ألم الفقد وكيف نتخطاه
الفقد من المشاعر المؤلمة التي يمرّ بها معظم الناس، سواء فقد الأشخاص بالموت أو بسبب البُعد أو بسبب تخلّيهم عن العلاقة التي كانت تجمع بينهم. ومهما كان سبب الفقد فإنه يترك شرخًا عميقًا في القلوب، ويفقد الأشخاص المتعة والشغف، ويجرّ وراءه الكثير من المشاعر السلبية التي قد لا نستطيع تخطيها بسهولة. لهذا يجب على كلّ شخص أن يتعرف إلى كيفيات تخطّي ألم الفقد، ليُساعد نفسه ويتأقلم، ببساطة لأن الحياة لا تتوقف عند أحد، وفي هذا المقال سنتحدث عن مشاعر الفقد والطريقة الأفضل لتخطيها بسلام وبأقل الخسائر النفسية.
أمثلة على أنواع الفقد
عندما نتحدث عن الفقد فنحن نتحدث عن الكثير من الأنواع التي بالكاد سيواجهها كل شخص، وهذا يعني أنّ التهيئة النفسية للتعامل معه مهمة جدًا كي لا تتطور حالة الحزن الناتجة عنه، وأكثر أنواعه:
- فقدان أحد أفراد الأسرة بالموت أو السفر لمسافات بعيدة.
- فقدان الصديق سواء بالغدر أو بالبعد أو بالموت.
- فقدان العمل بالتقاعد أو الاستقالة الإجبارية وفقدان الاستقرار المادي.
- الإجهاض.
- فقدان الصحة أو عضو من الجسم مثل بتر الأعضاء.
- فقدان حيواننا الأليف لأي سبب.
- فقدان بالأمان نتيجة التعرض لصدمة.
لماذا علينا أن نتأقلم مع الفقد؟
الشخص الذي يحبس نفسه في أحزان الفقد ينسى حياته ويصبح عاجزًا عن الإنجاز، ويظلّ حبيس الذكريات، فيبني حاجزًا نفسيًا يمنعه من الاختلاط بالآخرين. لهذا من المهم علينا التأقلم مع الفقد لأسبابٍ كثيرة، منها:
- تقبل شعور الحزن والاعتراف به يُساعد في التخفيف من وطأته على النفس، ويُسرّع من عملية الشفاء.
- التأقلم مع الفقد لا يعني الاستسلام أو التراجع أو التخلّي بسرعة، بل يأتي هذا التأقلم بعد استنفاذ جميع الحلول والتأكد من أن من ذهب لن يعود، وهذا بحدّ ذاته يُدرب النفس على أن تكون أقوى وأكثر تحملًا وصبرًا.
- التأقلم مع الفقد يُساعدك في البحث عن العوض المناسب الذي يمنحك الرضا، فلا تحرم نفسك من هذه المحاولة!
- التأقلم مع الفقد يعني المضي قُدمًا في تحقيق الأهداف والتطلّع إلى التعرف على الجديد.
- يمر الشخص الفاقد بعدة مراحل للحزن في رحلة التعافي وتأقلمه مع الفقد، فيمر بالصدمة والإنكار ثم الاكتئاب وقد يشعر بالذنب أو الخوف.
- تجنبا لما قد يُسببه الفقد من أعراض جسدية مثل: الأرق وانخفاض مناعة الجسم والتعب الجسدي والغثيان والإحساس بآلام متفرقة في الجسم وزيادة الوزن أو فقدانه بشكلٍ كبير.
التعامل مع الفقد يجب أن يتم بطريقة صحيحة كي لا يترك أثرًا نفسيًا سيئًا يستمرّ طويلًا، وأفضل الطرق لتخطي الفقد ما يأتي:
- تقبل الألم والحزن بكل شجاعة، وعدم الهروب من الذكريات أو الأحداث التي تخص الأشخاص الذين فقدناهم، لأنّ المواجهة تُسرع عملية الشفاء.
- تحدث مع نفسك بهدوء وأخبرها أنّ المشاعر السلبية المتعلقة بالافتقاد لن تدوم إلى الأبد، وأنّ الحزن والاعتياد على الغياب يصبح أخف مع الوقت.
- تمسك بالأمل قدر الإمكان، وحاول أن تقنع نفسك بأن الألم الذي تعيشه بسبب الفقد هو شعور مؤقت سيتقلص مع الزمن.
- طلب الدعم من الأشخاص المقربين مثل الأصدقاء الثقة والأهل، والتعبير عن مشاعر الحزن أمامهم لأنهم بالتأكيد سيقللون من شعور الألم.
- التعبير عن المشاعر بطريقة إبداعية، كالكتابة التي قد تُنتج نصوصًا جميلة ومعبرة.
- ممارسة بعض الأنشطة والهوايات المحببة التي تساعد على الانهماك في الحياة بطريقة مسليّة وتعوض عن فقدان الأشخاص، يمكن هذا بالذهاب في رحلات قصيرة، أو السفر برفقة الأصدقاء، أو الأسرة، أو ممارسة الرياضة وخاصة رياضة التأمل التي تخلص الجسم من الطاقة السلبية.
- التحدث إلى طبيب أو استشاري نفسي، وطلب الدعم والمشورة الصحيحة منه، وتقبل العلاج الذي يصفه سواء كان دوائيًا كمهدئات مؤقتة تحت إشراف الطبيب أو على شكل جلسات نفسية.
أفضل شيء يُساعدك في مواجهة مشاعر الافتقاد هو المواجهة وعدم الاختباء وراء حزنك وانتظار من لا يأتي، وعليك أن تعي جيدََا انك لست وحدك من يواجه مثل هذا الموقف لأن جميع الناس مهما اختلفت أماكن سكنهم أو طبقاتهم الاجتماعية أو درجاتهم العلمية لا بدّ سيختبرون مشاعر الفقد. المهم أن تعي أنّك أثناء فترة التعافي من مشاعر الفقد المؤلمة قد تمر أحيانًا بانتكاسات كثيرة يعقبها فترات من الهدوء ثم تعود للحزن، وهذه هي الدورة طبيعية لاستعادة توازنك النفسي. عليك ألّا تستسلم أبدًا، وأن تركز بالدرجة الأولى على تجاوز ما أنت فيه وتتطلّع للمستقبل، وخاصة إذا كان الفقد لشخص مفضل عندك. في هذه الحالة عليك أن تتحلّى بالقوة والصبر والشجاعة، وأن تحاول الخروح من الحزن الشديد في أسرع وقتٍ ممكن.