تربية واعية

أخطاء مجتمعية في حق الآباء!

قد يظن البعض أنهم، بالانفصال عن شركائهم، قد انفصلوا نهائيا وقطعيا عنهم، فلا يفكرون في التربية بعد الطلاق وماهيتها وحقوق الأبناء في تلك الفترة. ومن هنا ينشأ الطفل بمشاكل نفسية حتى وإن لم يتعرف عليها في بادئ الأمر. ولكنها حتما ستظهر له في فترات نضوجه. ولكن ماهو دور الأب

أهمية دور الأب:

على عجالة سنسرد لكم بعض النقاط عن دور الأب. الآباء متهمون بالإهمال في التربية والتهور وللأسف أيضا بصغر أهمية دورهم في التربية مقارنة بدور الأم. والأغرب أن الرجال أيضا يصدقون هذا، فتجدهم يسافرون بالسنين غير مكترثين أنهم في الحقيقة يضيعون على أنفسم فرص خلق رابط عظيم بينهم وبين أبنائهم: تلك الفرص لا تعوض أبدا، وتترك ندبات نفسية في الأبناء كما في الآباء وتظهر جلية مع تقدم العمر.

بعض الأخطاء المجتمعية ضد الآباء

  • الآباء مهملين ومتهورين في تربيتهم

الحقيقة أنهم ما يربون إلا باختلاف لا أكثر، وهذا الاختلاف ضروري ومطلوب. فعندما يرفع الأب ابنه الصغير في الهواء ويقع قلب الأم في الأرض، تتكون رابطة كبيرة بينه وبين ابنه عن طريق إفراز جسم كليهما هرمونات السعادة (الدوبامين والأوكسيتوسين) التي تجعل من تلك الموقف ذكرى لا تنسى ولا تستبدل.

تقول المحامية ماريلن يورك التي تختص بالدفاع عن الآباء عند الانفصال أنه في المحاكم يسأل القاضي الأمهات أسئلة لبرهنة حقهن فيحضانة الأولاد وتكون تلك الأسئلة عن درجات امتحانات أبنائهن وأسماء مدرسيهم ومدربيهم ومواعيد نومهم وملابسهم المفضلة، إلخ، ولكن يقف الأب دون إجابة في موقف بائس، وهو موقف لا يمحى من ذاكرته ولا ذاكرة أولاده. هل يعني هذا ان الآباء مخطئين أو مقصرين. تكمل المحامية وتقول إنه إن سئلت الأمهات عن نقاط قوى أولادهن وحلمهم عن المستقبل وما الذي يخيفهم تجاه مواجهة العالم لأجبن أجوبة ضحلة بينما ستكتب الآباء شعرا هنا.

هنا تكمن قوة دور الأب. الأب هو من يعلم الابن عن القوة الداخلية والخارجية وكيفية المواجهة ومجابهة الصعاب وذلك ليس بالكلام ولكن بالمواقف التي نصفها نحن النساء بالمندفعة والمتهورة. من أهم أدوار الأب في الصغر التي تشكل شخصية الأطفال هي عنصر التحدي الذي يقدمه. فالطفل دائما ما يريد أن يتحدى أباه وينافسه ويلاعبه بخشونه. هذه الأنشطة تساعد في تطوير شخصية الطفل وحبه للفضول والتعلم.

–      عدم الاهتمام بدور الأب في الإعلام والأدب ولكن ينصب الاهتمام جله  على تقصيره أو اختفائه. قالت الباحثة آنا ماتشن من جامعة أوكسفورد أنها لم تجد أي كتابات عن دور الآباء عوضا عن كتابات غياب الآباء.

  • الآباء لا يحصلون على رابط بيولوجي حقيقي مع أبنائهم

أتعلمون أن الحقيقة هي العكس تماما! فكما هناك رابط داخلي بين الأم والأبناء، يطور الأب صلة عميقة مع ابنه يهيؤها الله حتى في تكوينه الجسدي. فتجد أنه لدى كل من الوالدين تكبر حجم ناصية (مقدمة الدماغ) وهي المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرارات ليتمكنوا من اتخاذ قرارات أفضل لأولادهم.

بالإضافة إلى، تقوية الجهاز الحوفي (Limbic System) لدى الوالدين وهو المكان من المخ المسؤول عن المشاعر والاستعداد لردود الفعل السريعة استعدادا لحماية الطفل عند الخطر.

ومن عجائب تهيئة الله للزوجين قبل الإنجاب أيضا أن يجعل معدلات الأوكسايتوسين في جسد الزوج والزوجة متناغمين حتى يشعران بتواصل أعمق فيقدران على مواجهة تحديات التربية معا كفريق وهو ما يعرف باسم “التناغم السلوكي الحيوي”.

كما أن معدلات هرمون تستوستيرون دى الرجال تنخفض انخفاضا ملحوظا بعد الإنجاب لا يرجع لما كان عليه أبدا كما كان، وذلك لجعله أكثر إحساسا بالأبناء وأرق.

فكيف إذا لا يشكل الرجال صلة روحية مع أبنائهم!

ما هي إذا عقبات التربية بدون أب التي تنعكس على الأبناء

وفقا لإحصائية التعداد السكاني في 2017، كانت نسبة من تربوا بدون أب 30% من المجتمع المصري وإن كنتم لا تعرفون ما تبعتات هذا، دعونا نعدد لكم منها قليلا:

  • 90% من من عاشوا بدون أب كانوا يهربون من البيت أو المدرسة.
  • 63% منهم لديهم ميول انتحارية ومنهم فعلا من انتحر.
  • مشاكل نفسية لا حصر لها تمتد معهم طوال حياتهم.
  • عدم الرغبة في الزواج.
  • الاتكال على المرأة لأنها هي المربية الوحيدة ويستمرون في ذلك حتى بعد الاعتماد على حالهم وبدء حياتهم.

“الآباء هم المساهمون المنسيون في تطور الطفل” هذا ما قاله مايكل لام، المعالج النفسي المختص بعلاج الأطفال منذ 30 عاما عندما ذكر إيجابيات العيش مع الآباء والتي جاء منها:

  • التوازن النفسي
  • عدم تهميش دور الرجل والتربية على الانحياز الأعمى
  • الحصول على قوى إدراكية وحركية أكبر، وصحة نفسية وجسدية أفضل، وقدرات على حل المشكلات
  • تنمية الفضول والتعاطف والثقة في النفس، وغيرها الكثير الكثير.

هذه الاستنتاجات موجودة وموثقة منذ عقود ولكن ما من أحد يأبه.

أتعلمون أنه منذ الستينيات إلى 2016 تضاعفت أعداد الأطفال بدون آباء ثلاث مرات تقريبا وذلك لنسبة الطلاق المخيفة المنتشرة والآخذة في التزايد! أتعلمون أنه في فنلندا تمنح الحكومة الآباء إجازة رعاية طفل وفي كويبيك أيضا وتكون ممولة بالكامل ولمدة 9 أسابيع. ويأخذونها الآباء وتتزايد نسبة اعتمادها بالضعف سنويا وهذا إن دل، فيدل على رغبة الآباء فعلا في الوجود مع أبنائهم لا التخلي عنهم كما نظن دائما. أتعلمون أننا لا بد أن نعز دور الأب وندعمه بدلا من مهاجمته، وهذا كله سيعود بالنفع على أطفالنا ومستقبلهم أي مستقبل بلدنا. خلقنا الله في توازن بيئي ونفسي وحيوي لنكمل لا لنهمش بعضنا. فلنحاول إذا، العمل على إرجاع التوازن لحياتنا وحماية أطفالنا من مشاكل كثيرة نحن في غنى عنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق