اضطرابات الأكل أسبابها وأعراضها وعلاجها
يتم تشخيص المزيد من الناس باضطرابات الأكل سنويًا، ربما نتيجة لتركيز المجتمع على النحافة وزيادة الوزن وانشغاله بالمقارنات بين الأشخاص، خاصة في ظلّ انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر صور المشاهير التي تجعل البعض يقارنون أجسامهم بأجسام المشاهير من ناحية الوزن. هذا بدوره زاد من حدّة انتشار اضطرابات الأكل بين الناس، حتى أصبح من الحالات التي تستدعي تدخل طبي أو نفسي أحيانًا، علمًا أنّ اضطرابات الأكل تُصيب النساء أكثر من الرجال. لذا لنتحدث عن اضطراب الأكل من حيث تعريفه وأعراضه وأسبابه وطرق التخلص منه.
أسباب الإصابة باضطراب الأكل
اضطراب الأكل مفهوم واسع يشمل الشراهة الزائدة أو النقيض تمامًا أي انعدام الشهية، وأسباب الإصابة بهذا الاضطراب كثيرة، ومعظمها أسباب نفسية. لهذا ينظر إليه بأنه مشكلة نفسية بالأصل! ولعل من أهم أسباب الإصابة باضطراب الأكل التالي:
- العوامل الوراثية: قد يكون إصابة الشخص بهذا الاضطراب إثر تاريخ عائلي، والسبب بعض الجينات المتوارثة، فيُصاب الشخص بإحدى اضطرابات الأكل كانسداد الشهية أو الشراهة.
- العوامل البيولوجية: نتيجة الإصابة بأمراض مختلفة مثل اضطرابات الغدد الهرمونية أو تناول الأدوية التي تؤدي إلى اضطراب الأكل كعرض جانبي خاصة الأدوية النفسية والإنسولين والكورتيزون، علمًا أنّ البعض قد يصاب بخلل يؤثر على أنماط الأكل مثل التجويع واتباع نظام غذائي، نتيجة لإصابة الجهاز العصبي والهرموني حيث تتعرض المناطق التي تتحكم بالجوع والرغبة الشديدة في الأكل والشعور بالشبع إلى خلل.
- العوامل النفسية: بسبب الحزن أو الاكتئاب أو الفُصام أو الإحباط أو التقلبات النفسية التي يتعرض لها الأِشخاص أو اضطراب ثنائي القطب أو التوتر المستمر أو التغيرات الوظيفية أو الجينية في الدماغ.
- العوامل البيئية والاجتماعية: بسبب الضغط الذي يُمارسه المجتمع على الأشخاص لزيادة أوزانهم أو إنقاصها، من خلال التنمر على أشكال أجساده.
أنواع اضطرابات الأكل
- فقدان الشهية العصبي: من أنواع اضطرابات الأكل التي يقوم صاحبها ببعض السلوكيات تمنعهم من تناول الطعام لمنع زيادة الوزن لاعتقادهم الخاطئ أنهم بدناء، والمصابون بهذه الحالة يفقدون الكثير من أوزانهم، وهذا الاضطراب يُصيب 9 إناث من كل 1000 و3 ذكور من كل 1000، وتصيب هذه الحالة الأشخاص عمومًا ما بين 18 عامًا و40 عامًا.
- الشره المرضي العصبي: اضطراب أكل تتناول فيه الطعام بشكل متكرر وقهري ودون انضباط، وبعدها يقوم الشخص ببعض السلوكيات التي تجعله يتخلص من الطعام الذي تناوله بشراهة مثل: التقيؤ الذاتي والحقن الشرجية ومدرّات البول وتناول الأدوية المسببة للإسهال. تصيب هذه الحالة الأشخاص في بداية البلوغ. تصيب هذه الحالة حوالي 1 ٪ من الناس، ونسبة إصابة الإناث تعادل ثلاث مرات إصابات الذكور.
- اضطراب الأكل بنهم: تناول الطعام بشراهة دون ممارسة سلوكيات التخلص من الطعام، مما يُسبب السمنة المفرطة وازدياد الوزن بشكل كبير، ويصيب حوالي 2٪ من الناس. وهو أكثر شيوعًا عند النساء منه عند الرجال.
الأعراض والمضاعفات
يُصاب أصحاب اضطرابات الأكل بالعديد من الأعراض المختلفة بحسب نوع الاضطراب الذي يصيبهم، فالبعض يصاب بهزال شديد حيث تظهر أضلعهم، والبعض يُصاب بزيادة وزن كبيرة. تكمن المشكلة الكبرى في أنّ اضطراب الأكل إذا حدث قبل فترة البلوغ يتسبب بمشاكل ومضاعفات خطيرة فيما بعد، كضعف نمو الجسم وعدم مرور الفتاة بدورة الحيض. كما يتوقف التطوّر الجنسي سواء للنوعين، وذلك بسبب سوء التغذية. وقد تحدث أضرار أخرى خطيرة في الجسم وخاصة في الغدة الدرقية والعظام والجهاز التناسلي والهضمي، كما يمكن أن يكون اضطراب الأكل قاتلًا إذ إنّ نسبة عالية من الأشخاص المصابين بهذه الحالة يموتون منتحرين بسبب أشكال أجسامهم. من أبرز الأعراض المصاحبة لهذه الاضطرابات التالي:
- الإمساك أو الإسهال.
- الجفاف بسبب الاستخدام المفرط للملينات أو القيء الذاتي المتكرر وجفاف البشرة وتقشرها وتساقط الشعر.
- انخفاض النشاط الجسدي والجنسي.
- الاكتئاب والدوخة والضعف العام.
- فقدان القدرة على التركيز.
- تسوس الأسنان وتآكلها بسبب الأحماض التي نشأت من القيء الذاتي المتكرر.
- عدم تحمل البرد والتهيج وعدم انتظام ضربات القلب.
- فقدان دهون الجسم وضغط الدم المنخفض.
- عدم انتظام فترات الحيض بالنسبة للمرأة.
- مخاوف نفسية من السمنة وزيادة الوزن.
- السيطرة على الأكل أثناء النوبة والأكل بسرعة كبيرة، وتناول كميات كبيرة من الطعام دون الشعور بالجوع.
إجراء التشخيص والعلاج
من النادر توجه الأشخاص المصابين باضطراب الأكل للعلاج لأنهم لا يعترفون أصلًا بوجود مشكلة لديهم. تشخيص اضطراب الأكل يحتاج إلى مراجعة الطبيب النفسي أو الطبيب العادي، حيث يتم ملاحظة الأعراض وإجراء الفحص الجسدي واختبارات الدم وفحص الهرمونات ومعرفة التاريخ الطبي بالتفصيل ومن ثمّ وضع العلاج المناسب. ومن العلاج أساليب متعددة منها:
- علاج الأعراض التي سببها اضطراب الأكل.
- مراقبة المصاب مراقبة حثيثة لمنعه من التعرض لنوبات الاضطراب.
- إعطاء الأدوية النفسية المناسبة التي تعالج الحالة المسببة للاضطراب، وذلك بحسب رؤية الطبيب النفسي.
- تشجيع المصاب على ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية.
- عمل جلسات علاج نفسي مع المعالج النفسي لتطبيق العلاج السلوكي والمعرفي على المصاب، ولتشجيعه إلى العودة للوزن الطبيعي.
- تقديم المشورة الواعية للمصاب حول صورة الجسم والتغذية وآثار الجوع وإدارة الوزن.
حوالي 70٪ من الأشخاص المصابين باضطراب الأكل الذين يتلقون العلاج في الوقت المناسب سوف يتعافون تمامًا، خاصة إذا تمّ عرضهم على معالج نفسي وطبيب نفسي متخصص، ولكن في بعض الحالات يصبح فقدان الشهية مشكلة تستمر مدى الحياة وقد تتطلب مشورة وإدارة طويلة الأمد. في الغالب يتم وصف الأدوية المضادة للاكتئاب للسيطرة على نوبات اضطراب الأكل، ويجب الاهتمام بالعلاج النفسي لأنّ العلاج النفسي يُستخدم لخلق الوعي والتثقيف حول أنماط الأكل وسلوكياته والتعامل مع الأفكار المشوهة حول صورة الجسم والوزن، مع ضرورة تعاون أفراد العائلة للمساعدة في العلاج طبعا.