تربية واعية

الأبناء المراهقون وتقلباتهم النفسية

تربية الأبناء الذكور وخاصة في سن المراهقة ليست أمرًا سهلًا دائمًا، خاصة من الناحية النفسية التي تتطلب رعاية واهتمام ومراقبة دائمة من الآباء والأمهات. فسلوك الأبناء الذكور أحيانًا يضع الأهل في تحدٍ واضح بين النجاح والفشل، خاصة في ظلّ الظروف الحالية التي تفرض على الأسرة بعض المستحدثات التي لم تعهدها من قبل. الأبناء أصبحوا أكثر انفتاحًا على الإنترنت، وأصبحوا يميلون للعزلة الاجتماعية والقلق والوحدة. وبما أنهم أًبحوا يمكثون في غرفهم لوقتٍ طويل، قلّت سيطرة الآباء والأمهات على سلوكهم. ويزداد الأمر سوءًا بضعف الرقابة الأبوية على الأبناء، وبقلة فرص دعمهم النفسي لهم. وفي هذا المقال سنلقي نظرة على أهم المشاكل النفسية التي تواجه الأبناء الذكور في مرحلة المراهقة، وكيفية التعامل معها بالشكل الصحيح و كيفية تربية الأبناء الذكور

المشاكل النفسية للأبناء الذكور

في الوقت الذي تبوح به الفتيات المراهقات عما يشغل بالهنّ، يميل الذكور للكتمان والعزلة والانسحاب من جو الأسرة. فيحرمون أنفسهم من تلقي دعم الآباء والأمهات. أهم خطوة لفهم سلوك المراهقين الذكور هو فهم طريقة تفكيرهم ومعرفة ما يدور في دماغهم لكي نعي ما يدور في أذهانهم والتقرب منهم بطريقة صحيحة. خاصة أن تربية الأبناء الذكورصعبة فالأبناء المراهقين يمرون في مرحلة المراهقة بالكثير من التغيرات الحيوية والهرمونية التي تؤثر على سلوكهم. وأبرز هذه المشاكل النفسية هو:

  • تغيرات في العواطف والمشاعر نتيجة التغير الهرموني.
  • عدم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة وإطلاق الأحكام نتيجة تغيير قشرة الفص الجبهي وهو الجزء المسؤول عن القرارات.
  • القيام بسلوكيات كثيرة محفوفة بالمخاطر مثل القيادة المتهورة وتعاطي المخدرات والإدمان، ومشاهدة محتويات غير أخلاقية على شبكة الإنترنت.
  • الميل إلى العنف ومرافقة أصدقاء السوء.
  • عدم قدرة المراهق على التحكم في انفعالاته.

كشفت دراسة أجريت على 357 مراهقًا في الصفوف السادس والسابع والثامن أنّ الصراع بين الوالدين والمراهقين خلال سنوات المراهقة (من 11عمر إلى 14 عامًا) بلغت ذروتها في الصف السابع بين الآباء والأبناء مع وجود تباين كبير في شدة الصراع بحسب الموضوع الذي يتم الصراع حوله. وقد كشفت الدراسة أن الصراع بين الآباء والأبناء الذكور أكثر حدة من الصراع من البنات في مرحلة المراهقة.

الطريقة المثالية للتعامل مع الابن المراهق

من الضروري أن يضع الآباء معالم واضحة لطريقة التعامل مع الابن المراهق لتقليل الآثار السلبية لهذا التعامل ولضمان كسب ثقته، وتقليل الاصطدام معه، وتجنب ردود أفعاله العدوانية. ويمكن للتعامل أن يكون عن طريق التالي:

  • وضع قواعد معينة وحدود يتفق عليها الآباء مع أبنائهم المراهقين؛ بحيث تكون هذه القواعد مبنية على قيم ثابتة مشتركة تحافظ على الانسجام داخل الأسرة وتحقق للمراهق الأمان.
  • تجنب العقاب الشديد للأبناء المراهقين، لأن هذا يولد لديهم ردة فعل نفسية عميقة، تجعلهم رافضين للنصائح أو الحلول، مما يفاقم الأمر ويجعله أكثر سوءًا.
  • الحفاظ على تقديم الدعم المعنوي والنفسي للمراهق، والحفاظ على بناء جسور التواصل معه بحيث لا ينقطع الحوار أبدًا.
  • تفعيل الرقابة من قبل الأهل والمعلمين على المراهقين الذكور، ويمكن أن تكون هذه الرقابة دون أن يشعروا بها حتى لا تضعف ثقتهم فيمن حولهم، ولا يلجؤون للتصرف بسرية.

مفاتيح التواصل النفسي مع الابن المراهق

في دراسة استقصائية من Plan International USA أُجريت على أكثر من 1000 مراهق، ثلث الأبناء يعتقدون أن المجتمع يتوقع منهم أن يكونوا “رجالاً” ويخفون مشاعرهم عندما يشعرون بالحزن أو الخوف، مما يجعل الوضع النفسي للابن المراهق صعبًا كونه يواجه ضغوطات مجتمعية كثيرة تمنعه من مواجهة ما يسبب له الحزن والألم. لهذا لا بدّ من التركيز على مفاتيح التواصل النفسي مع المراهق وهي:

  • الأمان النفسي: إشعار المراهق بالأمان النفسي والطمأنينة يجعله أكثر هدوءً وتقبلًا للنصيحة.
  • الثقة: تعزيز ثقة المراهق بنفسه ينعكس على تصرفاته فيكون أكثر قدرة على مواجهة مشاكله والاعتراف بأخطائه.
  • القدرة على التعبير: تشجيع الابن المراهق على التعبير عن مشاعره بالكلمات يساعده في تخطي الكثير من العقبات.

ومن الأساليب النفسية المساعدة على التواصل البناء مع الابن المراهق التالي:

  • الحديث معه بطريقة لطيفة ومختصرة وواضحة، والاستماع إلى ردوده بعناية.
  • الحفاظ على التواصل البصري أثناء الحديث معه بشرط أن تكون النظرات الموجهة إليه مطمئنة ولا تبث في نفسه القلق والتوتر.
  • الحفاظ على الهدوء، وعدم إظهار الانفعال أو الغضب.
  • منحه الوقت الكافي لمراجعة نفسه حتى ولو لعدة ساعات أو أيام.
  • تجنب إحراجه عمدا أو تكذيبه فيما يقول، ومنحه حرية التعبير بكلّ صدق، وتقبل أقواله برحابة صدر.
  • تقبل أصدقائه والترحيب بهم، وتشجيعه على استقبالهم في البيت كي يظلّ الابن تحت رقابة والديه.

أثبتت الدراسات النفسية والعقلية التي أُجريت على المراهقين أن الارتباط بين الأبناء المراهقين وآبائهم أمرٌ مهم جدًا لدعم صحتهم النفسية وتربية طفل سويا نفسيا والعقلية ومنع انحرافهم. كما أنّ العلاقة الطيبة بين الآباء والأبناء المراهقين تساعد في نموهم بطريقة صحية بحيث لا تعيق المشاكل النمو الفسيولوجي للأبناء ويكون الآباء مطلعين على مجريات حياة أبنائهم المراهقين وصحتهم النفسية أولًا بأول. وأنت كأب إذا كان هدفك الأساسي في الصراع مع ابنك المراهق هو الفوز بالسيطرة عليه، فأنت قد خسرته فعليًا! لأن التطرف في التعامل مع الابن المراهق يجعل منه شخصًا عدوانيًا وعنيدًا. لهذا من الأفضل طلب المشورة والدعم من المعالج النفسي أو الطبيب النفسي لمعرفة أفضل ما يمكن تقديمه للابن المراهق وأفضل طريقة للتعامل معه بناءً على شخصيته وذلك إن شعرت أنك غير قادر على السيطرة بذكاء وحكمة وتفهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق