ثقافة العلاقات

التعامل مع الشريك العنيد

تتزاحم الكلمات ويخالج الصدرَ ضيقٌ عند ذكر كلمة العناد. فها هو عقلك يلقي عليك بالذكريات الأليمة وما سببته من ضغط نفسي استنزفك عند التعامل مع الشريك العنيد .

نعرف مقدار المعاناة التي تعانيها حق المعرفة، ونشعر بكل ما تمر به! لذا، نقدم لك مقالًا فيه المخرج ومعرفة أسباب عناد شريكك وأهم صفاته، مع الخطوات اللازمة للتعامل معه.

العناد

العناد -لغةً- مصدرٌ للفعل “عَنَدَ” أي خالف وعارض، وهو ما يصب في معناه اصطلاحًا أي في الواقع الحياتي. العناد صفة لا تلتصق بنوع أو جنس دون الآخر، فيكون الشريك العنيد زوجًا أو زوجةً على حد سواء. يقال: “العناد يورث الكفر”، فالعناد صفة مذمومة على الإطلاق، ولا يُمدح من يتسم بها بل هي عليه وبالٌ وشر.

صفات الشريك العنيد

تخص الشريك العنيد بعض الصفات التي تظهر جليةً فيه، فإذا وجدت في نفسك منها صفة أو أكثر، فعُدَّ نفسك ذلك الشريك العنيد. تتضمن صفات الشخص العنيد الآتي:

  • الجدال والإصرار على الرأي ولو أدرك فساد رأيه.
  • تجاهل الطرف الآخر وعدم الالتفات إلى وجهة نظره بل يكتفي بما لديه فقط.
  • سرعة الغضب وعدم التحلي بالصبر إذا حاول أحدهم إقناعه بشيء يرفضه.
  • شعوره بأنه خارج عن السيطرة وكأنه خُلِق وحده في هذا الكون.
  • محاولة فرض السيطرة على من يحيطه وحملهم على رأيه بالقوة إن استطاع.
  • إلقاء اللوم على الطرف الآخر واتهامه بأنه مخطئ على الدوام.

أسباب العناد

لكل علةٍ سبب، ولكل امرءٍ شخصيتُه التي تتسم بصفات حميدةٍ وأخرى ذميمة. وتتباين الأحكام على الصفات والطبائع من شخص لآخر بناءً على الأيديولوجيات والبيئة المحيطة والمراجع التي يستند إليها ذلك الشخص.

يقع عدم النضوج الفكري للشريك العنيد -سواء كان الزوج أو الزوجة- في منزلة مهمة كسببٍ رئيسٍ للعناد؛ فعدم الإلمام بالخبرات الحياتية الكافية تجعله كالطفل الصغير الذي يقدم العناد على كل ما سواه. لذا نتحدث هنا عن أسباب العناد لدى الزوجة والزوج بحيادية، كي نتمكن من تحليل المشكلة عن كثب، والوصول إلى معرفة كيفية التعامل مع الشريك العنيد.

أسباب عناد الزوجة

يعاني كثير من الرجال عناد الزوجة، وهو أمر لا يثمر إلا خرابًا، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق التي تكاد لا تُعد ولا تُحصى. ونذكر أهم أسباب عناد الزوجة فيما يأتي:

  1. تعرض الزوجة العنيدة في أثناء طفولتها إلى تربية قاسية وتفريق في المعاملة بينها وبين أقرانها.
  2. معاشرة الزوجة في طفولتها لأمٍ عنيدة متسلطة.
  3. اعتياد الزوجة منذ الطفولة الحصول على ما تريد بالعناد دون أدنى اعتراض من أبويها.
  4. المعاناة من عقدة نقص تظهر في محاولة فرض السيطرة على الزوج.
  5. الثغرات في البنية الأخلاقية التي تسمح بتجاوز الحدود بالعناد.
  6. فقد الحب وانقطاع حبال المودة.
  7. ضعف شخصية الزوج أو سوء أخلاقه الذي يؤدي إلى عنادها كرد فعل طبيعي.
  8. فقد الزوج حس وذوقيات التعامل مع الزوجة.
  9. أسباب فسيولوجية وما يترتب عليها من تغيرات هرمونية وتقلبات مزاجية.

أسباب عناد الزوج

لا تختلف أسباب عناد الزوج كثيرًا عنها عند الزوجة، ونلخصها في النقاط الآتية:

  • أن يكون عناد الزوج رد فعل طبيعي على عناد زوجته.
  • الضغوطات المادية والنفسية لمواكبة متطلبات الحياة.
  • نشأة الزوج في بيئة أدت إلى تنامي صفة العناد لديه كأن رأى أباه عنيدًا.
  • الثقافات الخاطئة الموروثة عند الرجل.
  • شعور النقص الذي يجعل من الرجل شريكًا عنيدًا يسعى لفرض السيطرة بالطريقة الخاطئة.
  • فقد روح المودة والألفة بينه وبين زوجته.
  • العجرفة والكبر في التعامل مع زوجته.
  • شعوره بأن زوجته تلقنه أوامر لينفذها.

كيف أتعامل مع شريكي العنيد؟

الشريك العنيد كالأسد المفترس الذي يتغذى على ضحاياه بالعناد، ولا سيما إذا علم أنهم يتضجرون من عناده، وفي الغالب يكون في أوج متعته. فالأمر أشبه بترويض حيوان مفترس -مع التحفظ في التشبيه-، أو كالتعامل مع الأطفال في مقتبل العمر وما يحملونه من عناد. لذا، فإن أولى خطوات التعامل مع الشريك العنيد هي تقبلُه، ثم تتبعُ الأسباب التي تؤدي إلى عناده من أجل معالجتها بطريقة سليمة.

في النقاط الآتية نقدم بعض النصائح للتعامل مع الشريك العنيد، وهي:

  • عدم مقابلة العناد بالعناد فتتصاعد وتيرة وحدة الأمور حتى تبلغ ما لا يحمد عقباه.
  • تقديم بعض التنازلات دون الوصول إلى حد الإهانة والتخلي عن الحقوق الأساسية.
  • محاولة تعلم الشريك العنيد ثقافة الاعتراف بالخطأ، فكلنا بشر نخطئ ونصيب.
  • عدم التحدث بصيغة الأمر مع الشريك العنيد، ولا مواجهته بأخطائه بطريقة هجومية.
  • تقديم الكلمة الطيبة، فهي تفتح القلوب وتلين النفوس.
  • النقاش الفعال والوصول إلى منطقة محايدة يتفق عليها الطرفان لضبط الأمور.
  • التشارك في الأمور الحياتية كلها وترك إساءة الظن في الطرف الآخر.
  • الاحتواء وتقديم الحب والمودة بوفرة للشريك العنيد.
  • اختيار الوقت المناسب للتحدث معه في الأمور التي قد تدفعه للعناد.
  • حسن اختيار الكلمات التي لا توحي بالهجوم ومحاولة فرض السيطرة.
  • تقديم المدح والثناء.

هل يعد الطلاق حلًا لمشكلة العناد؟!

لا نغفل عن أن مشاركة الحياة مع الشريك العنيد تمثل إحدى العلاقات السامة التي تستنزف الإنسان من الداخل حتي الهلاك. فإذا نفذت الحيل، فما عليك إلا أن تأتي بحكمٍ من أهلك وحكمٍ من أهلها من ذوي الحكمة ليفصلا بينكما ويعيدا الأمور إلى نصابها. فإن استقرت الأمور فهو خير، وإن أصر الشريك العنيد على عناده فإن الطلاق هو الأولى في هذه الحالة. لكن -قبل اتخاذ قرار الطلاق- عليك النظر إلى تقديم المنفعة أولًا. فمثلًا لو كان لديك أبناء فعليك التفكير في قرار الانفصال مرات ومرات تجنبًا لتفاقم المشكلات النفسية والاجتماعية التي قد يواجهونها، وهذا ما نقوله لكل من الرجل والمرأة على حد سواء.

ونود التنويه عن أن إحدى الأمور الفعالة التي حدت من ظاهرة العناد لدى الزوجين وما يليه من الطلاق اللجوءُ إلى أحد مستشاري العلاقات الأسرية والزوجية، لاستئصال هذه المشكلة من جذورها على أسس علمية.

ختامًا عزيزي القارئ…

الصبرَ الصبرَ والتسامحَ التسامحَ! أحسنوا اختيار الشريك منذ البداية ولا تجعلوا من أنفسكم عرضة لعلاقات سامة؛ واتركوا صفات العناد التي لا تؤدي إلا إلى كل شر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق