السعادة حقيقة أم خيال
السعادة مطلب الجميع. وإذا توصلت إليها فقد وصلت إلى هدف الحياة. اختلف الكثير حول تعريف السعادة، وتنوعت تعريفاتها في قواميس العالم، فلم تكن سمة شخصية دائمة بل هي متغيرة. وجرى الاتفاق على أنها شعور يختلط بالرضا.
تعريف السعادة في مجال علم النفس الإيجابي
في مجال علم النفس الإيجابي يعرف الشخص السعيد بأنه الشخص الذي يمتلك العديد من المشاعر الإيجابية مثل: “الفرح، الاهتمام، الفخر، المتعة”، وقيل أيضا إن السعادة تتعلق بالرضا عن الحياة وتقديرها، ولكن يتعلق الأمر بالتجارب الإيجابية بشكل عام.
يقول “ستيفن كوفي”: أن تكون سعيداً أم غير سعيد يعتمد علي ما تفكر به!”
الجميع يسعى للوصول إلى السعادة من منظوره ورؤيته الخاصة، فهي تلعب دورا هاما في حياتنا! هل تعلم أن من أكثر ما يبحث الناس عنه على موقع جوجل هي حول كيفية أن يكون الإنسان سعيدا. السعادة هي كنز داخلي دفين غير ملموس. يظن بعض الأشخاص أن السعادة تكمن في أشياء مادية يتطلعون إلى امتلاكها، كان تمتلك: “بيتا مبهر الجمال، أو أموالا كثيرة، أو سيارة، أو أن تسافر إلى بلاد عديدة”. أو أن تكون متعلق بأشخاص: “كحبيب، أو صديق، أو ابن”. لا يحق لأحد أن يملي منظوره عليك، ونحن لا نقلل من أهمية وجود تلك الأشياء، ولكنها ليست السبب الأقوى ليشعر الشخص بالسعادة الداخلية. ففي مختلف البلدان يتواجد أشخاص لديهم كل شيء بمعنى الكلمة: “مال ونفوذ وحياة وحبيب”، ولكن يشعرون بالاكتئاب.
السعادة غير مرتبطة بالأشياء
قد نبحث عن السعادة في بيت نشتريه أو سيارة فاخرة. قد يجدها شخص آخر في حبه للكلاب فيشترى كلبا، ولكن يمر الوقت ولا يجد السعادة في أي منهم، مع إنه اعتقد أن السعادة تكمن في تلك الأشياء، فبامتلاكه تلك الأشياء المادية يشبع لديه رغبة داخلية ما تشعره بفرح مؤقت. ومع زوال هذا الشعور بمجرد التعود على الأشياء والتأكد من وجودها يتلاشى الفرح. ونفس الأمر تجده في بعض الأمثلة الأخرى مثل: “أكثر طعام أحبه، أو زينة ألماسية، أو البلد التي أسعي للسفر لها”، كلها تمثل سعادة مؤقتة. كلا منها يشبع جزء بداخلك يشعرك بالارتياح والفرحة المؤقتة. فتظن أنها السعادة الكاملة، حتى تتفاجأ بزوال تلك الفرحة تماما فتبدأ تبحث عن أشياء جديدة أخرى مادية وأحيانا معنوية مرتبطة بالأشخاص وعلاقتهم بك.
لذلك نجد الشخص المكتئب لا يستمد أي متعه بامتلاك الأشياء.. ولكن لماذا؟ لأن عقله ببساطة غير قادر على الاستمتاع بها، وهذا يجعلنا نطرح سؤلا مهما…
هل السعادة خيال؟
لن تتوقف كثيرا للبحث عن الإجابة، فبعد كل ما أشرنا إليه سابقا يتبين أن الرغبات لم تكن أبدا وسيلة من وسائل السعادة، حيث جعلتك تذهب لأبعد الحدود وتسعى بكل الطرق لتلبية رغباتك لا لتحقيقها! فالسعي وراء الرغبات يشعرك بأنك مسيطر ومدرك لمستقبلك السعيد بمجرد سعيك وحصولك على تلك الأشياء؛ فأجلت في الحقيقة سعادتك الحالية وأهملت أن تعيش السعادة بشكل يومي، وبالتالي فالنتيجة ما هي إلا شعور مؤقت سرعان ما تشعر بالإحباط بعده وتبدأ في البحث من جديد.
أين تكمن السعادة الحقيقة؟
هذا لم يعد سرا. فالسعادة تكمن في عقلنا. وستسعد جدا عندما تعلم أن شيئا عميقا مثل السعادة يمكن الحصول عليه بكل بساطة. في الحقيقة، إننا نرتكب خطأ كبيرا عندما تعتقد أنها تأتي من خلال توقعاتنا المستقبلية بالحصول على الأشياء أو عن طريق عوامل خارجية أو بشر. ولكن للأسف ارتبطت السعادة في الأذهان بأنها ما نملكه. فكلما تملكت أكثر، كلما سعدت!
ما هى أسباب السعادة؟
الرضا
إن الأشخاص الذين يشعرون بالرضا وينظرون إلى الحياة على أنها جميلة ومنعمة وبها من الجمال أكثر من أي شيء آخر، بل يرون في القبح جمالا أحيانا ودروسا للتعلم، هم أكثر الناس قدرة على العيش بسعادة ورضا داخلي. وهم لا يربطون حياتهم بالرغبات والسعي ورائها كي يشعرون بالسعادة، بل يعرفون أهمية أن يعيشوا السعادة كل يوم.
من صفات الراضين أنهم يتجملون بالصبر والمقاومة والتفكير الإيجابي، فمجرد التفكير بطريقة إيجابية يساعدهم على جذب الأشياء من حولهم، وتفتح أبواب عقلك، وتقدر قيمة وجود ما عندك وما أخذ منك.
لذلك فمن يشعرون بالرضا لا يبنوه على الأماكن والأشخاص ولا تتوقف الحياة عندهم على الماضي وأحزانه، ويرون أن كل يوم فرصة تستحق التعلم والعيش فيه بسعادة.
السعادة قرار ينبع من الداخل
قرر أنك ستعيش سعيدا رغما عن كل العوامل الخارجية التي تقف بينك وبين السعادة. استيقظ كل يوم وتأمل فقط، واغمض عينيك لمدة عشر ثوان! اجعله روتينا تقوم به أول شئ كل صباح، حتى إن كنت تشعر بالضيق. ففي النهاية ستستشعر السعادة. فالسعادة قرار داخلي والأمر كله متروك لك.
من خلال رؤيتك للعالم ونظرتك بقلبك وعقلك بإيجابية للأشخاص والأحداث، حتى وإن كنت في مكان لا تريده، سيتحسن سلوك من حولك وستحقق ما تريده لأنه يتسق مع تفكيرك ورؤيتك لا رغبتك. فالسعادة تكمن داخلك أنت، ولا ترتبط بالماديات، أو الأماكن، أو الأشخاص! أما الرضا فهو مفتاحها، ووسيلته نظرتك الإيجابية لكل ما هو حولك.
وفي الختام اسأل نفسك الآن لماذا لا يشعر كثير من البشر بالسعادة في زمننا هذا رغم التقدم الكبير، وتوافر أشياء كثيرة لم تكون موجودة في الماضي؟!