر به؟
إذا كان المسكوت عنه قنبلة موقوتة، فإن التسرع في رد الفعل والتحدث بشكل استفزازي قد يكون “قنبلة سريعة الاشتعال” أيضا. فكيف نعبر عن الغضب في العلاقة الرومانسية أذا؟
موقع New Harbinger Publications المتخصص في الاستشارات النفسية والاجتماعية، لخص الأمر في النقاط التالية:
- قرر كيف ستتصرف، كيف ستعبر عن غضبك؟ حالما تريد بث مشاعرك، وتريد أن تُسمع بينما تريد الدخول بدء حوار بناء، إذن كيف تفعل ذلك؟
- عليك أن تأخذ حذرك إذا كنت تتحدث عن إحباطك بلهجة حادة، أو تعبر عن رغباتك من موضع المطالب. إذ إنه من المرجح أن يثير ذلك استجابة غاضبة من شريك، وقد يؤدي إلى تصعيد الموقف.
- كن محددا في أسباب غضبك، ولا تبدأ كلامك بجملة مثل “أنت تسببت في ذلك”. ويفضل أن تصف الإحباط أو الأذى الذي لحق بك لا الإيحاء لشريك حياتك بأنه المسؤول عن مشاعرك الغاضبة. فلهجة العتاب المخففة تخلق حالة من التعاطف وهي أفضل ألف مرة من لهجة الهجوم التي تشعل الأمور.
- عندما تكون غاضبا للغاية وتريد لوم شريكك بكل الألفاظ المؤلمة، لا تفعل.
- عندما لا تريد شيئا أكثر من إلحاق الألم بشريكك وجعل حياته لا تطاق انتقاما منه على ما فعله فلا تفعل.
- يمكنك التحدث عن هذه المشاعر مع نفسك في غرفة مغلقة: “أريد أن أؤذيك، أريد إذلالك، أريد أن أسبب لك الألم، أريد أن أقول أشياء فظيعة عنك، أريد أن أعاقبك”، قل ذلك بينك وبين نفسك للتنفيس عن غضبك، لكن لا تخبره بذلك ولا تتصرف بهذه المشاعر. فقط عاتبه بلطف وسترى النتيجة المذهلة.
• ماذ نفعل عندما يغضب منا الطرف الآخر؟
تحدثنا عن كيفية التعبير عن غضبنا من الطرف الآخر، لكن ماذا إن غضب الطرف الآخر وبدأ يتحدث عن غضبه معنا؟
- تأكد من عدم الانتقام بالغضب فيما يتعلق بكيفية الرد على شريك حياتك في حالة غضبه.
- من الطبيعي أن تشعر بالغضب عندما يغضب شريكك عليك، لذلك قاوم استخدام التكتيك الخفي الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى العديد من الأزواج، وهو الرد غير العقلاني والصراخ: “اصمت.. لا أريد أن أسمع ما تقوله.. ليس لك الحق في الحديث.. أنت المخطئ”. فبكل بساطة، الغضب يولد الغضب.
وفي النهاية عليك أن تعلم أن الغضب طبيعة إنسانية لا نقدر أن نتغلب عليها في أغلب الأحيان، ولكن يجب أن تكون قادرا على التعبير عنه، واستيعاب غضب شريكك أيضا، حتى لا يتسبب في تدمير علاقتك فالمسكوت عنه قنبلة موقوتة.