إدارة حياة

أسباب تكرار الخطأ

الأخطاء، شيء نتعلم منه ولكن نكرهه؛ شيء حتمي لتطورنا ولكنه مؤلم. جميعنا لا نريد الأخطاء ولكننا نرتكبها. وإن ارتكبناها لمرة أو اثنتين، فما من مشكلة. ولكن تكمن مشكلة وقوعنا في الخطأ في تكرارنا إياه دون تعلم أو تطور أو حتى أدنى اختلاف عن حدوثه مسبقا. وفقا لعلم الأعصاب والكهرباء الدماغية، فإنه مع كل عمل أو نشاط نقوم به، تخلق في أدمغتنا طرقا عصبية كهربائية جديدة ومع تكرار الخطأ عدة مرات، تعمق هذه المسارات فتخلق عادة جديدة في حياتنا. فما بالكم إن كان ذلك العمل أو النشاط أمرا خاطئ أو غير مستحب أو حرام، وماذا إن كنا نُضَمِّن فيه غيرنا، فنكون بذلك نضر أنفسنا وغيرنا.

هذا هو السبب نفسه في تلقينا الصدمات كما هي في علاقاتنا أو عملنا أو غيره. ولكن لحسن الحظ، نحن قادرون بالطبع على تغيير إدارتنا لهذا الأخطاء مهما كثرت ومهما تكررت، لأننا خلقنا هكذا؛ خلقنا لنتطور دائما مهما طال بنا العمر.

لتبدأ طريق التغيير علينا أولا أن نحدد المشكلة وأن نعلم أن تغييرها لن يحدث وحده وبتوجيهنا تفكيرنا وطاقتنا له فقط. بل التغيير يحدث عندما فعلا نتغير. إذا تذكرون فيلم أحمد حلمي ألف مبروك، ستعرفون أن الأيام دوما ستبقى كما هي وأن المتغير الوحيد فيها والذي له كل القوة في تغييرها فعلا هو تفكيرنا ورؤيتنا للعالم ولأنفسنا.

إليكم بعض الأسباب التي توقعنا في تكرار الخطأ كثيرا:

  • نحن لا نستمع حقا، وإن استمعنا نضع حجابا على عقلنا لألا نقتنع أبدا بكل ما يعارضنا
  • نحن متمسكين برؤيتنا فقط للأمور ولا نرى غيرها صحيحا، وكلما حاولنا البدء من جديد لا نفعل سوا ما فعلناه كل مرة.
  • طريقة تواصلنا مع الآخرين لا تعطي فرصا من الأساس للتعبير عن الرأي.
  • قد نكون متأثرين جدا بما مررنا به من قبل خاصة مرحلة الطفولة، فنردد ما تعلمناه دون التفكر فيه.
  • قد لا نحب المخاطرة والخروج عن المألوف، فنتجنب كل جديد أو نتجنب التغيير حتى ولو للأفضل.
  • قد نكون مفتقدين للتعاطف مع الغير ولا نحب سوى خدمة مصلحتنا.

إذا، ما العمل لنتفادى مثل هذه التوجهات ولنحاول التغير فعلا للأفضل. هنالك عدة استراتيجيات أهمها في بدايتها. من هذه الاستراتيجيات الآتي:

  • تجنب قول “لن أفعل هذ مجددا أبدا” لأنه ولغرابة الأمر لا ينجح في أغلب الأحيان. بل بالعكس، كن منفتحا للجديد ومقدرا لمحاولاتك التغير.
  • امدح نفسك على المحاولة وتوقع حدوث التغير تدريجيا لا في ليلة وضحاها.
  • طور مهارات تفيدك عند التحاور كمهارة قول “لا” عندما لا تستطيع القيام بأمر ما، وكمهارة الاستماع الحقيقي، ومهارة حسن اختيار الفرصة للتحدث، ومهارة التدليل على أفكارك، ومهارة إعطاء الغير فرصة لتوضيح تفكيره والتدليل عليه.
  • اقض بعض الوقت بعد كل حوار تنقد فيها كيف جرت طريقة التحاور. ولا تنقد نفسك أنت لا سيما بصرامة.
  • دائما كن مستعدا لاتباع أفكارا مختلفة إن كانت مقنعة، فروح الجاهزية تيسر على العقل الكثير وتمنحك الطاقة للعمل بسرعة.
  • فكر خارج الصندوق، واستتبع جذور طريقة تفكيرك ونمطها. هنالك مثال رائع لهذه النقطة وهو مثال التسع نقاط من نظرية التقارب الجشطالتية لبيرلز كوهلر فرتهيمر، التي تقول أن العقل تلقائيا يميل لتجميع الأمور ولو ناقصة ورسم صور ولو ناقصة. فإن وضعنا ثلاث نقاط في ثلاث سطور ليصبحوا تسعة، سيقوم عقلنا وحدة برؤية النقاط في هيئة مربع. بينما في الحقيقة، يمكن رسم مئات الأشكال من تلك النقاط وهن في مواضعهن غير المربع. ولكن يستسهل العقل البشري الصورة النمطية التي اعتادها منذ الصغر. لهذا تدرب على أن تفكر بالفعل خارج المألوف، فحتى إن كنت صحيحا، قد تجد من هو أصح منك، أو أسرع منك.
  • لا تضع نفسك في موضع الضحية، فتقول أنك لست المسيطر في وقوعك دائما في نفس الأخطاء. بل الأمر في يدك، ولكن التغيير طريق طويل، وبدايته خطوة صحيحة.

لعل ما ينقصنا خاصة في تربيتنا هو التدريب على التغيير والالتزام بخطة طويلة الأمد. إن كنا تعلمنا هذه الدروس منذ الصغر وطبقناها في نواح عدة، لكانت حياتنا أفضل بكثير. كما أننا إن وقعنا في موقف سيء، لا يتجه تفكيرنا في معظم الأحيان للتعلم منه أو للخروج منه بأقل خسائر، أو لمحاولة علاجها بطرق عدة ترضي كافة الأطراف المعنية. بل بالعكس، يتجه تفكيرنا في الأغلب إلى كيفية الخروج منتصرا، معتز الكرامة عوضا عن حل الأمر، فنركز عوضا على طريقة كلامنا وأسلوبنا وعلو صوتنا وغيره. لذلك، لنحاول تطبيق بعض استراتيجيات التغير تلك وممارستها خاصة أمام المسؤولون منها لإعطائهم الحرية والفرصة للتعلم بالمحاكاة ولكي لا نكرر أخطاءنا. ولا تنسوا أبدا، أننا لسنا أبدا كبارا على التعلم، فتلك حجة واهية، ويمكننا التغيير للأفضل دوما. و تكرار الخطأ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق