سلام نفسى

أكثر من 10 صفات لاضطراب الشك

مرض الشك من الاضطرابات الشائعة والتي تُصنف بأنها نوعٌ من الاضطرابات العقلية التي تُعرف بالوسواس القهري، وهو من الاضطرابات التي تحتاج إلى علاج نفسي وسلوكي لما يُسببه من أذى نفسي لصاحبه وللمحيطين به. الشك قد يكون طبيعيًا إلى حدٍ ما، لكنه يتطوّر عند البعض ويقلب حياتهم إلى جحيمٍ بسبب الشك المتواصل الذي لا يهدأ، لهذا يعدّ من الاضطرابات الشخصية السلوكية صعبة العلاج، خاصة أنّ المصابين به يتصرفون بطريقة غريبة أحيانًا، وتُساورهم شكوك تخصّ أنفسهم والآخرين. فقد يُصابون بجنون العظمة وانعدام الثقة، ويشكّون في أبسط الأشياء من حولهم، ولا يثقون بأيّ شخص مهما كان قريبًا منهم. وفيما يأتي سنعرّف الشك من وجهة نظر نفسية وعلمية، وسنذكر أسبابه وطرق علاجه.

أنواع الشك

  • الشك الطبيعي: يستند هذا النوع إلى أدلة حقيقة، أي أنّه مبني على أساس ثابت وصحيح ويكون في الغالب في محلّه ويدحض الرأي الآخر، وهو شك إيجابي.
  • الشك الملازم للشخصية: هذا النوع يكون متأصلًا في الشخصية وسمة لها، لكن يمكن السيطرة عليه ولا يخرج للعلن، ويمكن توجيهه سلوكيًا.
  • الشك المرَضي: لا يستند هذا النوع إلى أيّ دليل أو إثبات، ويحتاج إلى علاج سلوكي ونفسي ودوائي، ويصفه علماء النفس بأنه اضطراب عقلي من أنواع الوسواس القهري، وهو شك سلبي.

أسباب اضطراب الشك

يبدأ اضطراب الشك بالتطوّر لدى المصابين به منذ الطفولة أو في بداية مرحلة البلوغ، وهو من الاضطرابات التي تنتشر بين الذكور أكثر من الإناث. ويُصيب مرض الشك 2.3% – 4.4% من الأشخاص في العالم، وله أسباب متعددة وتختلف من شخص إلى آخر ومن حالة إلى أخرى، وأهم أسبابه:

  • الجينات الوراثية: يرتبط هذا المرض بالعائلات، حيث تتوارث بعض العائلات اضطراب الشك من جيل إلى آخر.
  • استخدام الأسرة الأسلوب العنيف والتعسفي في التربية: بحيث يُسقط الشخص الذي يتعرض لهذا الأسلوب جميع الأنماط السلبية السلوكية التي تعرض لها على من يتعامل معهم.
  • عدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص لسببٍ معين: يمكن أن ينتج هذا عن الفشل الدراسي أو فشل العلاقات المتكرر أو عدم الرضى عن الشكل والمظهر أو العيش في ظروف الحرمان.
  • التعرّض لأزمات نفسية عميقة مثل: القلق والاكتئاب والضغط النفسي.

أعراض الإصابة بمرض الشك

يقول عالم النفس دينيس كومبس، مدير مختبر أبحاث الاضطرابات النفسية في جامعة تكساس: “يتسم اضطراب الشك بالميل القوي لإلقاء الضوء السلبي على تصرفات الآخرين الغامضة والمبهمة، خاصة التي تترك مجالًا لخلق العديد من التفسيرات، ولو افترضنا مثلًا أنك تسير في مكان عملك، بينما يمر أحد الزملاء دون إلقاء التحية. ما الذي سيخطر ببالك حينها؟ إذا فكرت بشكلٍ طبيعي، “فسوف تفكر بمنطق محايد نسبيا”، هو أنه ربما كان زميلك مشغولا بهاتفه، أو أنه لم ينتبه لوجودك، أما إن كنت مصابًا باضطراب الشك، قد تفكر أنه تجاهلك عن قصد”. ولهذا يُلاحظ على المصابين باضطراب الشك بأنهم يتخذون وضعية الدفاع عن أنفسهم طوال الوقت، والهجوم على الآخرين واتهامهم بتُهم غريبة لأنهم يعتقدون أنّ الآخرين لديهم مؤامرات ضدّهم ويُحاولون إيذاءهم. ومن أعراض الشك:

  • المشاعر غير الحقيقة التي تنتابهم وتجعلهم يعتقدون بوجود أحداث ليس لها وجود، وقد يدّعون حصول أقوال أو أفعال من الآخرين دون أن تكون قد حصلت فعلًا.
  • عدم قدرتهم على الاحتفاظ بصداقات مقرّبة لفترة طويلة، ونفور زملاء العمل والدراسة منهم.
  • عدم تصديقهم لكلام الآخرين ووعودهم، وعدم ثقتهم بأيّ أحد سواء من الأصدقاء والمقربين أو حتى   شريك الحياة.
  • تجنّبهم لمشاركة الآخرين أي معلومات شخصية خاصة عنهم لخوفهم منهم وعدم ثقتهم بأيّ أحد، واعتقادهم الدائم بأنّ الآخرين سيستغلّون أي معلومات ضدّهم.
  • خلق الحواجز مع الآخرين، وعدم مسامحة أي شخص يُخطئ في حقهم بسهولة.
  • الحساسية الشديدة تجاه النقد وعدم تقبله أبدًا.
  • وضع تفسيرات غريبة وغير منطقية لأقوال الآخرين وأفعالهم مهما كانت بريئة.
  • اعتقادهم الدائم بأنهم يتعرضون للخيانة من أحدٍ ما، قد يكون قريب أو صديق أو شريك الحياة.
  • سرعة الانفعال وردود الفعل السريعة المبالغ فيها والغضب الشديد.
  • الغيرة المفرطة على الأشخاص الذين يُحبونهم، وعدم رغبتهم في ان يقيموا أي علاقات مع غيرهم، وبرودة المشاعر عمومًا وتجنب تكوين العلاقات الشخصية في معظم الأحيان.
  • تجاهلهم لأخطائهم الشخصية وتركيزهم على أخطاء غيرهم لاعتقادهم الدائم بأنهم دومًا على صواب.
  • صعوبة الوصول إلى حالة الاسترخاء والهدوء.
  • العناد وكثرة الجدال والتصرف بعدوانية أحيانًا.
  • عدم تقبل الاختلافات بينهم وبين الآخرين.

تشخيص مرض الشك وعلاجه

يتم تشخيص مرض الشك بعد رصد الأعراض الظاهرة على المريض، كما يقوم الطبيب بمعاينة تاريخ المريض النفسي والدوائي، ومما يُصعب الأمر أنّ مرضى الشك في أغلب الأحيان لا يقتنعوا بأنّ لديهم مشكلة، ويُصرّون أن المشكلة تتعلق بغيرهم وليس بهم. لهذا يُشكل علاج مرض الشك تحديًا كبيرًا بالنسبة للأطباء والمعالجين النفسيين. يمكن أن يكون الشك قاتلًا للعلاقات، خاصة إذا كان بين الأزواج، ويُعدّ الشك مسؤولًا عن حوالي 60% من حالات الطلاق، لهذا فإنّ وجوده بين الأزواج من أكثر الأشياء السلبية التي يجب الوقوف عندها ومعالجتها ووضع حل نهائي لها قبل أن تُسبب ضياع الأسر وكذلك الشك بين الأصدقاء والزملاء. لذا، فالاتجاه للعلاج هو الخطوة المثالية التي يجب أن يخضع لها هذا الشخص المصاب بهذا الاضطراب. وأهم طرق العلاج:

  • العلاج النفسي: يلجأ فيه الطبيب النفسي لتدريب المصاب على بعض المهارات التي تُشعره بالتعاطف والثقة، بحيث تتعزز ثقته بنفسه وبالآخرين، ويتم تعليمه طرق التواصل الصحيحة ومهارات التكيّف والعلاقات الاجتماعية.
  • العلاج السلوكي الإدراكي: من أكثر الطرق الفعالة، حيث يتم تعليم المريض التحكم في ردود أفعاله وتقبل للآخرين وتعزيز ثقته بنفسه وبهم.
  • العلاج بالأدوية: من بين الأدوية التي تُستخدم في علاج مرض الشك: مضادات القلق والاكتئاب والأدوية المضادة للذهان والأدوية المهدئة.
  • زيادة الأنشطة الاجتماعية: تُساعد هذه الطريقة في زيادة تقدير المصاب لنفسه وزيادة ثقته بالآخرين، ومكافحة مشاعر الشك التي تنتابه لأن تعامله مع الآخرين سيساعده في إيجاد أعذار للأشخاص ولا يشك فيهم. يقول فريمان:  “أنت قد لا تعرف أبدا السبب وراء ضحك الشخص أو نظرته تجاهك، فلماذا تضيع الوقت في محاولة العثور على إجابة؟” وهذا في حدّ ذاته يجعل الشخص يقلل من شكوكه تجاه غيره.

يقول ديكارت في جملته الشهيرة: “أنا أشك إذا، أنا موجود”! الشك موجود في كينونة كل إنسان، وقد يكون الشك مفيدًا أو ضروريًا في بعض الأحيان، لأنه يُساعدنا في كشف الأخطار وكشف حقيقة الأشخاص واكتشاف الحقائق. لكن رغم هذا، يوجد خط فاصل ما بين الشك الطبيعي الضروري وما بين اضطراب الشك. لهذا يجب الموازنة في كلّ شيء، وأن يكون الشك مبنيًا على دليلٍ ثابت وليس لمجرّد انعدام الثقة بالجميع. فالشك قد يدمّر البيوت ويُنهي العلاقات ويؤدي لارتكاب الجرائم. لهذا فتوجيهه بالشكل الصحيح وعلاج الحالات الشديدة منه تعني إزالة الغشاوة عن قلب الإنسان ورؤية ما لا يُدرك خطورته من شك متواصل وغير منطقي بالآخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق