الأعذار الخمسة الأشهر لترك المذاكرة
الحياة نوعان، التي نحياها بتلقائيتنا، والتي نخططها لها. حياتنا هي قراراتنا وكيفية تشكيلنا لها ومدى التزامنا بها. ماري موريسي صاحبة مؤسسة إتقان الحياة (Life Mastry) تقول إنه لا بد أن نعرف بعض الحقائق بخصوص أهدافنا وهي: – ما من هدف سيتحقق دون أن نريده؛ علينا أخذ خطوات نحو أهدافنا ولو صغيرة؛ – التركيز على أخطائنا وأخطاء من فشلوا سيفشلنا؛ – إن سألت نفسك هل سأنجح أم لا، سيجد عقلك بداخلك أسباب فشل حقيقية، واجهها؛ – وأخيرا، اعلم أن الوقت الأفضل لبدء أهدافك هو الآن! حديثنا في هذا المقال عن اتخاذ القرار والبدء فيه ومثالنا الاستذكار، أو الدراسة، أو المذاكرة. ولماذا نجد صعوبة في بدئها؟ وما هي طريقة فاينمان للمذاكرة!
أولا لنفند حجج التهرب من المذاكرة
- “أنا مللت”
كلما تقول لنفسك أنا مللت، صدقها.
ميولنا مختلفة، فمن يحب الموسيقى واللغات في الغالب لن يحب الرياضيات. ولكن علينا أن نبقى متأكدين بأنه كما تتنوع طبائعنا، تتنوع سبل ووسائل التعامل معها على حدة أيضا! هناك من يحفظ بالورقة والقلم، وهناك من يردد فقط وهناك من يلحن النصوص، وهناك من يختصرها في كلمات بسيطة، وهناك من يرسمها أو يرسم رموزا لها فيلخص المنهج في صفحة من الرسوم.
يكمن نجاحك أنت كفرد في اختيار السبيل الأنسب لك. عليك أن تدرك أنه أنت من يعرف نفسه جيدا وأنت من ستختار الطريقة التي تنفعك. لذا تذكر، في كل مرة تقع في الملل أن تغير طريقة مذاكرتك للتي تستهويك.
- “أنا تعبت”
إن تعبت، فهذا من حقك فضغط أيام الامتحانات صعب جدا. لذا، افعل الآتي:
اقسم ما تقوم به لجزئين:
أحدهما عملي لا يحتاج لحضور ذهني قوي كأن تقوم بنسخ ما تريد حفظه، أو ترتيب المعلومات في جداول للتسهيل، أو تلخيصها، أو رسم الرموز، أو حتى تقسيم الأجزاء التي تنوي مذاكرتها وتجهيز المستلزمات. وفي هذه الأثناء يمكنك أن تسلي نفسك بشيء آخر كسماع الموسيقى أو الراديو أو الحديث لأخيك أو صديقك. وبهذه الطريقة ستستخدم الوقت بذكاء وستتسلى أيضا.
الثاني هو الجزء الذي يحتاج التركيز. وفي الغالب بعد التحضير له جيدا، لن تحتاج وقتا طويلا لتنهيه فهو في الحقيقة بسيط وقصير. هذا يعني أن المرحلة الأولى ستستغرق حوالي 70% من الوقت بينما الثانية 30%.
- “لا أستطيع التركيز”
إن وصلت لهذه الجملة، فعليك بالاستسلام وأخذ قسطا من الراحة. ولكن احرص على الراحة فعلا.قم بإطفاء الأنوار والاستلقاء قليلا. لتصفي ذهنك حقا من جميع ما يشوبه.
- “لا أريد المذاكرة، أو لا أستطيع أن أدفع نفسي إليها!”
من منا لم يقل هذا من قبل ولكن اسمع هذه الحكمة: “أفضل أوقت لغرس شجرة كان من عشرين سنة، أما ثاني أفضل وقت فهو الآن!” نعلم أن المذاكرة ليست دائما سهلة ولا سيما المواد التي لا نميل لها كثيرا. ولذلك اتبع هذه النصائح:
- نصيحة الخمس ثوان لميل روبنز، مقدمة البرامج الأمريكية.
كلما أردت أن تبدأ شيئا، لا تدع عقلك يفكر فيه لأنه في الغالب سينجح في إقناعك بتركه! الخطوة الأولى: حدد القرار الصحيح، لا نقول خذه حتى، فقط حدده. ومن ثم لا تفكر، ولا تسمح لنفسك إلا بالبدء فيه ولكن خلال 5 ثوان. كأن تقول: “المذاكرة هي القرار الصحيح، إذا سأبدأ قبل أن يجلب لي عقلي الحجج المقنعة للاستسلام.” وبالفعل ستبدأ!
- الخطوات الصغيرة المستمرة أفضل من لا شيء
تلك الخطة التي لا تفشل أبدا لأنك لن تتعب أو تمل منها لصغرها. فقط عين دقائق يوميا للانتهاء من جزء بسيط ومع كل يوم ستتقدم بيسر في المنهج.
- “لن أذاكر! كلما ذاكرت… نسيت وبالتالي أبدأ من الصفر!”
في الحقيقة، لن نتفق معك هنا! فالحقيقة هي أنه كلما ذاكرت، كلما احتفظت بالمعلومة ولو لم تشعر بذلك! ففي دراسة عن نشاط المخ قام بها الباحثون ليكسيا زان، ودنجرونج جو، وجيونج جيونج يانج من جامعة بكين في الصين، حيث أعطوا كتيبا لمجموعتين وقالوا لواحدة أن تدرسها مرة، بينما للأخرى أن تدرسها ستة مرات على فترات متباعدة. والنتيجة مذهلة! المجموعة التي كررت الكذاطرة، لم تنساه بعد فترة كبيرة، ولكن الأخرى نسيته! كما توصل الباحثون في خاتمة بحثهم إلى أن الذاكرة أيضا أصبحت أقوى لدى مجموعة التكرار.
أتعرف طريقة فاينمان للمذاكرة
يقول الفيزيائي والحائز على جائزة نوبل، ريتشارد فاينمان: “أول مبدأ عليك تعلمه هو ألا تتلاعب بنفسك فأنت أسهل من يمكنك خداعه!” عليك أن تعلم أنك أنت المسؤول وأنك فعلا قدر المسؤولية وتملك الوقت الكافي لتقوم بها حتى بدون الاعتماد على أي شخص غيرك.
يعتمد فاينمان في دراسته إلى أمرين: 1- عدم خداع النفس مغترين بما تعلمناه، أو كاذبين بشأن صحته. 2- التعلم بجد وعمق.
ووضع فاينمان أسلوبا للمذاكرة من 4 خطوات وهم بأن:
- تشرح ما تعلمته لغيرك بصوت واضح وببساطة فيفهم حتى الأطفال!
- تحدد النقاط التي لم تستطع شرحها أو إجابة على استفسار عنها وتعلمها جيدا.
- تذهب لتدرس ثانية، إن لم تستطع تبسيط ما تعلمته في شرحك.
- تتدرب على الخطوات السابقة حتى الإتقان.
وبذلك يقول فاينمان إن التعلم جيدا لن يفيدك في الاختبار فقط، بل سيجعلك واعيا، ومثقفا، وذا قدرة أكبر على التفكير التحليلي وربط الأمور ببعضها وتطبيقها في الحياة الواقعية كما سيجعلك مدرسا كفؤ بعد هذا التدريب.
ما ندرسه في المدارس حقا ينفعنا خارجها، وليس كما نردد العكس! نحن أكثر حظا من غيرنا بوسائل المعرفة التي تتيح لنا ملايين المعلومات. المسؤولية إذا مسؤوليتنا! علينا أن ندرك أن المذاكرة لها تأثيرات خفية مفيدة لم نكتشفها كلها بعد وأن الهدف منها أكبر بكثير من ذلك الذي نريد أن نسكبه في ورقة الاختبار. المذاكرة تدريب عظيم للدماغ، أعظم عضو يميزنا! فإن لم تهتم بتدريب أعظم ما يميزك، فبما ستتميز، وبماذا ستفيد مستقبلك! ما نريد قوله لجميع طلابنا هي أن المذاكرة كلمة وإن اختلطت دائما بالمدارس فهي من مرادفات تدريب الذاكرة والتعلم والتطور؛ وهي مهمة سنداوم عليها طوال حياتنا بصورة أو بأخرى تحت مسميات مختلفة؛ لنرتقي ونستطيع حقا أن نلهو باستمتاع في أوقات فراغنا.