أحلام اليقظة اضطراب تعانيه ولا تدري
أحلام اليقظة… اضطراب تعانيه ولا تدري
هل سافرت يومًا إلى بلاد الأحلام والعجائب دون أن تبرح مكانك؟!
هل جبت الأرض شرقًا وغربًا؛ في الغابات والطرقات، وعبرت البحار والأنهار، وتسلقت الجبال والأشجار وأكلت أشهى الثمار؟!
هل كنت يومًا قائدًا مغوارًا لجيش جرار، تضرب بسيفك البتار فكسرت شوكة استعمار؟! بل ربما حررت بلدان وحققت أحلام شيوخ وغلمان!
هل وضعت الخطط الاستراتيجية والحلول الجهنمية، فجعلت من بلادك أمة عالية، أهدافها سامية، في المساء وأنت على موعد مع امتحان نهاية الفصل الدراسي صباح اليوم التالي؟!
هل.. وهل.. وهل..؟ تسأل نفسك بلا نهاية عن قصص أنت بطلها الخارق، تحقق فيها إنجازات بعيدة عن واقعك؛ إنها -يا صديقي- أحلام اليقظة.
هلم بنا نجوب معًا في رحلة صغيرة داخل هذا المقال لنتعرف إلى أحلام اليقظة وأسبابها وأضرارها وكيفية التعامل معها بأسلوب سليم، كي ننجو من عواقبها إن ساءت الأمور.
مفهوم أحلام اليقظة
يتلخص مفهوم أحلام اليقظة في أنه هروب مؤقت وانتقال بالعقل من العالم الواقعي إلى عالمٍ افتراضي تحدد معالمه وأحداثه وأشخاصه وزمانه ومكانه بكامل إرادتك. وقد تصل إلى حد الاضطراب النفسي!
تعد أحلام اليقظة ضرب من الخيال يحفزه ماضٍ مررتَ به وما زال عالقًا في ذهنك، أو مستقبلٌ لم تمر به بعد ولكن تحب أن يسير وفقًا لسيناريو معين في رأسك.
ينتشر هذا النوع من الأحلام لدى الأطفال والمراهقين أكثر منها لدى البالغين، وهي أمر طبيعي يلازم معظم الناس. إذ يبدأ حلم اليقظة عند الأطفال -في بعض الأحيان- قبل سن الثالثة.
يقول علماء النفس إن هيئة أحلام اليقظة لدى الأطفال تنعكس على هيئة مستقبلهم في الكبر، فحلم اليقظة الإيجابي السعيد المليء بالإنجازات والنجاحات عادة ما يكون كذلك في الكبر، وفي الغالب يتمتع هؤلاء الأشخاص بالتفكير الإبداعي والقدرة على حل المشكلات. أما أصحاب الأحلام السلبية المليئة بالخوف والكوارث والأحداث السيئة، فعادة ما تنعكس بالقلق والإحباط في الكبر. وتظل أحلام اليقظة على هذا المنوال حتى بلوغ سن العاشرة، الذي يبدأ الطفل بعده في استيعاب هذه الأحلام.
أسباب أحلام اليقظة
في الواقع لم يتوصل العلماء إلى سبب واضح لأحلام اليقظة، إلا أنه ظهرت فرضيات بتفعيل ما يسمى ب “شبكة الوضع الافتراضي” كنتيجة لعدم وجود محفز خارجي لتنشيط الحواس، أو عندما يكون المخ في حالة استرخاء.
تتأثر دورات أحلام اليقظة بالدورات البيولوجية للجسم كدرجة الحرارة ومستويات الهرمونات في الجسم. وقد افترض علماء النفس أن متوسط المدة الزمنية بين تعرض الإنسان إلى حلم يقظة وآخر يليه حوالي 90 دقيقة، وتكون ذروتها في فترة الظهيرة حتى الساعة الثانية مساء. ويُعد حلم اليقظة مؤشرًا لوجود بعض الاضطرابات النفسية والعقلية مثل: الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
خطورة أحلام اليقظة
سبق أن ذكرنا أن أحلام اليقظة أمرٌ طبيعيٌ في تركيب دماغ الإنسان، فكيف من الممكن أن تصبح أمرًا خطِرًا؟!
أولًا، علينا معرفة أن حلم اليقظة مفيدة إذا استخدمت بشكل صحيح. فعلى سبيل المثال يُنصح الرياضيون -وخاصة ممارسو الألعاب القتالية- بتخيل أنفسهم في مواجهة خصوم من وحي الخيال، كنوع من المحاكاة لما يحدث على أرض الواقع فيما يُعرف ب “Teach way”. كما يُنصح بها أيضًا رجال المباحث من الشرطة وأهل الأعمال الإبداعية كالكُتاب والصحفيين ومصممي الأزياء وغيرهم.
أما عن خطورة أحلام اليقظة، فإنها تكمن فيما يأتي:
- خروج أحلام اليقظة عن طبيعتها المعتادة: من مجرد تخيل لدقائق معدودة إلى إطالة العيش فيها، كأن يصل الحلم إلى عدة ساعات وربما صار كمسلسل له حلقات تمتد لأيام وأيام.
- التفاعلُ مع هذه الأحلام بالكلام والحركات والتعبيرات المختلفة.
- تأثير حلم اليقظة في الروتين اليومي لحياتك وتداخله مع أوقات طعامك وجلوسك مع أسرتك.
- تأثير حلم اليقظة في أداء المهام اليومية كالدراسة والعمل.
ومن ثم تكون قد وضعت قدميك على بداية طريق اضطراب أحلام اليقظة وما قد يعقبه من اضطرابات نفسية أو عقلية كالاكتئاب والقلق واضطراب الوسواس القهري (OCD) واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قد يصبح أكثر خطورة في حال كان تمثل حلم اليقظة في تخيل أسوأ الأحداث والعواقب الكارثية للأمور فتتمكن منك هذه الأفكار إلى حد الوصول للأفكار الانتحارية.
علاج أحلام اليقظة
ربما أثرت أحلام يقظتك في حياتك سلبًا، حتى أصبحت تواجه مرارة الفشل يومًا بعد يوم، بينما ما زالت لديك طاقة متفجرة من الأهداف التي تود تحقيقها ولكن دون أدنى سعيٍ منك على أرض الواقع.
لذا إليك من “فنور” بعضٌ من النصائح والخطوات التي تساعدك على التخلص من أحلام يقظتك:
- لا تسترسل في أحلام يقظتك، واجعل لها مدة محددة تقل تدريجيًا بمرور الوقت.
- تحكم في حلم يقظتك واجعل منه سببًا إيجابيًا يدفعك إلى التقدم.
- استبدل بالانتصار والنجاح ونشوتهما في حلم يقظتك الصعابَ التي قد تواجهك حتى تصل إلى هذا النجاح وكيفية تخطيها.
- توقف عن التفاعل مع حلم يقظتك باللسان أو الجسد.
- إذا بلغتَ مرحلة الاضطراب النفسي -كما أوضحنا أعراضها-، فعليك زيارة الطبيب النفسي على الفور.
ختامًا عزيزي القارئ…
لا تدع نفسك عرضةً لاضطراب أحلام اليقظة. كن ذا قوة وتحكم بقواك العقلية وأحلامك؛ وسر بخطىً ثابتة نحو هدفك على أرض الواقع، ولا تَعلَقْ بأحلام وتخيلات وهمية تؤخرك عن نجاحاتك الحقيقية.