إدارة حياة

اعمل ما تحب أم ما تجيد.. أيهما أفضل؟

“اعمل ما تحب ولن تعمل يوما في حياتك”… “حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب”.

نصيحتان متضادتان كثيرا ما نسمعهما في سنوات الدراسة، وفي العمل أيضا. الأولى مقولة شهيرة لـ”ستيف جوبز”، مؤسس شركة “أبل” والمدير التنفيذي الراحل لها، أما الثانية فرغم شهرتها الواسعة، إلا إن قائلها غير معروف.

ومع الشهرة الواسعة لكل مقولة منهما، يبقى السؤال نفسه مطروحا، أيهما أصح “اعمل ما تحب ولن تعمل يوما في حياتك”.. “حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب”. وأفضل في الحياة العملية؟

• اعمل ما تحب أم ما تجيد… أيهما أفضل؟

أغلب خبراء التنمية الذاتية يميلون إلى معارضة ستيف جوبز في مقولته الشهيرة. بل إن الكاتب الأمريكي المتخصص في تطوير الذات “كال نيوبورت”، يدعي أن مؤسس شركة “أبل” نفسه لم يعمل بنصيحته للناس، وإلا فإنه كان سيعمل بالتدريس.

وتقول الدكتورة “أليسون ماكويليامز”، نائب الرئيس المساعد للتوجيه والتطوير الوظيفي والشخصي في جامعة “ويك فورست”، إنه على الرغم من حسن النية، فإن كل ما أسفرت عنه هذه النصيحة هو جيل من الشباب الذين يشعرون بالارتباك والاحباط والانتقال من وظيفة إلى أخرى بحثا عن مهنة “الحلم” بعيد المنال أيا كان ذلك.

• مخاطر نصيحة “اعمل ما تحب”

بالطبع نحن هنا لا نريد أن نصدر لكم الإحباط، فيمكن للجميع، بل ويجب عليهم، استكشاف وتطوير مواهبهم وهواياتهم، ويجب على كل واحد منا أن يسعى جاهدا من أجل حياة ذات معنى، وينتهز الفرصة بالطبع -إن لاحت له- ليعمل ما يحبه بالفعل.

لكن التمسك بهذا الأمر باعتباره المثل الأعلى لحياة جيدة يؤدي إلى الإضرار بالكثير من الشباب الذين بدأوا حياتهم العملية للتو. ماذا لو كنت لا تعرف ما هو شغفك في أوائل العشرينات من العمر؟ ماذا لو كان لديك 20 شيئا مختلفا تحبه؟ وما الذي ستفعله إن كان ما تحبه لن يدر عليك أموالا؟ كيف ستعيش وتأكل وتجد سكنا مناسبا؟

على سبيل المثال، قد تحب تناول الطعام أكثر من أي شيء آخر، وتعمل في مجال التدريس، لكن تناول الطعام لن يدر عليك أموالا، فهل ستترك عملك وتتفرغ لما تحب؟

بالطبع لن تفعل ذلك لأن القرارات المهنية ليست قرارات حول ما الذي تحبه أكثر، بل تتعلق بنوع الحياة التي تريدها، ومعرفة ما هو أكثر منطقية بالنسبة لك.

• هل نظرية “افعل ما تجيد” هي الأفضل؟

هناك قدر لا بأس به من الامتياز يمكن العثور عليه في نصيحة “اعمل ما تحب”، لكن هذا قد ينطبق على عدد قليل من الناس، بينما يحتاج بعض الأشخاص فقط إلى فعل ما يتعين عليهم القيام به لـ”دفع فواتيرهم، وسداد قروض طلابهم، وسداد إيجار السكن”. لذلك تنصح الدكتورة “أليسون ماكويليامز” بأنه بدلا من “أن تعمل ما تحب”، عليك أن “تعمل ما أنت جيد فيه”.

الحياة هي رحلة بها تحقق أو تقترب أكثر من ذلك الشيء الذي قد تسميه في النهاية “الحلم” وذلك بواسطة سلسلة من التجارب التي تساعدك على التمييز بين تلك الأشياء التي تحبها، وتلك الأشياء التي لا تفعلها، حتى تستطيع اتخاذ قرارات أكثر استنارة حول كيفية قضاء وقتك وحياتك. 

• كيف تجعل ما تجيد هو ما تحب؟

افعل ما أنت جيد فيه: ما هي نقاط قوتك؟ ما هي تلك الأشياء التي يبدو أنها تأتي لك بشكل طبيعي، أو التي يمكنك القيام بها مع القليل من الجهد؟ 

ابحث عن الأدوار التي تسمح لك بالقيام بهذه الأشياء قدر الإمكان، مع إيجاد فرص للنمو في مناطق ليست سهلة أو مألوفة بالنسبة لك.

افعل ما تهتم به الآن: توقف عن محاولة معرفة ما سيحدث في العشرين سنة المقبلة، ببساطة عليك أن تركز فقط في معرفة ما هي خطوتك التالية؟

اصنع خطة لتفعل ما تحب: الخطوة التالية فيتطوير مهنة تحب فيها ما تفعله هي التفكير بوضوح في هدفك، وماذا تتمنى أن تستيقظ لتفعله كل يوم؟

مثلا يحب البعض السفر أو قضاء الوقت معأسرهم، بينما يحب البعض الآخر الذهاب إلى السينما، أو اقتناء التحف. لذلك بمجرد أن تفكر حقافي كيف تبدو الحياة غير العادية بالنسبة لك، ستفكر في كيفية تحقيقها، وحتى إن لن تكن من الأغنياء، فسيتعين عليك العمل لتتمكن من فعل ماتحب.

ابدأ بخطة عمل مكثفة، كيف يمكنك تحقيق هدفك الحقيقي من خلال العمل؟ كيف يمكنك الجمع بين هذا الاهتمام وحياة مهنية حقيقية؟ خطط كيف يمكنك أن تجعل رؤيتك حقيقة واقعة؟

أخيرا، تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان عندما نحول الشيء الذي نحبه إلى الشيء الذي نفعله من أجل لقمة العيش، فمن نتائجه غير المقصودة تحويل العاطفة إلى عمل.

على سبيل المثال، إذا كنت تحب السفر وتعلم أشياء عن الأماكن الجديدة، وتجربة ثقافات مختلفة، والخروج من عالمك المحدود وتوسيع وجهة نظرك، قد تظن أنه إذا كان السفر جزءا من وظيفتك، فستكون أكثر سعادة.

حسنا، كن على استعداد لتلك الحقيقة الصادمة، إذا كان السفر جزءا من وظيفتك فإنك لن تتمكن من الاستمتاع به كما كنت في السابق، لأنه سيصبح مجرد شيء آخر في قائمة مهام العمل الخاصة بك، وستجد أنك تفعله مجبرا، وتقول لنفسك “لقد أصبح الشيء الذي أحبه عملا”. ولك في من يعمل في مجال السينما أو كرة القدم على سبيل المثال خير دليل.

لذلك من الأفضل أن “تعمل” ما تجيد، حتى تتمكن في أوقات فراغك من أن “تفعل” ما تحب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق