التلاعب النفسي وتأثيره على الآخرين
التلاعب النفسي (Manipulation) مصطلح يحمل في طياته معانٍ سلبية كثيرة تتعلق بخداع الآخرين، خاصة أن التلاعب النفسي يشمل الكثير من التأثيرات الاجتماعية التي نتعرض لها جميعًا وبشكلٍ شبه يومي. يمارس البعض التلاعب النفسي لتغيير أفكار الآخرين وسلوكهم وتصوراتهم بممارسة بعض الأساليب الخادعة أو التعسفية. ولهذا تكمن خطورته في تحقيقه مصالح أشخاص على حساب آخرين. إنه أسلوب مؤذ يدعو لاستغلال الآخرين وتضليلهم واستخدام أساليب المراوغة معهم.
علامات التلاعب النفسي
إذا كنت تعتقد أن أحدهم يمارس عليك التلاعب النفسي، لاحظ بعض العلامات المعينة، خاصة أنهم سيستخدمون طرقًا عدّة تؤثر على تفكيرك وعقلك للفوز بزمام الأمور في علاقتهم معك. من هذه العلامات:
- يفرضون عليك مكان اللقاء: يحاول المتلاعبون النفسيون أن يلتقوا بالآخرين في أماكن يملكونها ولا يفضلون الذهاب إلى بيوت الآخرين، لأنهم بهذا يحاولون إيجاد نقطة قوة لصالحهم باعتبار أنّ الملكية تعزز مكانتهم.
- يتقربون من الآخرين بسرعة كبيرة: يُعرف عن المتلاعبين النفسيين محاولتهم التقرب من الآخرين بشتى الطرق، ويتخطون طريقة التعارف التقليدية بفرض أنفسهم على الآخرين لمعرفة أسرارهم ونقاط ضعفهم واستغلالها ضدّهم.
- يمنحون أولوية التحدث لغيرهم: يتعمد المتلاعبون النفسيون ألا يبادروا بالكلام قبل الآخرين ليمنحوهم فرصة التعبير عن أنفسهم في بداية الحديث في ظاهر الأمر بينما في باطنه يأخذون عنهم فكرة واضحة للتلاعب بهم.
- محترفون في تزوير الحقائق: المتلاعبون النفسيون بارعون جدًا الكذب وتزييف الحقائق والمبالغة في الأحداث واختراع الأكاذيب بهدف إرباك الآخرين.
- يمارسون التنمر الفكري: عندما يتحدثون معك يُحاولون أن يستخدموا معك مصطلحات وكلمات عميقة ومعلومات غريبة لا تعرفها كي يفرضوا عليك معرفتهم.
- يتعاملون مع الآخرين بالبلطجة والتحكم: يحاول المتلاعبون النفسيون أن يفرضوا عليك شروطًا صعبة للحصول على أي شيء، ففي بيئة العمل يثقلونك بالأعمال ويضعون شروطًا صعبة جدًا للحصول على ترقية أو إجازة.
- يُشعرونك بالندم إذا عبرت عن مخاوفك: إذا عبرت عن شيء ما يحاول المتلاعبون النفسيون أن يزرعوا في نفسك القلق وتندم على أنك عبرت عن مخاوفك وتشعر بعقدة الذنب.
- يُحاولون جذبك للجدال: يحرص المتلاعبون النفسيون على جذبك للخوض في صراعات وجدالات ليس لها أيّ داعٍ.
- يُمارسون دور الضحية: يتعمد المتلاعب النفسي أن يمثل دور الضحية كي يتلاعب بمشاعر الناس ويستغلّها ويُشعرهم بالذنب، ولا يتحمل مسؤولية أخطائه.
- يقللون من شأن الآخرين: يتعمد المتلاعبون النفسيون الحط من قدر الآخرين، ويقولون عبارات جارحة تحت ذريعة السخرية والدعابة كي يقللوا من احترام الآخرين، ويشككونهم بأنفسهم.
- يتصفون بالعدوانية والسلبية: المتلاعبون النفسيون يتصرفون بعدوانية كبيرة، ويحاولون نشر الطاقة السلبية.
- يمارسون الغيبة والنميمة: المتلاعبون النفسيون يتحدثون عنك أمام زملاء العمل ويمارسون النفاق، ويحاولون زرع الفتن.
- يتعاملون بالتجاهل: في العادة يتجاهلون المكالمات والبريد الإلكتروني ومختلف أشكال الاتصال، وكأنهم يستخدمون السيطرة الصامتة للسيطرة على سلوك الآخرين.
تأثيرات التلاعب النفسي على الآخرين
التلاعب النفسي يترك تأثيرات سلبية بعضها قصيرة المدى وبعضها طويلة المدى، وهي كالتالي:
- تأثيرات قصيرة المدى: الشعور بالصدمة والارتباك والتشكيك بالذات والإصابة بالقلق والتوتر وافتقاد الأمان وعدم الثقة بالآخرين، والشعور بالسلبية التي تتسبب في الإيذاء العاطفي للنفس والآخرين، والشعور بالذنب والخجل ولوم النفس.
- تأثيرات طويلة المدى: الإصابة بالعزلة والاكتئاب، وعدم الرضى عن الذات والتركيز على أشياء ثانوية بشكلٍ مبالغ مثل طلب رضى الناس والخوف من فقداهم والاهتمام الزائد بالمظهر الخارجي والشعور بالإحباط والاكتئاب والقلق المزمن.
كيفية التعامل مع المتلاعبين النفسيين
عندما تدرك أن أحدهم يتعامل معك بأسلوب التلاعب النفسي، عليك أن تعرف كيف تتعامل معه بطريقة تجعله لا يجرؤ على التلاعب بعواطفك وخداعك، وأفضل طريقة للتعامل معهم هي باتباع تلك النقاط:
- لا تُسهب في الأحاديث معهم: إذا حاولوا أن يجروك إلى أحاديث وجدال اعتذر ولا تفتح لهم مجالًا لسماع ما يقولون.
- لا تتعامل معهم كخصوم: لا تحاول أن تتعامل معهم بعدوانية وتتغلب عليهم، لأنهم يحبون جدًا هذه الطريقة في التعامل، وبدلًا من ذلك تعلم كيف ترد عليهم بالشكل الصحيح.
- ضع حدودًا في التعامل: عندما تضع حدودًا للتعامل مع الشخص المتلاعب يدرك أنه فقد السيطرة فيصاب باليأس، ويبحث عن شخص بديل يتلاعب به نفسيًا.
- كن متيقظًا: إذا أحسست أن الشخص المقابل يتلاعب نفسيًا بك كن متيقظًا له ولا تترك له فرصة لإيذائك، وحاول تجنبه قدر الإمكان.
- اطلب المشورة من معالج نفسي: إذا كانت تربطك علاقة دائمة ووثيقة بالمتلاعب النفسي ومضطر للتعامل معه دائمًا عليك طلب المشورة من المعالج النفسي حول كيفية التعامل معه.
لماذا يتلاعب الناس بالآخرين؟
يوجد أسباب عديدة تجعل البعض متلاعبين نفسيين دون أدنى شعور بالذنب، وأبرز هذه الأسباب:
- الشعور بعقدة النقص وانعدام القيمة والعجز وعدم القدرة على الإنجاز.
- حب الظهور والسيطرة على الآخرين.
- الأنانية وتغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الجماعة.
- الرغبة في فرض القوة على الآخرين.
- المعاناة من الفشل والخيبات العاطفية المتكررة والرغبة بالانتقام.
التلاعب النفسي بالآخرين خطرٌ على الفرد والمجتمع، وهو من المظاهر التي باتت منتشرة بين الكثير من الناس. لهذا لا بدّ من توخي الحذر عند التعامل مع أي شخص يتلاعب نفسيًا بالناس ويحاول أن يسبب لهم الأذى العاطفي. والأفضل استشارة المعالج النفسي أو الطبيب لبيان أفضل طريقة للتعامل مع هؤلاء الأشخاص حتى يتم تحجيمهم وإيقافهم عند حدّهم.
